«نقرأ لنعيش مرتين» عبارة اتخذها معرض تونس الدولي للكتاب شعاراً لدورته الثالثة والثلاثين (24 الجاري حتى 2 نيسان/ أبريل)، وكأنّ القائمين عليه أرادوا أن ينفخوا شيئاً من الأمل في أرواح الناس المتعبة والمقهورة، لا سيما في وسط الظروف الصعبة التي تجتازها البلاد. إنها دعوة إلى القراءة لنصنع فيها حياةً أخرى موازية، قد نكون فيها أكثر سعادة وطمأنينة. يشارك لبنان ضيف شرف في الدورة الحالية من المعرض، وجاء اختياره وفق مدير المعرض الروائي التونسي شكري المبخوت «نظراً إلى مكانته المهمة في النهضة الفكرية والثقافة العربية، ودوره الرئيس في تطوير الثقافة العربية والرؤية التنويرية في عالمنا». واختار المعرض السيدة فيروز شحصية عام 2017، تتويجاً لتجربتها الغنائية الرائدة وللمكانة العالية التي تحتلها في وجدان الشعب العربي، هي التي غنت الإنسان والجمال والسلام وقدمت للقضايا العربية وفي مقدمها القضية الفلسطينية أجمل التحيات وأعمقها. وترافق هذا الاحتفال مع عرض أعمالها السينمائية وبث أغنياتها في جناح خاص باسمها. وحضر وزير الثقافة اللبناني غطاس خوري افتتاح المعرض، بينما اقتصر التمثيل الثقافي الأدبي لبنانياً على عدد محدود جداً من الكتّاب والفنانين اللبنانيين مثل الشاعر نعيم تلحوق الموظف في وزارة الثقافة والروائي غسان الديري والفنان أحمد قعبور والممثل مجدي مشموشي والمؤرخ أمين محيي الدين فرشوخ . وأثار هذا التمثيل الضعيف للثقافة اللبنانية في المعرض الذي يحل لبنان عليه ضيف شرف استياء في الأوساط الثقافية والاعلامية التونسية، وتساءل مثقفون وكتاب عن غياب أسماء لبنانية كبيرة لها حضورها العربي المهم روائياً وشعرياً ونقدياً، ولم يلقوا جواباً شافياً، فإدارة المعرض عهدت إلى وزارة الثقافة مهمة اختيار الوفد وتولت الإدارة فقط دعوة الزميل الشاعر عبده وازن بصورة شخصية فاعتذر عن عدم تلبية الدعوة احتجاجاً على غياب الأسماء المهمة من البرنامج اللبناني. وعلق بعض الكتاب التونسيين قائلاً إن فيروز وحدها قادرة على تعويض النقص الفادح في البرنامج اللبناني. يضمّ المعرض بين أروقته نحو 170 دار نشر ومكتبة من أكثر من عشرين دولة عربية وأجنبية، و عمد مدير المعرض شكري المبخوت إلى تشجيع الناشرين العرب للمشاركة في معرض تونس عبر تخفيض الاشترك بنسبة 50 في المئة للبلدان التي تعيش صعوبات أمنية و20 في المئة لبقية الناشرين العرب. وعلى هامش المعرض، يتم تكريم عدد من المبدعين من أمثال الروائية التونسية جليلة حفصية، والكاتب التونسي حسن نصر، والأديبة والسينمائية الفلسطينية ليانا بدر، والباحث والناقد المصري جابر عصفور، والروائي والشاعر المغربي بنسالم حميش والمفكر التونسي الطاهر لبيب. وأعلنت خلال حفل الافتتاح أسماء الفائزين بجوائز الإبداع الأدبي، وتوجت رواية «ماكينة السعادة» لكمال الزغباني بجائزة بشير خريف للرواية، في حين أحرزت المجموعة القصصية «جل ما تحتاجه زهرة قمرية» للكاتب محمد فطومي جائزة علي الدوعاجي للقصة القصيرة. ونال الشاعر رضا العبيدي عن ديوانه «فوق رصيف بارد» جائزة الشاعر الراحل أولاد حمد للشعر، بينما منحت جائزة الصادق مازيغ للترجمة بالتساوي للكتابين «تاريخ تونس» ترجمة الصادق بن مهني من الفرنسية و «الأعمال اللغوية... بحث في فلسفة اللغة» ترجمة أميرة غنيم. ومنحت جائزة الطاهر الحداد للبحوث والدراسات الأدبية والفكرية للكتابين «ثورة في بلد إسلامي: تونس» لعياض بن عاشور، و «التفكير في الانتقال رفقة قرامشي تونس 2011-2014» للباحث بكار غريب. ويولي المعرض اهتماماً كبيراً بالطفل هذا العام من خلال ركن خاص يضمّ أنشطة وعروضاً ترفيهية وتعليمية، إضافة إلى الكتب المختصة.