يعيش المسرح السعودي حالاً من المفارقة، فهو مسرح ليس له نصيب من الاهتمام الرسمي، إلا أنه في المقابل تحظى عروضه بجوائز عدة سواء داخلياً أم دولياً، وكان آخرها مسرحية «تشابك» التي كرمت أخيراً. وأكد مسرحيون ل«الحياة» في مناسبة اليوم العالمي للمسرح أهمية المسرح، وأنه يمنع عنهم الخيبات. ويقول المسرحي عبدالعزيز عسيري: «على رغم أن الحركة المسرحية تتسم بالحيوية والنشاط، وبيئة جذابة للشباب إلا أنها حركة قائمة على الأفراد وما يميزها في السنوات الأخيرة الحضور الجماهيري الذي أعتبره جيداً، فالمهتمون بالمسرح في ازدياد خصوصاً بين فئة الشباب»، نافياً عزوف الشباب «بقدر ما هي اهتمامات أفراد تختلف من شخص لآخر فلكل فن متذوقيه». ويوجه عسيري رسالة إلى المسرح قائلاً فيها: «لم نثق إلا بك فشكراً لك على حمايتنا من الخيبات. أتمنى أن يظل المسؤول الإداري على قناعاته وغافلاً عنا». ويؤكد المسرحي سلطان النوه على احتفاظ المسرح ببريقه وحضوره وإقبال الجمهور، «على رغم وجود المغريات الحياتية وبرامج الترفيه المتعددة التي غزت العالم، وكان آخر شواهد ذلك الفعاليات التي صاحبت معرض الرياض الدولي للكتاب، وما شهدته العروض المسرحية السعودية من كثافة في الحضور، فهو يغتنم الفرصة السانحة لحضور أي عرض مسرحي يُعلن عنه، طلباً في الاستمتاع والترفيه». ويأمل النوه بأن يبقى هذا الفن على وهجه وحضوره، في ظل اهتمام ورعاية وزارة الثقافة والاعلام والمؤسسات المعنية في كل توجه نحو تعزيز القيم والأخلاق والمواطنة. أما المسرحي إبراهيم الحارثي فيفيد من مقولة الكاتبة وفاء السالم وهي: «وحدهم المؤمنون بقيمة المسرح ينتظرون دهشة الأخير». وأوضح أن «المسرح هو الأداة الوحيدة التي تستطيع أن تعبر عن رؤى وأحلام ورغبات المجتمع، فالسيد النبيل (المسرح) هو النافذة الحقيقية التي يستطيع العالم أن يرى منها واقعه، فالمؤمن الذي وصل لليقين يعرف تماماً ما يستطيع المسرح صنعه»، مضيفاً أن الجمهور العربي «خصوصاً جمهور يبحث عن الدهشة، يقترن شرطياً بما يقدم من جمال على المسرح وهذه المسألة نسبية، لكن الرهان الحقيقي يقوم على الجودة، فالمسرح لا يمكن لمسه إلا من خلال التلقي الحي، ومن يفقد أدواته يفشل في صناعة هذه الحالة». ويرى المسرحي سامي الزهراني أن الجمهور السعودي «جمهور محب للفنون وشغوف بها وأكبر دليل على ذلك أن غالبية الفعاليات الثقافية والفنية التي أقامتها هيئة الترفيه كان المكان ممتلئاً، لاسيما والمسرح يحتاج إلى الحضور ويشجعه وجود مسارح مهيأة وموسم مسرحي مستمر». وقال: «لك أن تتخيل لو أقيم مركز ثقافي في كل مدينة سعودية وتتم جدولة عروضه الفنية أسبوعياً بما فيها المسرحيات، سيكون الأمر أكثر أريحية للجمهور، وسيضع في أجندته الأسبوعية عرضاً مسرحياً وسيستمر على ذلك باستمرار إقامة هذه الأنشطة، إذاً علينا أن نرتب أنفسنا من الداخل من خلال البنى التحتية للمسارح، وأيضاً إدارياً لإدارة الأنشطة المسرحية لأن ما يخدم الآن هي عشوائية قاتلة للمسرح والإبداع». وأشار الزهراني إلى المسرح السعودي «يعد من أهم المسارح العربية المتطورة التي تنافس خارجياً في كل المهرجانات والمناسبات، ويقدم نفسه بشكل جيد بجهود فردية من مسرحيين سعوديين نذروا أنفسهم لتقديم صورة مشرقة خارجياً، يأتي كل هذا في ظل ما يعانيه المسرح السعودي في الداخل من تهميش لدوره على مختلف الأصعدة، بداية من المؤسسات الراعية للمسرح»، مضيفاً: «نحن الآن على وشك مرحلة جديدة، نتمنى أن يكون للمسرح نصيب فيها من خلال تأسيس هيئتي الثقافة والترفيه والموافقة على المعهد الملكي للفنون، لعل هذه المشاريع أن تحرك المسرح الراكد». ويمضي الزهراني قائلاً: «شكراً للمسرح لأنه أشعرنا بوجودنا كما قالت الممثلة الفرنسية إيزابيل هيوبرت، شكراً للمسرح لأنه يبعث الطمأنينة في النفس يفتح لك نوافذ على عوالم أخرى. أقول للمعنين اعترفوا رسمياً بالمسرح، ساعدوا في الانتشار لا تقتلوا مواهبه، أعيدوا لنا جمعية المسرحيين المتوفية. أتمنى من كل المسرحيين ألا يتنازلوا عن التميز وطرق أبواب المسرح بأشكاله».