وصل وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت إلى مالي أمس، برفقة نظيره الألماني سيغمار غابرييل، قادماً من موريتانيا، بعد يومين من مقتل جندي فرنسي في اشتباك مع متشددين على الحدود الجنوبية الغربية لمالي. وقال إرولت عقب وصوله إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط أول من أمس، إن باريس تساند جهود دول غرب أفريقيا لتعزيز التعاون الأمني في منطقة الساحل المضطربة بما في ذلك خطة لإنشاء قوة قوامها 5 آلاف جندي للتصدي لمتشددين. وأضاف إرولت أن من الحيوي لدول الساحل الخمس (ماليوموريتانيا وتشاد وبوركينا فاسو والنيجر) أن تعزز قدراتها الخاصة لمكافحة الإرهاب. وأشار إلى أن «الهدف هو أن تتولى الدول الأفريقية الدفاع وحماية ذاتها. نعرف أن أمامنا طريقاً طويلاً لكن يتعين علينا أن نساعدهم في هذا. رؤساء الدول يعرفون مسؤولياتهم». وتُعد منطقة الساحل، التي تعاني من عدم استقرار سياسي وتمتد أراضيها الصحراوية من موريتانيا إلى السودان، موطئ قدم لتشكيلة متنوعة من الجماعات المتشددة. وتدخلت فرنسا في 2012 لطرد مسلحين مرتبطين بالقاعدة كانوا قد سيطروا على شمال مالي. وتنشر باريس منذ ذلك الحين نحو 4 آلاف جندي، يُعرفون باسم قوة «برخان»، في أنحاء المنطقة لملاحقة المتشددين، بينما نُشرت قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في مالي. من جهة أخرى، قال زير الخارجية الفرنسي إنه سلم دعوة من رئيس بلاده فرانسوا هولاند إلى نظيره الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز لزيارة باريس. وأضاف أن ولد عبدالعزيز قبل الدعوة وسيزور باريس، في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، من دون تحديد موعد. ونفى إرولت في وقت سابق وجود أي توتر في العلاقات الموريتانية- الفرنسية، موضحاً أنها «ممتازة وبناءة». ووصف محادثاته مع الرئيس الموريتاني بأنها «رفيعة وارتقت إلى مستوى العلاقات الممتازة القائمة بين فرنساوموريتانيا، والكل يعرف أن موريتانيا بلد صديق وشريك مهم لفرنسا ليس فقط على الصعيدين الديبلوماسي والأمني، وإنما على الصعيد الاقتصادي، علاوةً على كون موريتانيا شريكاً يتمتع بالأولوية في مجال الدعم الفرنسي الموجه للتنمية». وقال إرولت إنه عبّر خلال اللقاء عن «تقدير فرنسا الكبير للجهود التي تقوم بها موريتانيا لضمان الأمن والاستقرار ليس فقط على الصعيد الداخلي، ولكن أيضاً لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها». وتابع الوزير الفرنسي: «نقدر الدور البناء للديبلوماسية الموريتانية ودورها الاستباقي في مواجهة الأزمات الإقليمية، خصوصاً في مالي وليبيا». ونفى الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، وزير الثقافة محمد الأمين ولد الشيخ حصول أي توتر ديبلوماسي مع فرنسا، مؤكداً أن علاقات البلدين طبيعية. وأضاف الوزير في المؤتمر الصحافي الأسبوعي للحكومة، أن التشاور مع فرنسا قائم ومستمر والزيارات بين الطرفين لم تنقطع، مشيراً إلى أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي لموريتانيا «تدخل في إطارها الطبيعي ضمن هذا التشاور والزيارات المتبادلة». وأكد الوزير الموريتاني نفيه أي أزمة بين البلدين بسبب صور التقطتها طائرة فرنسية على الحدود الشمالية الغربية لموريتانيا، واصفاً مثل هذا الأسلوب بأنه متجاوز في عصر إمكانية التصوير عن بعد بواسطة الأقمار الاصطناعية ومواقع الإنترنت. ويُفترض أن يكرّم الوزيران الفرنسي والألماني في غاو (شمال مالي) العريف أول جوليان باربيه الذي قُتِل في مواجهة ضد متشددين. كما تطرقا خلال محادثتهما مع الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا إلى موضوع تعميق نتائج التقدم المحرز في تنفيذ اتفاق السلام، وأعربا عن دعم فرنسا وألمانيا لمالي في مكافحتها الإرهاب بغية العودة إلى السلام المستدام.