600 تخصص بالكليات التقنية والمعاهد في عام 2024    31 مليار ريال قيمة شراء طاقة متجددة    موجز    خلفت 50 قتيلاً وعرقلت جهود الوساطة.. 150 غارة إسرائيلية على غزة    جدل حول تصريحات المبعوث الأمريكي.. الجيش اللبناني: لا مسلحون في المناطق الحدودية مع سوريا    بعد انتهاء أزمة «الغواصات».. استئناف التعاون الدفاعي بين فرنسا وأستراليا    تشيلسي بطلًا لمونديال الأندية    فريق "VK Gaming" بطلاً لمنافسات لعبة "Apex Legends" في كأس العالم    11 لاعباً سعودياً يشاركون في بطولة العالم للبلياردو بجدة    القيادة تهنئ رئيس الجبل الأسود بذكرى اليوم الوطني لبلاده    "تقويم التعليم": بدء التسجيل لاختبار القدرة المعرفية    مركز المصالحة يعزز ثقافة التسوية الودية    القبض على 21 مهرباً ومروجاً في عسير وجازان    عرض«روكي الغلابة» 30 يوليو    تدشين الخطة الإستراتيجية "المطورة" لرابطة العالم الإسلامي    لتعريف الزوار ب«الأثرية».. جولات إثرائية لإبراز المواقع التاريخية بمكة    المحتوى الهادم.. يبدأ بحجة حرية التعبير وينتهي بضياع القيم    حكم قضائي مغربي ضد WhatsApp    100 مليون مشاهدة في يوم    ترجمة مسرحية سعودية للغتين    الكركديه من مشروب تراثي إلى ترند في مقاهي جدة    القهوة تقلل خطر الإمساك    مسارات صحية تحذيرية تؤدي إلى الخرف    أمير الشرقية يستقبل سفير جورجيا    مستجدات القطاع الصحي على طاولة نائب أمير حائل    35 مليوناً.. ترسم خريطة وطن    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 97 شهيدًا    .. "وهيئة الشورى" تحيل 10 موضوعات إلى جدول أعمال المجلس    استعراض البرامج والمبادرات المجتمعية في الطائف أمام سعود بن نهار    توقيع عقد صيانة شوارع الفوارة بأربعة ملايين ريال    الملك سلمان للإغاثة يواصل مشروعاته الإنسانية في الدول الشقيقة    فرصة نيويورك    «جامعة نايف الأمنية» تحصد اعتماداً فرنسياً في عدة برامج    «إثراء» يمتّع الصغار بفعاليات متنوعة.. وحرارة الطقس تزيد الإقبال على «المولات»    25 % حد أعلى لنسبة مجموع استثمارات "صناديق السوق" في جهة واحدة    240 ألف مستقل وعميل في منصة العمل الحر    4 مليارات ريال تداولات الأسهم    فيصل بن مشعل يتسلّم تقرير مزادات الإبل وفعاليات يوم التأسيس في ضرية    فيرمينو يرتدي قميص السد    الاتفاق يعلن ضم «جوهرة الأولاد»    أمير نجران يدشن مبادرة "صيّف بصحة"    في حال اعتذاره.. من يعوض الهلال في كأس السوبر    الاتحاد يضم عدنان البشرى من الأهلي    قصر علياء الأثري يبرز من بين الرمال كشاهد على طريق الحج القديم    عندما تُذكر "الإبادة" كنتيجة "منطقية" للحرب    يدور الوقت وابن ادم يعيش بوقته المحسوب    "الشؤون الإسلامية" تطلق الدورة العلمية لتأهيل الدعاة في بنجلاديش    فرنسا تعتمد برامج جامعة نايف    مستشفى الأفلاج العام يقدّم أكثر من 100 ألف خدمة صحية في 6 أشهر    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    أمير القصيم يستقبل محافظ ضرية ويتسلّم تقريري مزادات الإبل وفعاليات يوم التأسيس    ورشة عمل وصالون ثقافي في مكتبة الملك عبدالعزيز احتفاء ب"عام الحرف 2025"    كوكب زحل يصل اليوم إلى نقطة الثبات    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    إطلاق مشروع "صيف زهر" للفتيات في مدينة أبها بنسخته الرابعة    هنا السعودية حيث تصاغ الأحلام وتروى الإنجازات    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضجة حول الزواج المبكر في لبنان
