شدد عدد من المهندسين والاستشاريين المعماريين على ضرورة توافر اشتراطات السلامة والصحة في مباني جميع المدارس سواء الحكومية أو الخاصة، لا فتين إلى أن تصاميم إنشاء الأولى قديمة جداً لا تتوافر فيها جوانب السلامة. وقالوا ل «الحياة»: «إن المدارس الحكومية توجد في مواقع غير ملائمة، إضافة إلى ضعف تأهيل المهندسين المشرفين على إنشائها تقنياً وفنياً»، منادين بإيجاد تعاون بينهم وبين وزارة التربية والتعليم خصوصاً أن المكتب الهندسي في الوزارة يفتقر إلى الاعتمادات المالية العالية والأيدي العاملة المطلوبة. وكشف صاحب أحد المكاتب الاستشارية المهندس فائق محمود خياط افتقاد المدارس الحكومية والخاصة اشتراطات السلامة الواجب توافرها، إضافة إلى أن المهندسين المشرفين على مشاريع تلك المدارس لا يملكون أي مؤهلات فنية وتقنية. وأرجع أسباب انهيار المدارس الحكومية إلى عدم اختيار الموقع الملائم للمدرسة، وعدم عمل فحص تربة الموقع، وقلة عدد المهندسين المشرفين من الجهة المالكة للمدارس، إضافة إلى عدم استطاعتهم تغطية كل المشاريع والإشراف عليها الإشراف الهندسي الصحيح، مشيراً إلى أن بعض الجهات الحكومية والخاصة تصر على الاعتماد على جهازها الهندسي للاضطلاع بعملية الإشراف الهندسي على المشاريع بدلاً من إسناد هذه المهمة على مكاتب وشركات متخصصة. وأما بالنسبة للمدارس الخاصة، فعزا خياط أسباب انهيار مبانيها إلى أنها لم تصمم لتكون مباني مدرسية، لذا لا تتحمل أساساتها العدد الهائل من الطلاب والأثاث، وعدم أخذ ضمان على الهيكل الإنشائي للمبنى وقوة تحمله، خصوصاً أن الطريقة التي تم إنشاء المبنى بها غير مخصصة لمثل هذه المنشأة، إضافة إلى عدم الاستعانة بمكاتب وشركات هندسية متخصصة في الكشف على تلك المباني في فحص الخرسانات ومواد البناء وطريقة الإنشاء. وفي هذا الصدد، طالب خياط بإعادة النظر في تصاميم المباني المدرسية، إذ اعتبر التصاميم التي تنفذها وزارة التربية والتعليم في الفترة الحالية (عقب اطلاعه عليها) قديمة جداً لا تتماشى مع التطور الهائل في عملية التعليم ولا تتلاءم مع طبيعة المواقع، ولا تتوافر فيها اشتراطات السلامة، إذ يتم إسناد تنفيذها إلى مقاولين غير متخصصين يسندونها بدورهم إلى مقاولين من الباطن ليس لديهم جهاز من المهندسين والفنيين، مشدداً على التأكد من وجود جهاز هندسي للمقاولين لديه الخبرة في تنفيذ مثل هذه المباني، وإسناد الإشراف على التنفيذ إلى مكاتب هندسية متخصصة، وعدم الاعتماد على الجهاز الهندسي في الوزارة لقلة عددهم ولضعف الاعتمادات المالية لديهم. من جهته، أكد رئيس لجنة المكاتب الهندسية في غرفة جدة المهندس طلال سمرقندي على ضرورة توافر جميع مقتضيات السلامة والصحة داخل مباني المدارس، ملمحاً إلى أنه على رغم وجود إدارة متخصصة في وزارة التربية والتعليم تؤدي عملها على أكمل وجه إلا أنها بحاجة إلى كثير من التفاعل. و في هذا الصدد، قال: «لا يوجد أي تعاون بين لجنة المكاتب الهندسية في غرفة جدة ووزارة التربية والتعليم، وهو ما سنسعى إليه بالتواصل مع الوزارة وتقديم كامل الخبرات والإمكانات في توفير أي استشارة هندسية». وأضاف: «لا يتجاوز العمر الافتراضي للمباني المدرسية في السعودية ال20 عاماً بينما يصل في الدول الكبرى إلى 100 عام، الأمر الذي ينبغي وضعه في الحسبان». مشيراً إلى أن تفعيل دور المكاتب الهندسية والاستشارية مطلب رئيس في الأعمال البنائية كافة إذ سيسهم في حل مشكلات الانهيارات والتشققات الموجودة في بعض المباني، إضافة إلى الاستغناء عن بعض المكاتب غير المتخصصة التي تفتقد المهنية في العمل. وبين التحذير والتجاهل، يرى الكاتب الصحافي خلف الحربي أن وزارة التربية والتعليم بحاجة إلى جهد مكثف على رغم محاولاتها في حل مشكلات المباني المستأجرة وغيرها من الآيلة للسقوط، مشيراً إلى أن استجابة الوزارة تأتي بطيئة في أغلب الأحيان وكذلك أسلوب المعالجة. وانتقد الحربي قلة مساحة الاهتمام الحالية التي تحظى بها قضية المباني المدرسية القديمة لدى وزارة التعليم، غير أنه حمّل وسائل الإعلام أيضاً مسؤولية تتمثل في ضعف تغطيتها لبعض زوايا وخفايا هذا الملف. ولم يتردد في إلقاء اللوم على بعض إدارات التعليم المنتشرة في مناطق المملكة، بسبب موقفها تجاه ملاك المباني المستأجرة الذي وصفه «بسياسة التنفيع التي تتبناها بعض تلك الإدارات»، على حد قوله، مضيفاً أن «تلك الممارسات غير المقبولة، تعطل كل التطلعات وتهدد أرواح منسوبي المدارس». وقال إنه يجدر بالقائمين على أعمال الوزارة التنبه لها، ووضع إجراءات السلامة في المدارس في قائمة أولوياتها، وتفعيل برنامج التخلص من تلك المباني الذي سبق أن أعلنت الوزارة عنه. أما الكاتب الصحافي صالح الشيحي فقفز مباشرة إلى التساؤل عن المدة الزمنية التي يمكن للوزارة أن تعالج فيها خطر المباني غير الصالحة. وقال: «السعودية تعيش أفضل حالاتها الاقتصادية، بينما وزارة التربية والتعليم أحجمت عن أداء دورها بكل احترافية ودقة». وتناول الشيحي في حديثة عقود الإنشاء المتعلقة بالمدارس النموذجية والمبالغ الكبيرة التي دفعت في الشأن ذاته ولم تكتمل حتى الآن على رغم تجاوز المدة الزمنية التي أعلن عنها قبل بدء المشاريع. ونوه إلى أن الوزارة دخلت في صراع مع المعلمين ومع موظفيها حول القضايا والإجراءات الإدارية وأغفلت في المقابل البيئة المحيطة بالطالب وبالمعلم، محذراً في الوقت نفسه أن استمرار التباطؤ في تفعيل جوانب السلامة داخل المحاضن التربوية سيؤدي في نهاية الأمر إلى كارثة إنسانية تلحق الضرر بمن هم داخل تلك المدارس وسيجد المتسبب نفسه أمام مأزق يصعب الخروج منه، بحسب رأيه.