«الأخطاء العيادية (السريرية) التي يمكن تجنّبها مسؤولة عن موت أكثر من 400 ألف شخص سنوياً في الولاياتالمتحدة، وهي ثالث أكبر سبب للوفيات فيها، وهذه الأخطاء تعود إلى طرق تعليم الطب». هذا ما أكّده رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) الدكتور جوزيف جبرا في الكلمة التي ألقاها في افتتاح المؤتمر الدولي الثالث للتعليم الطبي الذي تنظمه «كلية جيلبير وروز ماري شاغوري» للطب في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت (LAU). وهذه الأرقام نشرتها دورية «THE GLOBAL JOURNAL IN CLINICAL RESEARCH» المختصة بالبحوث السريرية، مؤكدة وفق الدكتور جبرا، أن تعليم الطب في المحاكاة لا يزال متأخراً ولا يواكب التطور التقني والعلمي الذي عرفه الطب، مع أن المحاكاة تعود إلى التاريخ القديم حين كان الأطباء يصنعون نماذج بشرية من الطين والحصى للعمل عليها». وهو ما يؤكد حاجة لبنان والعالم للعمل على تطوير نظام وتقنيات التعليم بالمحاكاة الذي يحمل هذه السنة ثيمة المؤتمر الفريد من نوعه إقليمياً والذي تتفرّد الجامعة باتباعه في كلية الصحة لديها. وكان جبرا تحدث بعدما افتتح وزير الصحة اللبناني ونائب رئيس الحكومة غسان حاصباني ممثلاً رئيس الجمهورية راعي الاحتفال، المؤتمر الذي حضره عمداء كليات صحة من مختلف الجامعات في لبنان وعشرات الأطباء والممرضين والمسعفين وهيئات طبية ورؤسات مؤسسات عامة، وعُقد أمس في فندق الحبتور، بالتعاون مع الجمعية الأوروبية للمحاكاة في التعليم SESAM، والجمعية الأميركية لتقنيي هذا النظام SimGHOSTS. المؤتمر الذي يتطرّق الى نقطة أساسية أيضاً وهي سلامة المرضى التي تأتي في أولوية الخبراء والأطباء المشاركين، قدّمت له الإعلامية كلود أبو ناضر هندي، وتحدّث فيه إضافة إلى جبرا كل من عميد كلية الطب في (LAU) الدكتور ميشال معوّض، ورئيسة المؤتمر الدكتورة زينات حجازي، ومستشار رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط الكابتن حسن عزيز، ومدير مركز «ILUMENS SIMULATION CENTRE» في جامعة السوربون في باريس الدكتور أنطوان تيسنيير، مؤكدين أهمية المحاكاة بالتعليم لعنصر فعال في تحسين جودة العمل الطبي وتحسين التواصل بين الجسم الطبي والمريض، عارضين أهم تطوّرات هذا النظام عالمياً والتحديات التي يواجهها الجسم الطبي والتعليمي في مبادئ الطب السريري وتطبيقاته. وأكدت حجازي ل «الحياة» أن هذا النظام، الذي تتعبه الجامعة اللبنانية الأميركية التي طوّرت منهجاً خاصاً بها في هذا المجال، يعمل على أجساد تشبه جسد الإنسان موصولة بآلات وأجهزة الكترونية للتحكم بها. وأضافت أن الهدف الأساسي من هذا النظام هو عدم تدريب الطلاب على جسد الإنسان ومنحهم مهارات سريرية عالية من دون التسبب بأي أذى لأي مريض. وعن الفئة المستهدفة في المؤتمر، قالت حجازي: «المؤتمر موجه لطلاب الطب بمختلف اختصاصاتهم وشركات التأمين والصيادلة والمعلمين والأطباء والمختصين في التغذية والعلاج الطبيعي والمعنيين بإدارة المستشفيات، وقسم الجودة وتحسين الخدمة في المؤسسات العامة مهما كانت طبيعتها بحيث تعمل على الارتقاء بصحة موظفيها العامة وسلامتهم والتصرّف في الحالات الطارئة». وانتقل المؤتمرون والخبراء في اليوم التالي (السبت) إلى «مركز جيلبير وروز ماري شاغوري للعلوم الصحية» في حرم الجامعة اللبنانية الأميركية في جبيل (شمال لبنان)، للبحث في تقنيات هذا النظام الحديث في التعليم وتطبيقاته العملانية ومعالجة الابتكارات الخالية في ما يخصه والتحديات التي تواجه المعلمين والطلاب والجسم الطبي عموماً، من خلال ورش عمل وجلسات حول «ماضي المحاكاة في التعليم وحاضره ومستقبله»، «حالات الطوارئ التوليدية»، «حالات غرفة الطوارئ»، «طوارئ طب الاطفال»، وغيرها من الورشات التطبيقية التي يديرها مهنيون ذوو شهرة عالمية من أستراليا والدنمارك وفرنسا وألمانيا والولاياتالمتحدة ودول أخرى رائدة في مجال التعليم الطبي. ومن أهم الجلسات في المؤتمر معالجة التحديات والابتكارات الحالية في محاكاة القائم على التعليم الطبي، وتشجيع التعاون بين المهنيين بهدف ضمان سلامة المرضى، وتشجيع التواصل بين المعلمين في محاكاة والمهن ذات الصلة بالصحة، وكيفية التعامل مع المريض وأهله، والتواصل بين الفريق الطبي من أجل سلامة المريض، فن استخلاص المعلومات والملاحظات، بناء مركز المحاكاة، محاكاة الهجين، صنع القوالب والتكنولوجيا لأغراض المحاكاة.