قررت الهيئة العليا للانتخابات في تونس إجراء أول انتخابات بلدية في البلاد بعد الثورة وحددت موعدها في 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، فيما تطالب جمعيات مدنية بوضع إطار اشتراعي جديد للمجالس البلدية يكرس السلطة اللامركزية التي نص عليها دستور الجمهورية التونسية الثانية. وقال رئيس هيئة الانتخابات شفيق صرصار في مؤتمر صحافي أمس، إن «تاريخ 17 كانون الأول/ ديسمبر المقبل هو الموعد النهائي لإجراء الانتخابات البلدية»، مشيراً إلى تعهد واضح من الحكومة التونسية بتوفير الإمكانيات المادية واللوجستية لإجراء الاستحقاق البلدي. وأوضح صرصار أن تحديد هذا الموعد «جاء بعد مشاورات موسعة انتهت باتفاق مع الحكومة والبرلمان الأحزاب والمجتمع المدني»، معرباً عن استعداد الهيئة العليا المستقلة لتنظيم الانتخابات في موعدها المحدد وإنجاحها. وجاء هذا الإعلان لينهي الجدل الدائر حول موعد إجراء الانتخابات البلدية بخاصة مع دعوة أحزاب إلى تنظيمها مطلع العام المقبل، الأمر الذي ترفضه هيئة الانتخابات بشدة على اعتبار أن عدم إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري يسيء إلى مسار الانتقال الديموقراطي في تونس. وأوضح رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن عملية تسجيل الناخبين ستنطلق في 19 يونيو جوان المقبل وتمتد إلى حدود العاشر من آب (أغسطس)، مقابل تعهد الحكومة التونسية بحل النيابات الخصوصية (المجالس البلدية الموقتة) قبل 19 من الشهر الجاري كخطوة أولى في مسار الانتخابات البلدية. وحددت الهيئة الانتخابية (هيئة عمومية مستقلة) موازنة قيمتها حوالى 30 مليون دولار أميركي (68 مليون دينار تونسي) ترصدها الحكومة للهيئة التي تشرف على جميع مراحل العملية الانتخابية التي كانت من مشمولات وزارة الداخلية قبل الثورة، في انتظار انتهاء مجلس الوزراء من تقسيم الدوائر البلدية بجميع محافظات البلاد. وتعطل إجراء الانتخابات البلدية منذ المصادقة على دستور البلاد الجديد في 2014 بسبب تأخر المصادقة على القانون الانتخابي، وبعد ثورة 2011 حلت تونس المجالس البلدية وعوضتها بهيئات تسيير موقتة (نيابات خصوصية) لا صلاحيات لها، ما ساهم في تدهور الوضع المعيشي والبيئي للتونسيين. وصرح شفيق صرصار بأن الأمنيين والعسكريين سيدلون بأصواتهم للمرة الأولى في تاريخ البلاد يوم 10 كانون الأول (ديسمبر) أي قبل أسبوع من موعد الانتخابات، وكان البرلمان التونسي قد صادق مطلع العام الجاري على قانون انتخابي يمنح القوات الحاملة السلاح حق التصويت في الاستحقاق البلدي. ويُنتظر أن تبدأ الأحزاب استعداداتها لخوض الانتخابات وسط انقسام المعسكر العلماني الذي يواجه خطر تشتت أصواته بين «جبهة الإنقاذ» التي أُعلن عنها أول من أمس، و «الجبهة الشعبية» اليسارية و»نداء تونس»، في مقابل انطلاق حزب «النهضة» بحظوظ وافرة للفوز في الاستحقاق البلدي. من جهة أخرى، ترفض جمعيات مختصة بمراقبة الانتخابات إجراء الاستحقاق البلدي في كانون الأول (ديسمبر) من العام الجاري وذلك لعدم مصادقة البرلمان التونسي على مجلة الجماعات المحلية وحلول موعد الاقتراع في فصل الشتاء الذي قد يعيق تنقل الناخبين بسبب سوء الأحوال الجوية.