لم تكن الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية المصرية التي جرت أمس كسابقاتها من جولات المنافسة بين الحزب الوطني الحاكم والمعارضة، إذ سعى حزب الغالبية إلى تأمين أكبر مشاركة ممكنة من المعارضة، بل تطوع، تسانده وسائل الإعلام الحكومية، للدعاية لها وتأكيد حضورها، وهو ما نفاه المقاطعون واعتبروه «محاولة لشق الصف». هذا الواقع فرضه قرار جماعة «الإخوان المسلمين» وحزب «الوفد» الانسحاب من جولة الإعادة احتجاجاً على «انتهاكات وتجاوزات» شهدتها الجولة الأولى التي حصد فيها الحزب الحاكم 209 مقاعد وفاز «الوفد» بمقعدين وأحزاب «التجمع» و «الغد» و «العدالة الاجتماعية» بمقعد واحد لكل منها، ولم يضمن «الإخوان» أي مقعد، فيما فاز المستقلون بسبعة مقاعد وتأهل لخوض الإعادة 27 من «الإخوان» و9 من «الوفد» و5 من «التجمع». وبدا لافتاً شغف الحزب الحاكم بإبراز مشاركة أي معارض في هذه الجولة والاحتفاء بها وكأنها «ضربة قاصمة» لقرار الانسحاب، فذكر الحزب على موقعه الرسمي أن «المعارضة، بما فيها حزب الوفد، تشارك بقوة»، وأن «مرشحي الوفد متواجدون في دوائرهم وسط أنصارهم ويدعون المواطنين إلى التصويت لهم». وقال الحزب في تقرير إن مندوبي مرشح «الوفد» في دائرة شبرا رامي لكح توافدوا على اللجان وحشدوا أنصارهم للتصويت للكح، وكذلك فعل مرشح «الوفد» في دائرة نبروه في محافظة الدقهلية في دلتا النيل نائب رئيس الحزب فؤاد بدراوي «الذي ينافس مرشح الوطني بشراسة». لكن «الوفد» رفض «دعاية الوطني السلبية». وقال سكرتيره العام منير فخري عبدالنور ل «الحياة» إن أقطاب حزبه من أمثال بدراوي ولكح والناطق باسم «الوفد» محمد مصطفى شردي، التزموا بقرار الحزب الانسحاب من الانتخابات، «أما بقية المرشحين فسيطبق الحزب عليهم ما ورد في لوائحه الداخلية». وشدد على أن «لكح وبدراوي لم يخوضا الانتخابات، وهما متواجدان في مقر الحزب ولم يذهبا إلى الانتخابات، وما يتردد عن عدم التزامهما بقرار الحزب ما هو إلا دعاية سلبية يبثها الحزب الحاكم في محاولة لتجميل وجه الانتخابات... أي حديث عن دعاية أو مندوبين في اللجان هو أمر مدسوس من الحزب الوطني». وأكد أن «الوفد لن تكون له هيئة برلمانية في المجلس المقبل لأننا لا نفخر بالانضمام إليه». واحتفى الحزب الحاكم باستمرار مرشحي «الإخوان» أسامة سليمان في دائرة دمنهور في محافظة البحيرة ومجدي عاشور عن دائرة النزهة في القاهرة، في «حشد مؤيديهما» وخروجهما على «قرار الجماعة المحظورة الانسحاب من الجولة الثانية للانتخابات». غير أن الجماعة شككت في ما يبثه الحزب الحاكم من دعاية. وقال عضو مكتب إرشاد «الإخوان» سعد الكتاتني ل «الحياة» إن «دعاية الوطني لعبة أمنية لشغل الرأي العام عن الكوارث التي ارتكبها الحزب الوطني في هذه الانتخابات»، مضيفاً أن «الحزب يسيئه الصمود الذي أظهره مرشحو الإخوان، فقادة الوطني يعز عليهم صمود الجماعة واحترام اعضائها القرارات الصادرة عن قيادة الجماعة». وأكد أن «لا انشقاقات في الإخوان ولم يقم أي من مرشحي الجماعة المدرجين في قوائم جولة الإعادة بدعاية أو دعا الناخبين إلى التصويت له أو حتى شارك في الانتخابات». وقال: «حتى لو خرج عضو عن الإجماع، وهذا لم يحدث، فماذا نفعل؟ سنعتبره غير ممثل للجماعة». في غضون ذلك، ذكرت تقارير حقوقية أن «الوطني» لجأ إلى عقد صفقات مع أحزاب المعارضة الصغيرة «لتجميل وجه البرلمان المقبل عبر دفع مرشحين غير منتمين إليه لخوض الانتخابات وتزوير النتيجة لمصلحتهم على حساب مرشحيه». وأوضحت «الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية» في بيان أن الحزب الحاكم «دفع المرشح المستقل على مقعد العمال في دائرة أول المحلة في محافظة الغربية محمود الخرويلي إلى الانضمام إلى «حزب الجيل» المعارض مقابل ضمان الحزب الحاكم فوزه بالمقعد». وفي دائرة أجا في محافظة الدقهلية، أعلن مرشح «الحزب الوطني» على مقعد الفئات عبدالفتاح دياب انسحابه من الانتخابات، احتجاجاً على «التزوير» لمصلحة مرشح حزب «التجمع» اليساري رأفت سيف.