لا تقتصر سوق «حوش بكر» في مكةالمكرمة على بضع بسطات عشوائية فُرشت في أزقتها الضيقة لبيع أصناف قليلة من البضاعة، بل تغص بأعداد كبيرة من الباعة المخالفين، وأعداد أكبر من الزبائن في ما يشبه «الفوضى المتجددة». فبين بائع مخالف لنظامي «العمل» و«الإقامة» وزبون «معتمر» يبحث عن سلع رخيصة، تبسط بعض الجاليات، ولا سيما الأفريقية، في السوق العشوائية القابعة بشارع المنصور، بضائها المتنوعة من مواد غذائية فاسدة ومكشوفة و«منتهية الصلاحية»، وأثاث منزلي مستعمل، وجوالات وإلكترونيات قديمة أو «مسروقة»، وأدوية ومستحضرات تجميل غير مرخصة، ومخلفات أخشاب وحديد، وخردة ورجيع مباني، وغيرها الكثير. ومع تحول «حوش بكر» إلى «مجتمع» للمخالفين الذين يشكلون وبضائعهم خطراً على الناس، تتدخل سلطات العاصمة المقدسة من حين إلى آخر، فلا يكاد يخلو شهر من حملة دهم لفرق وزارة الشؤون البلدية والقروية والجهات الأمنية، كان آخرها مصادرة بلدية المسفلة في مكةالمكرمة أمس (السبت) حوالى 30 طناً من البضائع المخالفة، بعد عملية دهم نفذتها بمشاركة عدد من الجهات الأمنية، شارك فيها أكثر من 100 فرد من رجال الضبط الوقائي، وعدد كبير من الآليات لإتلاف السلع المضبوطة. وأثنى أهالي مكةالمكرمة عبر «تويتر» على حملات الدهم، آخذين على السلطات التأخر والتباطؤ في التعامل مع العشوائيات، وطالب بعضهم بعدم اقتصار تلك الحملات على «حوش بكر» وتوسيعها لتشمل أسواقاً عشوائية أخرى ضاقت بها قبلة المسلمين ذرعاً، فيما دعا آخرون إلى إنزال عقوبات رادعة في حق المخالفين. وسبق ذلك، مصادرة أمانة العاصمة المقدسة في نهاية شباط (فبراير) الماضي، كميات من الأدوية الجنسية غير المرخصة التي يبيعها مقيمون في تلك السوق الشعبية. إذ دهمت فرق الصحة العامة في الأمانة السوق بعد رصد مخالفات صحية فيها، إضافة إلى وجود مخالفين يبيعون مواد غذائية وأعشاب بشكل عشوائي، وضبطت كميات كبيرة من الأدوية والأعشاب والمخاليط «الفاسدة». وأوضح المدير العام لصحة البيئة منصور بالبيد، أن لجنة مكافحة ظاهرة بيع الأعشاب دهمت سوق «حوش بكر» الذي يكثر فيه الباعة الأفارقة المخالفون، وخصوصاً من النساء اللاتي اشتهرن ببيع الأدوية الجنسية والعلاجية المهربة وغير المرخصة من وزارة الصحة أو معتمدة من هيئة الدواء والغذاء. من جانبه، قال رئيس لجنة مكافحة ظاهرة بيع الأعشاب فهد عسيري، إن «الدهم تم بعد مراقبة الموقع لفترة من الزمن، والتأكد من وجود المخالفات، وتم ضبط كميات كبيرة من الأدوية المختلفة، تقدر ب11500 من الكبسولات العلاجية مثل المضادات الحيوية وأقراص لآلام الروماتيزم ونزلات البرد والمسكنات، وجميعها منتهية الصلاحية». فيما تم ضبط 3600 عبوة من كريمات علاجية، منها: الدرموفت، والفوسادين، والموف، منتهية الصلاحية، إضافة إلى مصادرة أقراص جنسية مقلدة ومهربة وغير معتمدة، مثل: الفياغرا، والسنافي، والسيالس، والليفيترا، وشداد القوة للرجال. وأشار إلى أن «معظم البائعات لذن بالفرار بمجرد مشاهدتهن دخول سيارات اللجنة، تاركات مباسطهن وبضائعهن». قبلها بحوالى أسبوع، أدت عشوائية وفوضوية مباسط السوق إلى اندلاع النيران في «حوش بكر»، وامتدادها لتلتهم سيارتين واقفتين في المكان، قبل أن تسيطر عليها فرق الدفاع المدني، من دون تسجيل إصابات. ونفذت بلدية المسفلة في 22 شباط (فبراير) الماضي حملة ممثالة على السوق، وقال رئيس قسم مراقبة الأسواق التجارية أحمد الصاعدي إن البلدية جهزت لجنة لمتابعة المواقع العشوائية بمشاركة عدد من الجهات الأمنية، وتم تزويدها بقلابات وشيولات، وأسفرت نتائج الحملة عن مصادرة أكثر من حمولة 40 قلاباً من الأثاث المستعمل والأخشاب والبضائع المتنوعة والمواد الغذائية الفاسدة، وأزيلت عدد من المباسط العشوائية، وأتلفت المصادرات وفق الطرق المتبعة، مؤكداً أن الحملات مستمرة على جميع الأسواق العشوائية حتى يتم القضاء على هذه الظواهر السلبية بشكل نهائي.