لاقى القرار الذي اتخذته الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة فجر أول من أمس، وقضى ببناء مستوطنة جديدة هي الأولى منذ 20 عاماً، إضافة إلى توسيع مستوطنات قائمة، إدانة واسعة شملت أمس الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والأردن، خصوصاً أن القرار الإسرائيلي يأتي بعد أيام قليلة من انعقاد القمة العربية في البحر الميت في الأردن، والتي أعلنت دعمها عملية السلام على أساس حل الدولتين. في هذا السياق، دان الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط القرار، معتبراً أنه يهدف إلى تسميم الأجواء لتفادي إطلاق عملية سياسية على أساس حل الدولتين، كما اعتبر الأردن أنه يضر جهود إحياء السلام، ورأى الاتحاد الأوروبي أنه يقوض حل الدولتين. وصرح الناطق باسم الأمين العام للجامعة الوزير المفوض محمود عفيفي بأن أبو الغيط يعتبر أن الخطوة الإسرائيلية تُشير بجلاء إلى أن الحكومة الإسرائيلية ليست شريكاً حقيقياً في تحقيق السلام، وأنها صارت أسيرة لجماعات الاستيطان المتطرفة، مضيفاً أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يتبنى أجندتها بصورة كاملة، إذ لا همّ له سوى إرضاء هذه الجماعات التي لا تعترف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وتسعى من خلال تكثيف البناء الاستيطاني، إلى تقويض أي أفق محتمل لتحقيق حل الدولتين في المستقبل. وأوضح أن أبو الغيط يرى أن البناء الاستيطاني توسع بصورة سرطانية في الضفة والقدسالشرقية منذ توقيع اتفاق أوسلو، إلا أن قرار الحكومة الأخير بتسمية مستوطنة جديدة، في سابقة منذ عشرين عاماً، يكشف مدى استهانتها بالإجماع الدولي الرافض للاستيطان والداعي إلى وقفه، وإمعانها في تحدي الإرادة الدولية بوجهٍ مكشوف. وأضاف أن أبو الغيط أشار إلى أن الدول العربية أعلنت موقفها في قمة عمان وإعلانها الختامي بالتضامن الكامل مع الفلسطينيين وحقهم المشروع في إقامة دولتهم على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، وذلك تأسيساً على مبادرة السلام العربية، وانطلاقاً من حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد للوصول إلى التسوية المنشودة، مُضيفاً أن سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية تكشف كل يوم عن غياب أي رغبة لديها في أن تكون شريكاً في إحلال السلام الدائم والعادل في المنطقة. من جانبها، أعربت الحكومة الأردنية التي استضافت القمة العربية، عن شجبها وإدانتها الشديدة للقرار الإسرائيلي. وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق باسم الحكومة محمد المومني، إن هذا القرار يشكل اعتداء صارخاً على حقوق الشعب الفلسطيني، خصوصاً حقه في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني في حدود الرابع من حزيران عام 1967، ويضرب جهود إحياء عملية السلام وإنهاء الصراع، ويبعث على إحياء البيئة التي تعتاش عليها قوى التطرف والإرهاب. وأضاف أن هذا القرار يخالف قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، خصوصاً قرار مجلس الأمن الرقم 2334 المناهض للاستيطان، كما يتنافى مع مبادئ عملية السلام ومسؤوليات القوة القائمة بالاحتلال، ويقوّض حل الدولتين وجهود السلام في المنطقة. ودعا إلى تكاتف المجتمع الدولي في إدانة السياسات التوسعية الاستيطانية اللامسؤولة، من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ووقف الاستفزازات الإسرائيلية والأحادية، واستئناف المفاوضات تمهيداً للتوصل إلى سلام عادل وشامل، يضمن إقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدسالشرقية. كما دان الاتحاد الأوروبي بشدة قرار الحكومة الإسرائيلية، معتبراً أن هذه الخطوة تقوّض الآمال بحل قابل للحياة في ما يتعلق بحل الدولتين. وجددت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بيان، تأكيدها أن المستوطنات التي تقام في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، بما فيها القدسالشرقية، غير شرعية وفق القانون الدولي، وتشكل عائقاً أمام السلام وتهديداً لحل الدولتين. وأضافت أن الاتحاد الأوروبي يدعو إسرائيل إلى وقف كل الأنشطة الاستيطانية وتفكيك البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ عام 2001 بما يتوافق مع التزاماتها السابقة. وكانت فرنساوالسويد دانتا القرار الإسرائيلي. ورحبت حركة «فتح» بالمواقف الدولية المنددة بالاستيطان، وقالت في بيان للناطق باسمها في أوروبا جمال نزال، إن «الاعتراف الفوري بدولة فلسطين هو الرد المنطقي الوحيد والمجدي نفعاً على الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي». وثمنت موقف وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون تجاه القرار الإسرائيلي، ودعت بريطانيا إلى تصحيح الخطأ التاريخي المتمثل بوعد بلفور، والاعتراف بدولة فلسطين قبل الاحتفال بالذكرى المئوية للوعد. ورحبت ببيان الاتحاد الأوروبي في الشأن ذاته، وجددت مطالبته باتخاذ خطوات رادعة ضد الاستيطان، أولها حظر شامل لدخول منتجاته أراضي أوروبا، لنفض يد الاتحاد من أي مساهمة في تعميق أسباب بقاء المستوطنين في أراضي دولة فلسطين. كما ثمنت بيان وزارة الخارجية الفرنسية والخارجية السويدية، داعية إلى الحذو حذو السويد في مجال الاعتراف بدولة فلسطين.