غزة - أ ف ب - مع مواصلتها اطلاق الصواريخ على اسرائيل من غزة، تتحدى جماعات جهادية سلفية صغيرة حركة «حماس»، التي تسيطر على القطاع وتسعى الى الحفاظ على هدنة غير معلنة مع الدولة العبرية. وعلى رغم قلة عدد اعضائها، تزعج هذه الجماعات القريبة فكرياً من «القاعدة»، حركة «حماس» بإطلاقها الصواريخ التي عادة ما ترد عليها اسرائيل بشن غارات على القطاع. وتؤكد «حماس» وجود توافق مع بقية الفصائل على عدم اطلاق الصواريخ في اطار تهدئة تسعى للحفاظ عليها منذ انتهاء الهجوم المدمر الذي شنته اسرائيل على غزة بين نهاية 2008 وبداية 2009. الا ان المجموعات السلفية لا تعير هذه التهدئة اي اهتمام وتواصل اطلاق الصواريخ على جنوب اسرائيل بشكل متقطع. وبدأت العلاقة بين «حماس» والسلفيين تتأزم بعدما قتلت قوات الأمن التابعة للحركة قائد جماعة «جند انصار الله» السلفية عبد اللطيف موسى مع 24 من عناصره خلال اشتباكات في مسجد في مدينة رفح جنوب القطاع في آب (اغسطس) 2009 بعد اعلانه قيام امارة اسلامية في غزة. ويقول ابو البراء المصري، احد ابرز قادة الجماعات السلفية لوكالة «فرانس برس»، «منذ الهجوم على مسجد ابن تيمية والعلاقة مع حماس في توتر واضح. منذ تلك اللحظة نعاني ويلات الملاحقة والاعتقال وتهديد أهالينا لكي نسلم انفسنا». لكن طاهر النونو، المتحدث باسم حكومة «حماس»، ينفي هذه الاتهامات مؤكداً ان الحكومة «تحترم كل من يعمل في اطار فكري معين طالما يعمل في اطار القانون العام والتفاهمات الفلسطينية». ومن ابرز الجماعات السلفية في القطاع «جند انصار الله» و»جيش الإسلام والتوحيد والجهاد» الى جانب «جيش الأمة» و»أنصار السنة»، ووفق ابو البراء فإنه «ليس هناك ادنى تناقض بين تلك التشكيلات» ايديولوجياً. ويتهم ابو حمزة المقدسي، القيادي في جماعة «انصار السنة» الحركة «بإفشال جهود مكثفة لتوحيد الجماعات السلفية». وعن الاختلافات بين نهج هذه المجموعات وذلك الذي تتبعه حماس يؤكد القدسي ان «اوجه الاختلاف كثيرة لكن لا نسعى لتكفيرها (حماس)، فهذا ليس من ديننا، نحن نعتبر ان تطبيق الشريعة الإسلامية من الأمور الضرورية». ويوضح «نحن مع الحجاب الكامل ومع منع التدخين وإقامة الحد كبداية لإقامة امارة اسلامية، لكن حماس تعتبر ذلك ليس من منهجها». ويذهب المقدسي ايضاً الى حد اتهام «حماس» بالتلاعب في مبادئها بقوله ان»نهج الإخوان المسلمين الذي تتبعه حماس يعتمد على قاعدة تخصهم وهي ان الفتوى تتغير بتغير الحاكم». ويقول في هذا الصدد ان «حماس الآن تعد الحكومة او الضابطة للأوضاع في غزة وما كانت تحرمه سابقاً هو ما تمارسه الآن لكن بطرق مختلفة و ملتوية»، في اشارة الى منعها اطلاق صواريخ حالياً بينما كانت سابقاً تندد بالسلطة الفلسطينية لمنعها ذلك. ويوافقه ابو البراء المصري الرأي مؤكداً ان «ملاحقة حماس تؤثر فينا سواء في ارض الميدان كاعتقال وملاحقة المجاهدين خلال تنفيذ مهمات جهادية او خلال الحياة الاعتيادية من اقتحام المنازل بشكل همجي وعشوائي». ويتهم حماس ب «اعتقال المجاهدين وتعذيبهم»، موضحاً انه «لا يتم تعذيب العملاء (المتعاملين مع اسرائيل) بقدر ما يتم تعذيب المجاهدين لأنهم يطلقون الصواريخ». ويؤكد ان عدد السلفيين في القطاع «يتجاوز المئات» بينما عدد معتقليهم لدى حماس يتجاوز «130 مجاهداً». ويرد النونو على ذلك بالقول «لا يوجد لدينا اي معتقلين سياسيين او لانتمائهم للجماعات السلفية، ولم نقم باعتقال اي شخص على خلفية اطلاق الصواريخ او على خلفية المقاومة بشكل عام». لكن الشاب ابو جعفر (27 سنة) الذي ينتمي الى احدى الجماعات السلفية يؤكد ان ملاحقة امن حماس له دفعه للتنكر لزيارة والده المريض. ويقول «اشتد المرض على والدي المريض بالسرطان في المستشفى ووصلني الخبر عبر احد الوسطاء، فقمت مع اثنين من الإخوة بالتخفي بملابس نسائية ونقاب لزيارته. تمكنت بصعوبة من الدخول الى المستشفى وقمت بزيارته لمدة خمس دقائق فقط». واغتالت اسرائيل اخيراً عضوين بارزين في جماعة «جيش الإسلام» متهمة احدهما بالتخطيط لخطف اسرائيليين في سيناء والآخر بالتورط في اعداد هجمات ضد الإسرائيليين. وعن علاقة السلفيين في غزة بتنظيم «القاعدة» يرفض ابو البراء المصري اعطاء اي تفاصيل لكنه يؤكد «اننا مع اخواننا في هذا التنظيم بقيادة الشيخ اسامة بن لادن». ويوضح المقدسي «ليس هناك تواصل مباشر في الوقت الحالي». الا انه يعترف بأن «هناك تواصلاً لبعض التشكيلات مع شخصيات دون تنسيق كامل في المواقف او العمل العسكري او حتى الدعم».