بكين - شينخوا - جعل معدل النمو الاستثنائي والفائض التجاري الكبير والسلع المنخفضة التكلفة، من الصين هدفاً رئيساً للحمائية التجارية المتزايدة في السنوات الأخيرة. وظهر اتجاه جديد يتمثل، فضلاً عن المنتجات المنخفضة الجودة، في أن صادرات الصين من منتجات التكنولوجيا المتطورة تشجع على تزايد الخلاف التجاري. وقال المحلل في معهد الاقتصادات والسياسات العالمية التابع لأكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية، (أكبر مراكز البحوث في البلاد) تشانغ يوي يان: «ان الاقتصادات الرئيسة حولت تركيزها الى صناعات جديدة، مثل الطاقة الجديدة منذ بداية الأزمة المالية، سعياً وراء إثبات دورها الرائد في الاقتصاد العالمي». وتوقع أن تعاني الصين من خلافات متزايدة حول منتجات التكنولوجيا المطورة، نتيجة التنافس العالمي المكثف لقيادة الاقتصادات الجديدة. وأجرى الاتحاد الاوروبي تحقيقاً حول بطاقات بيانات مستوردة من الصين في 16 أيلول (سبتمبر) الماضي، شمل منتجات قيمتها 4.1 بليون دولار. وهي المرة الأولى التي يجري فيها تحقيقات في شأن مكافحة الإغراق والحماية، وفي الوقت ذاته ضد المنتجات الصينية الصنع. فضلاً عن ذلك، قررت الحكومة الأميركية في تشرين الاول (أكتوبر) الماضي إجراء تحقيق في شكوى من عمال اتحاد «يونايتد ستيل» الاميركي، أكدت أن الصين قدمت اعانات الى صناعاتها للطاقة النظيفة، ما يخالف قواعد منظمة التجارة العالمية. وأدى ذلك الى تراجع كبير لفرص العمل في الولاياتالمتحدة. وأوضح تشانغ «ان جهود الصين لتسريع تحسين الصناعة واعادة هيكلتها تعني احتمالات أكثر لنزاعات تجارية مع الدول الاجنبية في مجال الصناعات المتقدمة». واستهدف التحقيق الاميركي لمكافحة الدعم شركة «سونتك» الصينية القابضة لتوليد الطاقة الشمسية، التي أنتجت غيغاوات واحداً عام 2009. وصرح مدير علاقات المستثمرين فيها تشانغ جيا مين الى وكالة «شينخوا»: «ان نجاحنا جاء نتيجة للابتكار التكنولوجي والإنتاج الشامل والسيطرة على التكلفة. ولم نتلق أية إعانات من الحكومة». حتى وزير الطاقة الأميركي ستيفن تشو، أعلن في بيان الاسبوع الماضي في واشنطن، أن نجاح «سونتك» لم يكن «بسبب اليد العاملة الرخيصة»، بل نتيجة تبنيها نماذج ذات كفاءة أعلى وتكلفة أقل. وتعَد التكنولوجيا الخضراء قطاعاً مهماً جداً، اذ رأى الرئيس الاميركي باراك اوباما في مناسبات عدة، أنها ستكون محركاً يدفع خلق فرص عمل في المستقبل. قال البروفيسور في جامعة الاعمال والاقتصاد الدولية تشانغ جيون شنغ: «في حين تعمل دول مثل الولاياتالمتحدة على التقدم الى موقع الريادة في قطاع التكنولوجيا النظيفة، فمن المرجح أن تضع حواجز لصادرات التكنولوجيا الصينية المتقدمة». وأعرب تشانغ يونغ مدير قسم «التجارة المنصفة» في مصلحة التجارة في مقاطعة تشجيانغ الشرقية، عن اعتقاده أن اطلاق تحقيقات في شأن مكافحة الإغراق، ومكافحة الإعانات ضد الصين من قبل دول اجنبية، له أيضاً دوافع سياسية. واقترح الخبراء نقل تلك الأعمال الى بلدان اخرى مثل فيتنام والهند، بهدف الحد من الخلافات التجارية، التي ازدادت بين الصين والدول الغربية بحيث غطت كل شيء من المنسوجات الى المواد الكيماوية، على رغم انحسار تداعيات الأزمة المالية. غير أن أفضل أسلوب لتجنب الصين تلك الخلافات التجارية، بحسب الخبراء، هو اعادة التوازن الاقتصادي، والتحول من اقتصاد يعتمد على الصادرات، الى نموذج اقتصادي مدعوم بالاستهلاك المحلي. وقد تعهدت الصين توسيعَ الطلب المحلي والولوج الى مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي، الذي يدعمه الاستهلاك والاستثمار والصادرات، بحسب اقتراح لتبني الخطة الخمسية ال 12 (2011 - 2015) للاقتصاد والتنمية الاجتماعية.