انضم نحو 50 من حاخامات (رجال دين يهود) مدن وبلدات إسرائيلية محسوبين على تيار «الصهيونية الدينية» ويتلقون معاشاتهم من خزينة الدولة، إلى حاخام مدينة صفد مردخاي الياهو الذي أصدر أخيرا فتوى دينية تحظر «بيع أو تأجير أرض وممتلكات للأغيار عموماً وللعرب تحديداً»، قاصداً حظر تأجير مساكن للطلبة العرب الذين يدرسون في الكلية الأكاديمية في المدينة. ووقّع الحاخامات عريضةً يدعون فيها هم أيضاً اليهود إلى عدم تأجير مساكن للعرب بداعي أن التوراة تحظر ذلك. وأفادت أوساط قريبة من الحاخامات الموقّعين على العريضة بأن الهدف منها هو إبلاغ المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين أن موقف الحاخام الياهو يتلاءم وتعليمات التوراة وليس موقفاً سياسياً، «وبالتالي لا يجوز تقديمه إلى المحاكمة أو اتخاذ أية إجراءات عقابية ضده». وكان حاخام مدينة صفد، ابن الحاخام الأكبر السابق في إسرائيل، عقد الشهر الماضي مؤتمراً شارك فيه 400 شخص تحت عنوان «الحرب الهادئة – نحارب الاختلاط (مع شعب آخر) في المدينة المقدسة صفد»، معتبراً أن «أساس البلاء» هو كلية صفد الأكاديمية التي تجذب إليها مئات الطلبة العرب الذين يبحثون عن مساكن للإقامة في المدينة. وشارك في الاجتماع المتطرف باروخ مارزل من قادة حركة «كهانا» العنصرية المحظورة. وأعقب الاجتماع اعتداء على الطلبة في مساكنهم ثم تعليق لافتات في الشوارع تدين أحد السكان اليهود الذي قام بتأجير منزل تابع له لثلاثة طلاب عرب وتطالب بفرض حرمان ديني عليه وتعرض لاحقاً لتهديدات بإحراق منزله. وباستثناء نواب حزب «ميرتس» اليساري الذين نددوا بالعريضة وبمضمونها وبموقّعيها ودعوا المستشار القضائي للحكومة ووزير القضاء إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضدهم، لم يعلق على التحريض العنصري أي من أركان الدولة أو سائر الأحزاب الصهيونية. ووصف النائب نيتسان هوروفتش عريضة الحاخامات ب «العنصرية المبتذلة يقوم بها حاخامات يعتاشون من خزينة الدولة ويستغلون مناصبهم الرسمية الرفيعة لتأجيج الكراهية والتحريض الخطير وهدم الديموقراطية الإسرائيلية». ودعا إلى إقالتهم من مناصبهم وتقديمهم الى القضاء. وحذر زميله النائب ايلان غالؤون من أخطار «وباء العنصرية المتفشي» ودعا إلى التحرك لمحاربته بقوة. وقال رئيس «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة» النائب محمد بركة إن «صدقية القضاء في إسرائيل خاضعة الآن من جديد لامتحان محاسبة مجموعة الحاخامات». وأضاف أن «هذه دعوة عنصرية بامتياز، وكما يبدو فإن الموقّعين مدركون حقيقة أن النظام في إسرائيل متواطئ مع جرائم التحريض العنصري، ولهذا فإنهم لا يبالون». واعتبرت النائبة حنان زعبي من «التجمع» أن المشكلة ليست في الشارع الإسرائيلي فقط، بل في السياسات الرسمية التي تطورت في اتجاه أكثر عدائية في السنوات الأخيرة. وطالبت المستشار القضائي للحكومة بأن يعلن أن هذه التصريحات والتجمعات مخالفة للقانون، وطالبته بفتح تحقيق جنائي ضد الحاخامات بتهمة التحريض على العنصرية. كما طالبت مفوض خدمات الدولة بتقديمهم الى محكمة تأديبية وبفصلهم عن العمل. ودافع حاخام مستوطنة «بيت أيل» شلومو أبنير عن توقيعه على العريضة بالقول إنه «لا ينبغي علينا مساعدة العرب على التجذّر في الدولة». وسوّغ حاخام مدينة أسدود يوسف شاينين توقيعه بالقول إن «العنصرية مصدرها في التوراة. أرض إسرائيل معدّة للشعب اليهودي، هي أرض الميعاد كما أراد الله»، ولاحقاً صحح تعريفه وقال: «هذه ليست عنصرية إنما انعزال. نحن ضد الانصهار مع الأغيار. هناك عالم كبير فيما إسرائيل دولة صغيرة، وهي دولة وهبها الله لليهود، لكن الجميع يشتهونها، وهذا غبن».