نشر في الحياة يوم 13 - 04 - 2017

يدور كلام في لبنان على الزواج المبكر، إثر دعوة أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، إليه. وتناولته تعليقات صحافية عدة. وأطلق حزب «القوات اللبنانية» حملة «ما تقطفا (لا تقطفها) قبل وقتا (وقتها)» رداً على الدعوة هذه، وقدّم النائب إيلي كيروز مشروع قانون لحماية الأطفال من الزواج المبكر، وتحديد سن الزواج ب18 سنة. وليس في شعار الحملة هذه «تسليع للمرأة»، على نحو ما كتب كثر على صفحات «فايسبوك». فالمُقابلة بين المرأة والأرض الخصبة، والثمار والأولاد، هي من أقدم الصور وتعود إلى زمن الأساطير القديمة. وثمة ناشطات «فايسبوكيات» رأينَ أن هذا الإعلان يصادر حق المرأة في الاختيار والمبادرة. فهي ليست ثمرة في المتناول تُقطف ساعة يشاء الرجل، بل هي من يختار القرين ومصيرها. وكتبت ميرا فاضل وهي محامية في الثلاثين من العمر: «الفتاة لا تُقطف، والفتاة لا يُحدد لها وقت وزمن قطفها. لا هي وردة ولا هي ملك حدا (أحد) ليقطفها». ولكن هذا الطعن يغفل أن الطفلة ليست صاحبة مبادرة ولا اختيار، على خلاف الشابة الراشدة.
والدعوة إلى مثل الزواج هذا لم تأتِ إثر انحساره فحسب (قبل 20 عاماً بلغت نسبة المتزوجات في سن بين 15 و19 سنة، 5،6 في المئة وهي تدنّت في الأثناء من غير شك)، وفق تقرير «الأوضاع المعيشية للأسر في العام 1997» الصادر عن إدارة الإحصاء المركزي اللبناني.
ولاحظ التقرير «أن الزواج المبكر لا يزال شائعاً في مناطق دون غيرها، لا سيما تلك التي يغلب عليها الطابع الريفي. وتبلغ نسبة المتزوجات في الفئة العمرية 15-19 في لبنان الجنوبي 7،8 في المئة في مقابل 2،6 في المئة في بيروت». وثمة مبالغة في وصف نسبة 7،8 في المئة من الزواج المبكر ب «الشائعة». وهو كذلك مبكر نسبياً، فمعدّله الأدنى 15 سنة، وهو متدنٍ قياساً إلى متوسّط سن الزواج في أوساط النساء في لبنان، الذي بلغ نحو 31 سنة في بيروت، و29 سنة على مستوى لبنان.
وتتزامن هذه الدعوة مع تأخّر معدّلات سن الزواج الأول وبروز العزوبية في أوساط النساء، ومحو الأمية في شريحة الشابات البالغات بين 15 و24 سنة (99،1 في المئة في 2007، دائرة الإحصاء المركزي)، وتشكيل النساء 55 في المئة من الجامعيين (دائرة الإحصاء المركزي في 2012)، وتدنّي الخصوبة، و «تأنيث الهجرة» (ارتفاع نسبة النساء من مجمل المهاجرين إلى 46،6 في المئة، وفق دراسة نشرت في 2013 صادرة عن مركز سياسات الهجرة («الحياة»، 1/5/2014).
ولكن ارتفاع سن الزواج عند النساء لم يترافق مع ارتفاع كبير في نسب مشاركتهن في سوق العمل. وبقيت معدّلات مشاركة المرأة في العمل منخفضة، واقتصرت على 27 في المئة من قوة العمل، وتتراجع مشاركتها مع بداية المسؤوليات الزوجية والإنجاب. ف «تبدأ المرأة بالانسحاب التدريجي من سوق العمل» («النهار» اللبنانية، فيفيان الخولي، 3/5/2014). والحق يقال الزواج المبكر وثيق الصلة بالأسر الممتدة وزواج أبناء وبنات العم، وهذا اقتصرت نسبته في ستينات القرن ال20 على 12 في المئة.
