عندما صعد الأسير السابق في سجون الإحتلال الإسرائيلي سعيد العتبة الى منصة قصر الأمم في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية أمس، اشتعل غضباً في وجه المنظمين لأنهم منحوه دقيقة واحدة، وأخذ مكبر الصوت «عنوة» تحت تصفيق مشاركين، وسرد قصته مع الأسر الذي دام 32 عاماً، ما بعث إحساساً لدى جميع من حضروا بأن اختتام اعمال الملتقى بمجرد «بيان الجزائر» لن يقدم الكثير لقضية لم تأخذ نصيبها في الإعلام. وفي اليوم الثاني من اعمال الملتقى الدولي لنصرة الأسرى في سجون الإحتلال، ساد شعور لدى عشرات الأسرى الفلسطينيين السابقين الذين دعوا للمشاركة، أن الوقت بدأ ينفد أمامهم من دون أن يدون الملتقى شهاداتهم كما رغبوا، فانفجر أولاً العتبة وأعلنها غاضباً أنه صبر 32 عاماً في زنزانات الكيان الصهيوني، فكيف لا يصبر المنظمون عليه عشر دقائق بدل منحه دقيقة واحدة. وتكرر مشهد العتبة مع عدد من الأسرى، من دون أن يؤثر ذلك على الملتقى، بل زاد منظميه يقيناً بأن قضية الأسرى، كجزء من القضية الفلسطينية، لم تلق حصتها من الإهتمام الدولي، فيما اثار كثيرون منهم «الجانب غير الإنساني في السجون الإسرائيلية»، ومنهم من رافع لصالح «تسمية واحدة للأسرى تقر بها إسرائيل وتردعها أمام الأممالمتحدة واتفاقية جنيف». ووجد الأمين العام لجبهة التحرير الوطني المنظمة للملتقى في الجزائر عبدالعزيز بلخادم نفسه أمام مطالب ومطامح فلسطينية، صعب تحقيقها، وقال عنها: «يبدو أن كل قضية في فلسطين أعقد من الأخرى ... نعد أن تكون الشبكة التي سيتضمنها البيان الختامي فاعلة أمام المجتمع الدولي»، وكأنما اتفق كثير من الأسرى السابقين على جعل اليوم الثاني لهم، بعد أن خصص جزء كبير من اليوم الأول للساسة والشخصيات الدولية، فيما وقف عشرات في القاعة يهتفون بنصرة الأسرى. ولم يجد قانونيون عرب رداً على استفسار طرحته الأسيرة المحررة أسماء حامد المتعلق بما سمته «الأسير المختلط»، ونقلت للحاضرين «معاناتها كصاحبة جنسية أردنية فيما زوجها حامل للجنسية الفلسطينية»، وقالت: «زوجي إبراهيم حامد أسير منذ خمس سنوات، ولا أجد من يمنحني ترخيصاً لزيارته ... في الأردن يرسلونني الى سفارة فلسطين، وفي السفارة يرسلونني الى السلطات الأردنية». وبعيداً من شهادات الأسرى، فضل القائمون على الملتقى الدفع بإعلان البيان الختامي إلى ساعة متأخرة من يوم أمس، لكن أهم معالمه: «إنشاء آلية وورقة عمل من الهيئات غير الحكومية»، و «عرض تقرير الملتقى كوثيقة مرجعية أمام الهيئات الدولية، الجامعة العربية والأممالمتحدة»، كما يتسع البيان الختامي إلى «قضايا الأسرى تحت أي احتلال». ويوصي البيان الختامي ب «البحث في قضايا أخرى تتصل بجدار الفصل والإعتداءات على قوافل إنسانية وبيع الأعضاء البشرية لفلسطينيين». ولم يخل الملتقى من عامل «المؤامرة»، وأعلن بلخادم أمس في مؤتمر إعلامي أن «مؤامرات خارجية حاولت نسف الملتقى ... لكننا نقول إن الجزائر وفية لإلتزاماتها»، من دون أن يفصل في طبيعة هذه المحاولات ولا الجهة التي تقف وراءها. واستبعد أن تقوم الجزائر بوساطة فلسطينية - فلسطينية «لأن الملف لم يعد فلسطينياً - فلسطينياً، والإختلاف تحول إلى خلاف على الأهداف ... وبعدما كنا نتحدث عن طرد الإحتلال أصبحنا نبحث تجميد الإستيطان مدة شهرين». لكنه عبر عن احترامه ل «مجاملات» جمعت كلاً من القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان والقيادي في حركة «فتح» عباس زكي اللذين قال انهما يمثلان «جزءاً مهماً من الطيف الفلسطيني». واقترح مشاركون إنشاء هيئة إعلامية عالمية لنصرة الأسرى الفلسطينيين ك «فضاء افتراضي لا تحده حدود جغرافية ولا لغوية ولا دينية ولا عرقية ولا سياسية»، مهماتها «نشر كل ما توافر من المعلومات المتعلقة بالأسرى، مع التركيز على ما هو مخالف لنصوص القانون الدولي وحقوق الإنسان»، فيما قرر المشاركون تعداد ما يفوق ال 150 أسلوباً للتعذيب طبقت معظمها على الأطفال الأسرى الفلسطينيين.