احتفلت الإمارات الأسبوع الماضي بيومها الوطني، ولفت نظري ظاهرة، خلتها مجرد مصادفات، لكنني عدت وقرأت ما يؤكدها في صحيفة إماراتية، وردّدها أمامي كثير ممن قابلتهم من العرب والخليجيين، وهي ظاهرة تعليق الأجانب المقيمين الأعلام الإماراتية على سياراتهم، ورداً على من قد يقول إن بعض الأعلام ربما توزّع مجاناً، فإن الأسواق شهدت إقبالاً كبيراً على بيع أشكال الزينة، من أساور وقبعات وقمصان وغيرها، والتي حملت ألوان العلم الإماراتي، حتى من بعض العمال من ذوي الدخول المحدودة، فالكل يشتري ومن مختلف الجنسيات، الطريف أنها ليست وحدها السيارات الفارهة ولا حتى السيارات المتواضعة هي التي رفعت الأعلام على نوافذها، بل حتى راكبي الدراجات من العمال الفقراء علّقوا الأعلام الملونة، وكأنهم يريدون أن تشيع ألوانها فرحاً بينهم. من السهل أن تلمس حماسة ظاهرة لعيش هذا اليوم الذي تسمع وقعه وتراه، خصوصاً أنه صادف عطلة أربعة أيام تم ربطها بعطلة السنة الهجرية ونهاية الأسبوع، لتصبح أربعة أيام قضاها الناس في الحدائق العامة والمقاهي والأسواق وعلى الشاطئ. الكل يعرف ويحفظ عن ظهر قلب أن الثاني من كانون الأول (ديسمبر) هو اليوم الوطني للإمارات أو (الناشونال داي)، كما تسمعها من أفواههم. هنا في الإمارات لديهم أيام كثيرة يحتفلون بها، مثل يوم السنة الهجرية، واليوم الوطني، ومولد الرسول، وبداية السنة الميلادية، إنها مناسبات يعيشها الناس بمحبة وبثقافة الفرح بالحياة، ويدافع عنها حتى شيوخهم بالتوضيح بأن مصطلح العيد الملتبس عند البعض هنا هو مصطلح يعني (العودة) أي يوم يعود كل عام يجوز الاحتفال به، وليس عيداً دينياً مقدساً، بعض الأجانب اختاروا الزواج الجماعي بمناسبة اليوم الوطني، إذ شهدت إحدى الكنائس زواج خمسة وأربعين زوجاً في اليوم الوطني، واختارت بعض العروض المسرحية الكبرى مثل (حلم زايد) اليوم الوطني لعرضها، كما أطلقت الأغاني الوطنية الجديدة، والمذيعات تزين بألوان العلم الوطني. وانتشر فرح اسمه اليوم الوطني. في مدرسة ابنتي وكما في معظم المدارس، حرصت المدرسة على الاحتفال باليوم الوطني، وشاهدت فيه الطالبات من كل الجنسيات يلبسن ثياباً ملوّنة بأعلام الإمارات، ويقدمن لوحات فولكلورية، كما شدني منظر طالبتين عرفتهما، واحدة من جنوب أفريقيا، وأخرى من ألمانيا في رقصة فولكلورية خليجية تلوحان بشعورهما بطريقة لولبية كما تشتهر به رقصة البنات الخليجيات، كان الأهالي من جنسيات متعددة سعداء باندماجهم في هذا الطقس، كانوا يحتفون بتعلم بناتهم اللغة العربية والفولكلور العربي، والأكل العربي، والعادات العربية، كان واضحاً أن الإنسان المتحضر هو من ينفتح نحو الآخر، ويدفعه الفضول إلى معرفته والاستفادة منه والاقتراب منه، بينما الضعيف هو من يتوجس من الآخر وينكره ويكرهه، ويظن به سوء الظن، ويعتبر كل تقليد ولو بريء له هو مسخ لهويته وضياع في حضنه. [email protected]