ولا ريب في أن التغيّرات الاجتماعية والمدينية والتربوية كانت سريعة الوتيرة في زمن جيل واحد. فعلى سبيل المثل، تزوّجت جدتي لأبي ابن خالها يوم كانت في الرابعة عشرة من العمر، ويوم كانت تقيم في منزل عائلتها الأوسع في بيروت. والعائلة هذه اضطرت إلى مغادرته إثر استملاك الدولة العقار لشق طريق عام. فانتقلت العائلة وجدتي وجدي إلى منزل آخر للعائلة الواسعة، وكان بعيداً من السابق كيلومترات قليلة. وأنجبت جدتي فيه ابنتها البكر وأبي. ولكنها ما لبثت وجدّي أن انتقلا إلى منزل نواتي مستقل لا يبعد من منزل العائلة الواسعة إلا نحو 200 متر، وأنجبت فيه ابناً وابنة، وصار عدد الأولاد أربعة. واقتصر هي تعليمها على المرحلة الابتدائية، بينما أنهت ابنتاها التعليم الثانوي ودخلتا دار المعلمين، ومن بعده سلك التعليم والعمل، وحازت الصغرى إجازة جامعية. وتأخّر زواج ابنتها البكر التي شبّت في منزل عائلة نواتية، على خلاف أمها، إلى سن ال24. وانتهى زواجها إلى طلاق بادرت هي إليه بعد أشهر قليلة في عام 1956، بعد أن صار الزوج يصادر راتبها فخسرت استقلالها المادي. وهذا كله في جيل واحد. وصحيح أن هذه الحوادث حصلت في العاصمة بيروت، لكن علامات التمدّن من تعليم وعمل، وهو ليس تمدّناً مكانياً فحسب، لم تقتصر على المدن.
وتزامنت هذه التغيّرات مع تغيّر علاقة الأهل بأطفالهم. ولم تعد علاقة إملاء وطاعة فحسب، ولم يعد الأطفال نسخة مصغّرة من الأهل، على قول عالم الاجتماع نوربرت إلياس في ورقة بحث صدرت بالألمانية في عام 1980. «فالأطفال يبلغون الرشد من طريق سيرورة حضارية تدرّجية على مستوى الجماعة (المجتمع) والفرد(...)، في آن». وخير دليل على هذا التغيّر شيوع نصائح التربية والتنشئة و «اختصاصييها» وإرشادات التربية من البرامج التلفزيونية إلى المجلات النسائية. وما يقوله إلياس في المجتمعات الغربية في سبعينات القرن الماضي وثمانيناته قد يصح اليوم في المجتمع اللبناني الذي يمر في مرحلة انتقالية. فنمط العلاقات القديمة بين الأهل والأطفال، وهي كانت علاقات هيمنة وغلبة بين الجيل الأكبر والجيل الأصغر، لم يطوَ، ولكنه يتصاحب مع نموذج علاقات... أكثر مساواة. وهذا وراء مشكلات عدة. وترسيخ الطفولة كمرحلة منفصلة عن الرشد يؤدّي، وهذا ما أدى إليه فعلاً، مع غيره من العوامل مثل التعليم وتدنّي الخصوبة والعمل والتمدين، إلى إرجاء الزواج الى مرحلة الرشد ودخول عالم الكبار.
ويبدو أن حظوظ مشروع القانون المقترح ضعيفة. وقد ترتجى فائدة أكبر من قانون يُلزم المتقدّمين للزواج، إذا كانت الزوجة تحت سن الثامنة عشرة، بحضور دورات توعية حول الصحة الإنجابية ووسائل تنظيم النسل. فاحتمال وفاة المراهقة الحامل عند الولادة، كبير. والحمل هو أبرز أسباب وفاة المراهقات في سن بين ال15 و19 سنةً. ومعدّل وفيات الحوامل في هذه الشريحة العمرية هو ضعفا نظيرها في صفوف الإناث فوق سن ال20، وفق التقرير الأممي الصادر في 2004 بعنوان «State of world population».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.