لاقت هتافات عشرات آلاف الفلسطينيين الذين تجمعوا وسط غزة احتجاجاً على خفض رواتبهم، صدىً لها في الأممالمتحدة حيث دعا المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف القيادة الفلسطينية الى توزيع عبء الإصلاح المالي بشكل عادل بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتجنب التصعيد، فيما التزمت السلطة الصمت. (للمزيد) وشهدت ساحة السرايا تظاهرة حاشدة نظمتها نقابة الموظفين العموميين وقيادة حركة «فتح» في القطاع، طالبت برحيل حكومة رامي الحمد الله والرئيس محمود عباس، وإن رفعت لافتات تُغازل الرئيس وتطالبه بالتدخل، فيما تذكر المحتجون الرئيس الراحل ياسر عرفات وهتفوا باسمه. وكان المتظاهرون يحتجون على قرار الحكومة الفلسطينية حسم مبالغ كبيرة من رواتب موظفيها في قطاع غزة تراوح بين 30 و70 في المئة، في ما بات يعرف ب «مذبحة الرواتب»، والتي طاولت 54 ألف موظف لدى السلطة في القطاع من أصل 162 ألف موظف لديها. وحذرت فصائل فلسطينية من سياسة التمييز بين أبناء الوطن والواحد، ومن أن يؤدي القرار إلى انفصال قطاع غزة عن الوطن، فيما تجاهل الإعلام الرسمي الفلسطيني ما يجري في القطاع. وبعد ساعات من التظاهرة، عبّر ملادينوف عن قلقه البالغ من «التوترات المتزايدة في قطاع غزة»، وقال في بيان مساء أمس إن «الفلسطينيين في غزة عايشوا أربعة صراعات على مدى العقد الماضي، من دون حرية، وبقيود إسرائيلية غير مسبوقة، وأزمة إنسانية خطيرة، ومعدلات بطالة مرتفعة، وأزمة كهرباء مستمرة، وانعدام أفق سياسي». ورغم تفهمه حاجة الحكومة إلى «ضمان استدامتها المالية في ظل ظروف اقتصادية متزايدة الصعوبة»، إلا أنه شدد على أن «من المهم أن يوزع عبء خطط الإصلاح أو القرارات الرامية إلى خفض النفقات بصورة عادلة، وان تتم مراعاة الظروف القاسية التي يعيشها الناس في غزة». ودعا «القيادة الى تحمل المسؤولية في القدرة على تجنب التصعيد وسد الفجوات المتزايدة بين غزة والضفة التي تزيد من تفتت الشعب الفلسطيني». وقال متابعون منخرطون في تنظيم احتجاجات تهدف الى وقف قرارات الحكومة وإجراءاتها ضد القطاع وموظفي السلطة وتهميش سكانه، إن هناك تحركات شرع فيها نواب وسياسيون وناشطون وشخصيات اعتبارية من الضفة وغزة لتنظيم تظاهرة احتجاجية ضخمة أمام مقر الحكومة في رام الله الثلثاء المقبل تزامناً مع عقد جلستها الأسبوعية. ولفت مراقبون ومحللون الى أن نزول الغزيين الى الشارع للتظاهر سلمياً ضد السلطة هو الأول من نوعه منذ قيامها عام 1994، بعد أقل من عام على توقيع اتفاق أوسلو للسلام مع اسرائيل. ولم يستبعدوا أن تتدحرج الأمور مثل كرة الثلج، وأن تحصل صدامات عنيفة مع حركة «حماس» في القطاع، ومع السلطة في الضفة. كما توقعوا أن تواصل الحكومة سياسات الحسوم التي قد تشمل مخصصات عائلات الشهداء والأسرى والفقراء والمعوزين في المستقبل. وكان موقع «تيك ديبكا» الاستخباري الإسرائيلي أفاد أن خصم رواتب موظفي غزة كان رضوخاً لشروط الموفد الأميركي لعملية السلام جيسون غرينبلات التي طرحها على عباس خلال لقائهما في 16 آذار (مارس) الماضي. وأوضح أن غرينبلات «عرض على عباس 9 مطالب كان بينها خصم رواتب موظفي غزة»، إذ دعا «السلطة الى وقف تحويل أموال لقطاع غزة، إذ يسهم الأمر بتمويل مصروفات حماس، فما نسبته 52 في المئة من موازنة السلطة يتم تحويله على قطاع غزة».