نجحت القوات النظامية السورية أمس في استعادة مناطق جديدة كانت خسرتها في الهجوم الذي شنّته فصائل المعارضة قبل أيام في ريف حماة الشمالي (وسط سورية)، وسط تقارير عن استخدام محتمل لغازات سامة. وبالتزامن مع ذلك، أكملت القوات الحكومية سيطرتها على مدينة دير حافر في محافظة حلب (شمال)، بعد أيام من انسحاب تنظيم «داعش» منها، ليكون بذلك كامل ريف حلب الشرقي تقريباً قد بات خالياً من وجود التنظيم الذي يواجه في الوقت ذاته هجوماً مدعوماً من الأميركيين يشنه تحالف «قوات سورية الديموقراطية» العربي- الكردي في محافظة الرقة المجاورة. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في تقرير أمس، أن طائرات حربية قصفت بلدة اللطامنة بريف حماة الشمالي، فيما ألقت مروحيات براميل متفجرة على منطقة الزوار المجاورة وسط «معلومات عن وجود حالات اختناق جراء هذا القصف». ونقل عن مصادر طبية اتهامها القوات النظامية ب «استخدام غازات خلال القصف». وأوردت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة معلومات مماثلة، إذ ذكرت أن طائرات من نوع «سوخوي 22» استهدفت ب «صواريخ محملة بغازات سامة» منطقة الزوار بريف حماة الشمالي، متسببة بأكثر من «20 حالة اختناق وصلت إلى المشافي الطبية». ولفتت إلى أن اللطامنة ذاتها كانت تعرضت قبل أيام «لاستهداف مباشر من الطيران المروحي ببراميل تحوي غاز الكلور السام»، مشيرة إلى مقتل طبيب وإصابة عشرات بحالات اختناق. وأشار «المرصد»، من جهته، إلى أن الغارات على اللطامنة والزوار ترافقت مع «معارك كر وفر» على محوري المغير وبريديج بريف حماة الشمالي الغربي، لافتاً إلى وقوع خسائر في صفوف القوات النظامية والمسلحين الموالين من طرف، والفصائل المقاتلة من طرف آخر. وتابع أن القوات النظامية «تمكنت من تحقيق مزيد من التقدم في ريف حماة الشمالي واستكمال سيطرتها على قرية الأرزة، وسط استمرار الاشتباكات بينها وبين الفصائل المقاتلة في محيط القرية في محاولة من الفصائل استعادة السيطرة عليها». وأشار «المرصد» أيضاً إلى «معلومات مؤكدة» عن استعادة القوات النظامية «النقطة 50 بالقرب من قمحانة بعد اشتباكات مع هيئة تحرير الشام ومجموعات تضم في غالبيتها مقاتلين أوزبكيين وتركستانيين وقوقازيين». وشنت فصائل المعارضة أكثر من هجوم على قمحانة لكنها فشلت في السيطرة على هذه البلدة الاستراتيجية التي يقطنها موالون للحكومة السورية. وفي محافظة إدلب (شمال غربي سورية)، تحدث «المرصد» عن تنفيذ طائرات حربية غارات عدة على بلدة الغسانية ومحيطها في ريف جسر الشغور الغربي، مضيفاً أن الريف الغربي لجسر الشغور يشهد منذ أيام «تصعيداً للضربات الجوية والصاروخية ... ما أسفر عن وقوع عشرات الشهداء والجرحى». أما في محافظة حلب (شمال)، فقد أشارت «شبكة شام» إلى أن القوات النظامية، بمساندة «ميليشيات شيعية»، سيطرت على مدينة دير حافر بالريف الشرقي. وجاء ذلك بعد أيام من انسحاب عناصر «داعش» من هذه المدينة التي كانت تُعتبر آخر معاقله الكبيرة في شرق المحافظة والتي كان يتخذ منها مقراً أساسياً له (أطلق عليها اسم دار الفتح). ونقلت الشبكة عن ناشطين إن القوات النظامية لم تتمكن من الدخول إلى أحياء دير حافر خلال الأيام الأخيرة «بسبب وجود عدد كبير من الألغام التي زرعها التنظيم قبل انسحابه في الساحات والشوارع ومحيط المدينة». وكان الجيش النظامي قد سيطر في الأيام الماضية على قرى أبو عدسة ولالة محمد والعاكولة وتل السوس والأحمدية والكيارية في محيط دير حافر «ليفرض بذلك سيطرته نارياً على المدينة»، بحسب ما أوردت «شبكة شام». ويُعتقد أن الهدف المقبل للقوات النظامية قد يكون مطار الجراح العسكري القريب من دير حافر