بعدما تجنب لبنان المواجهات السياسية حول التمديد للمجلس النيابي بتأجيل انعقاده لمدة شهر واحد، ينتظر اللبنانيون أن تتكثف الاتصالات والمشاورات للتفاهم على صيغة انتخابية تمهد لإقرار قانون جديد للانتخاب تجرى على أساسه الانتخابات النيابية. وأعرب رئيس الجمهورية ميشال عون عن ارتياحه إلى ردود الفعل التي صدرت عن القيادات السياسية ومختلف الهيئات الشعبية والنقابية، بعد القرار الذي اتخذه بتأجيل انعقاد المجلس استناداً إلى نص المادة 59 من الدستور. وأمل بأن تكون المهلة التي أتاحها قراره، «فرصة إضافية يتم خلالها الاتفاق على قانون جديد للانتخابات يجسد تطلعات اللبنانيين وآمالهم». وقال عون أمام زواره أمس: «سيكون للبنانيين قانون انتخابي جديد، كما التزمت في خطاب القسم، وأنا على ثقة بأن القيادات المعنية سوف تكثف اتصالاتها واجتماعاتها للوصول إلى مثل هذا القانون الذي يحفظ مصلحة لبنان واللبنانيين من دون أي تمييز في ما بينهم، ويفسح المجال أمام إجراء الانتخابات النيابية في المواعيد المناسبة في أجواء من الحرية والديموقراطية». ورأى رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة، أن «الرئيس عون احترم الدستور واستفاد من السانحة التي توفرها المادة 59»، متمنياً أن «تكون مهلة الشهر المعطاة، لدراسة متأنية للفرص المتاحة». وفيما اعتبر رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط أن «مجرد الحديث عن تأهيل انتخابي على صعيد طائفي هو إلغاء للشراكة»، فإن «لقاء الجمهورية» الذي رحب «بقبول غالبية القوى باعتماد النسبية بعد سقوط التمديد والقانون المركب»، نبه «من خطورة تشويه صورتها الدستورية- المدنية ب «التأهيل الطائفي»، الكفيل بضرب قيمتها، وبجعل أسوأ القوانين الأكثرية أكثر وطنية من إجبار السواد الأعظم على العودة إلى المربع الطائفي والقوقعة المذهبية، وحرمان البقية المتبقية منهم (الأقليات المناطقية)، من المساواة، خلافاً للدستور». وثمن «اللقاء»، في بيان «العودة إلى الكتاب، والتعاطي المرن بين السلطات الدستورية لسحب فتيل أي مواجهة محتملة في الشارع نتيجة تصوير الحائط الانتخابي غير المسدود، وكأنه اشتباك بين مسيحيين ومسلمين في 13 نيسان/ أبريل 2017، وهذا ما لا يجب التسليم به أو رفده بأي فرصة تحت أي ظرف». واعتبر «أن المهلة أصبحت كافية لينكب مجلس الوزراء على درس الخيارات المطروحة ومشاريع القوانين، بدلاً من تطاير المشاريع الناتجة من لقاءات ثنائية أو ثلاثية أو رباعية، لا تأخذ في الاعتبار دور مجلس الوزراء، وهو المكان الطبيعي للنقاش واجتراح الحلول على أسس دستورية لا تعتمد التمييز بين لبناني فئة أولى وآخر مرتهن أو مسلوب الحق». وغرد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عبر «تويتر» قائلاً: «الويل لذلك الإنسان الذي يسلمه... كم من يهوذا كان سيسلم اللبنانيين إلى التمديد في ذكرى يومهم المشؤوم في 13 نيسان لولا تأجيل الرئيس الجلسة!». «طرح باسيل كاد ينسف التوافق» وأوضح عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر «أننا كنا قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى صيغة مشتركة، لكن تفاجأنا الاثنين بوضع الوزير باسيل شرطاً جديداً، بحيث طرح موضوع مجلس الشيوخ، ما هدد بتفجير قانون الانتخاب، من هنا اضطر الرئيس بري وهيئة المكتب للاجتماع، كخطوة احترازية ولإفساح المجال لمخرج من الفراغ إذا تعذر التوافق، ولتجنب اللجوء إلى المادة 59 في آخر نيسان (آبريل) ما يهدد بالفراغ». ولفت إلى أن «هذه الدعوة حرّكت المساعي وضاعفت الجهود للتوصل إلى مخرج ينقذ البلاد من الفراغ». وأشار إلى أن «الاتفاق أفضى إلى الاقتراح الذي ينص على إجراء الانتخابات على مرحلتين، الأولى تأهيل وفق الأرثوذكسي الأكثري على مستوى القضاء، والثانية على أساس النسبية الكاملة على عشر دوائر، وبعض النقاط العالقة يمكن حسمها خلال التصويت في المجلس». وأكد أن «الجو تغير بعد تسوية الأمس والقانون سيقر قريباً، وقد تقصر مدة التمديد وفقاً للضرورات اللوجستية، ومجلس الوزراء سينكب على درس الصيغة وتبديد تساؤلات بعض الكتل المعترضة، لحصد أكبر توافق ممكن». ورأى عضو كتلة «الكتائب» النائب إيلي ماروني أن «الفرصة التي أعطاها رئيس الجمهورية يجب أن تكون الأخيرة للتوصل إلى قانون جديد». ولفت إلى أن «التيار الوطني الحر وتّر الشارع اللبناني، وكاد يطيح الوفاق الوطني ويشعل حرباً أهلية مسيحية - إسلامية». المشنوق: سهّلنا المبادرات والحريري فتح المناقشة الإيجابية اعتبر وزير الداخلية اللبنانية نهاد المشنوق أن قرار رئيس الجمهورية ميشال عون تأجيل الجلسة التشريعية لمدة شهر والتي كان على جدولها اقتراح التمديد «فرصة كافية للتوصل إلى نتيجة منطقية وعادلة». وأشار إلى أنّ الفريق السياسي الذي ينتمي إليه «لم يكن جزءاً من الصراع والمواجهة بل هو سهَل كلّ المبادرات والمشاريع». وقال في حفلة تكريم المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص ممثلاً رئيس الحكومة: «الرئيس سعد الحريري فتح بابه وعقله لكل ما يمكن أن يُعرض عليه. لم يكن هناك رفض مسبق أو موافقة مسبقة لأيّ مشروع، وافق على النسبية والتقسيمات الإدارية، كما وافق على كل ما تم التحدث فيه، من دون الالتزام، إلا إذا كانت هناك صيغة نهائية وبموافقة الجميع، لكن فتح المجال للمناقشة الإيجابية في كل المواضيع». وحضر حفلة التكريم التي دعا رئيس جمعية رجال الأعمال اللبنانية الهولندية محمد خالد سنّو في دارته، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري ونواب وسفراء وشخصيات. ونوه المشنوق بإنجازات المحتفى به لجهة «تطوير وتحديث أجهزة عدة في قوى الأمن، وبدأنا معه الإعداد لخطّة خمسية هدفها تحديث قوى الأمن وسنستكملها مع اللواء عماد عثمان. وشهدت ولايته عمليات أمنية استباقية ناجحة، فكّكت شبكاتٍ عدة قبل تنفيذ عملياتها، وأوقفت انتحاريين قبل تفجير أنفسهم. كانت ولايته هادئة أمنياً، بعمله وإدارته الرشيدة، وحرص على جعلها «نظيفة» إدارياً». وقال: «سيُسجَّل في تاريخ قوى الأمن أنّ اللواء بصبوص كان رمزاً للجدية والنزاهة والشفافية وعنواناً لمدرسة المسؤولية».