احتجزت السلطات الروسية أمس، المعارض أليكسي نافالني وعشرات شاركوا في تظاهرات رفعت شعارات تندّد بالفساد وتتهم رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف باستخدام السلطة لمراكمة ثروة طائلة. واعتبرت أوساط معارضة أن هذا التطوّر يفتح على تصعيد للمواجهة مع المعارضة. وشهدت مدن روسية اعتصامات وتظاهرات متزامنة، تلبية لدعوة وجّهها حزب «بروغريس» المعارض الذي يقوده نافالني. وتفاوتت درجة الإقبال، بين مئات في مدن، وآلاف في مدن كبرى مثل موسكو وسان بطرسبورغ ونوفوسيبيرسك. وقالت أوساط المنظمين إن حوالى 65 ألف شخص شاركوا في الاحتجاجات. وهذا رقم لم تؤكده السلطات، لكنه سيعكس، إذا كان صحيحاً، أوسع احتجاجات تشهدها مدن روسية منذ نهاية العام 2012، وتعتبرها أوساط روسية أول اختبار جدي لقدرة نافالني، الذي ترشّح لانتخابات الرئاسة المرتقبة العام المقبل، على حشد متظاهرين في الشارع. وركّزت الشعارات التي رُفعت أمس، على اتهامات لمدفيديف بالتورط بعمليات غير قانونية، ومراكمة ثروات ضخمة من خلال صفقات مشبوهة. وكان «صندوق مكافحة الفساد» الذي يديره نافالني، أعدّ فيلماً وثائقياً في هذا الصدد، بُثّ قبل أسابيع على موقع «يوتيوب» وشوهد 10 ملايين مرة. وقال مقرّبون من نافالني أمس، إن التظاهرات هدفها دفع القضاء إلى فتح تحقيق حول المعطيات الواردة في الفيلم. وأعلنت السلطات احتجاز عشرات الأشخاص في موسكو، بينهم نافالني، لاتهامهم بالمشاركة في تظاهرات غير مرخصة. وحمّلت المعارض الروسي «مسؤولية نتائج النشاط الاستفزازي الذي يهدّد أمن المواطنين». وقال نافالني قبل لحظات من توقيفه: «يسعدني خروج هذا العدد الكبير (إلى الشوارع) في موسكو». وقال الطالب دنيس كورنيف (17 سنة) في موسكو: «خرجت (للتظاهر ضد) الفساد، وأريد من السلطات أن تردّ على الاتهامات (الواردة) في فيلم نافالني. في دول كثيرة كان يمكن أن تستقيل الحكومة لسبب مشابه». وأوقف حوالى 30 محتجاً في مدينة فلاديفوستوك في أقصى شرق روسيا، بعدما حمل متظاهرون لافتات كُتب عليها: «الفساد يسرق مستقبلنا» و «رئيس الوزراء يجب أن يردّ» على الاتهامات الموجّهة إليه. وكانت وكالة «تاس» الرسمية للأنباء نشرت صباح أمس، تحذيراً وجّهته الشرطة في موسكو وتناقلته شبكات تلفزة، حضّ الروس على عدم المشاركة في الاحتجاجات، كونها «استفزازية» و «هدفها زعزعة الوضع في العاصمة ومدن أخرى». وذكّر التحذير بأن عقوبة المشاركة في تظاهرة غير مرخصة، تراوح بين غرامة مالية مقدارها 20 ألف روبل (350 دولاراً)، والتوقيف الإداري ل15 يوماً. وقالت أوساط المعارضة إن الشرطة استخدمت غازاً مسيلاً للدموع لتفريق المحتجين، مضيفة أن مشاركين في التظاهرات ضُربوا بهراوات. واعتبر معارضون أن احتجاز نافالني سيؤدي إلى تصعيد المواجهة مع السلطة، إذ يشكّل «اعتداءً على المرشح المعارض الوحيد في انتخابات الرئاسة». لكن السلطات الأمنية رأت أن نافالني تعمّد «القيام بنشاط استفزازي ليلفت الأنظار إليه». وكان المعارض الروسي أعلن نهاية العام الماضي، ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة المرتقبة في آذار (مارس) من العام المقبل. وكادت فرصه لخوض السباق الرئاسي تتلاشى، بسبب إدانته في قضية تلاعب مالي، لكنه تجاوز هذه العقبة بعدما برأته المحكمة العليا من التهم الموجهة إليه. وأتاح ذلك لنافالني توسيع حملته الانتخابية التي تركّز على ملفات الفساد وغياب الحريات. وأسّس لهذا الغرض «صندوق مكافحة الفساد» الذي نشر خلال العام الأخير تحقيقات أظهرت ضلوع مقرّبين من الرئيس فلاديمير بوتين في ملفات فساد كبرى، وكان أحدثها الملف الذي اتهم مدفيديف بالتورط بقضايا فساد، علماً أنها المرة الأولى التي تُوجّه فيها شبهات بالفساد إلى رئيس الوزراء الروسي.