والذي يتحصن فيه «داعش»، كما يُعتقد أن الهدف اللاحق قد يكون مدينة مسكنة آخر مدن «داعش» في ريف حلب. وإذا ما تحقق هذا الهدف فإن القوات الحكومية السورية تكون قد باتت على مشارف منطقة انتشار «قوات سورية الديموقراطية» وقوات خاصة أميركية في مطار الطبقة العسكري في إطار هجوم يهدف إلى تطويق «داعش» في مدينة الرقة، على الضفة المقابلة لنهر الفرات. وعلى صعيد ميداني آخر، أشار «المرصد السوري» إلى سقوط قذائف هاون على مناطق في ضاحية الأسد التي تسيطر عليها القوات النظامية قرب مدينة حرستا في الغوطة الشرقية لدمشق، في وقت دارت اشتباكات متقطعة بين «فيلق الرحمن» والفصائل الإسلامية من جهة، والقوات النظامية والمسلحين الموالين من جهة أخرى، في بساتين حي برزة عند أطراف العاصمة الشرقية، بالتزامن مع اشتباكات بالوتيرة ذاتها على محور معمل «كراش» في حي جوبر. كما سجّل «المرصد» اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية وبين تنظيم «داعش» في محور منطقة الصوامع وجبل المزار بريف حمص الشرقي «وسط قصف متبادل بين الطرفين». ونشر «المرصد» أمس إحصائية جديدة عن غارات سلاح الجو الروسي منذ بدئها قبل 18 شهراً (30 أيلول/سبتمبر 2015) وحتى الآن، مشيراً إلى أنه وثّق «استشهاد ومقتل 11612 مواطناً مدنياً ومقاتلاً من الفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) وتنظيم داعش ممن قضوا في آلاف الضربات الجوية التي استهدفت محافظات سورية عدة». وأوضح أن الخسائر البشرية تضمنت أكثر من 1200 طفل دون سن الثامنة عشرة، و714 مواطنة فوق 18 سنة، و3098 رجلاً وفتى، إضافة إلى 3284 عنصراً من «داعش»، و3315 عنصراً من «الفصائل المقاتلة والإسلامية وجبهة فتح الشام والحزب الإسلامي التركستاني ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية». عدد اللاجئين السوريين في المنطقة تجاوز خمسة ملايين جنيف - رويترز - أظهرت بيانات للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أمس الخميس، أن عدد الفارين من الحرب الأهلية السورية إلى تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر تجاوز حاجز الخمسة ملايين. وتدفق السوريون عبر حدود بلادهم منذ تحول الاحتجاجات المناهضة للحكومة في 2011 إلى صراع مسلح انخرط فيه معارضون وإسلاميون متشددون والقوات الحكومية ودول أجنبية داعمة للمتقاتلين. وكانت أعداد كبيرة من السوريين قد لجأت إلى الخارج في 2013 و2014 وظلت هذه الأعداد ثابتة في العامين التاليين لكنها زادت مرة أخرى هذا العام بعد الانتصارات الميدانية التي حققتها الحكومة وحلفاؤها الروس في مدينة حلب (شمال البلاد). وأشارت بيانات جمعتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والحكومة التركية، إلى أن إجمالي عدد اللاجئين بلغ الآن 5018168 في الدول المجاورة لسورية ودول أخرى في المنطقة. ونزح ملايين آخرون في الداخل، بينهم عشرات الآلاف فروا هذا الشهر غالبيتهم نساء وأطفال أمام هجوم للمعارضة شمال غربي مدينة حماة. وفر سوريون بأعداد كبيرة أيضاً إلى أوروبا وقدموا 884461 طلب لجوء بين نيسان (أبريل) 2011 وتشرين الأول (أكتوبر) 2016. وقدم اللاجئون نحو ثلثي هذه الطلبات في ألمانيا والسويد. ويعيش مئات الآلاف أيضاً في دول الخليج التي لم توقع معاهدة اللاجئين لعام 1951 مثل السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة وبالتالي لم يسجلوا باعتبارهم لاجئين. وقادت الأممالمتحدة مناشدة لمساعدة اللاجئين السوريين ودعم المجتمعات المضيفة لهم هذا العام لكن تم الحصول على ستة في المئة فقط من الأموال التي بلغت 298 مليون دولار من بين إجمالي الأموال المطلوبة التي تقدر بنحو 4.6 بليون دولار.