كشفت الشركة العربية للاستثمارات البترولية (ابيكورب) في تقرير بعنوان «توقعات الاستثمار في الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، أن إجمالي الاستثمارات الملتزم بها والمخطط لها في قطاع الطاقة في المنطقة، قد يصل إلى تريليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة (2017 - 2022)، على رغم ما تمر به المنطقة من تحديات اقتصادية وسياسية. وعلى رغم تراجع الاستثمارات في قطاع الطاقة على الصعيد العالمي عام 2016، بنسبة 24 في المئة مقارنة بعام 2015، شهد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ارتفاعاً في النشاط الاستثماري في هذا القطاع بنسبة سبعة في المئة مقارنة ببيانات العام السابق. وأشار التقرير إلى أن مشاريع الطاقة تتصدر أجندة العديد من دول المنطقة خلال السنوات الخمس المقبلة. وقدر حجم مشاريع الطاقة قيد التنفيذ حالياً بنحو 337 بليون دولار وفق حسابات أجريت نهاية عام 2016. وفي المقابل، قدر حجم مشاريع الطاقة المخطط لتنفيذها خلال السنوات الخمس المقبلة بما قيمته 622 بليون دولار، وبهذا يكون إجمالي حجم الاستثمارات المعتمدة والمخطط لها نهاية عام 2016 ما يعادل 959 بليون دولار، مقارنة ب900 بليون دولار عام 2015. وفي ضوء هذه البيانات، أعرب فريق البحث لدى «ابيكورب» عن تفاؤل نسبي في ما يتعلق بمستقبل النشاط الاستثماري لقطاع الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولا تزال حكومات المنطقة تعتبر الاستثمار في قطاع الطاقة إحدى أولوياتها، ومن المتوقع تنفيذ الكثير من المشاريع المهمة والناجحة على مدى الخمس سنوات المقبلة. وشهدت استثمارات الطاقة المخطط لها ارتفاعاً بنسبة اثنين في المئة، في حين ارتفع حجم مشاريع الطاقة قيد التنفيذ بنسبة 17 في المئة. وتعكس هذه الخطوة انتقال العديد من المشاريع والاستثمارات من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ، إذ تمت ترسية بعض العقود بعد ظهور بوادر أولية تشير إلى استعادة أسواق الطاقة توازنها وتحسن أسعار النفط. وتتصدر دول مجلس التعاون الخليجي قائمة دول المنطقة استثماراً في قطاع الطاقة. وتوقع التقرير أن تكون منطقة الخليج في وضع جيد عندما تبدأ أسعار النفط بالارتفاع. ويحمل قطاع النفط في كل من مصر وإيران آفاقاً واعدة، خصوصاً بعد إعلان إيران عزمها على ضخ استثمارات كبيرة في قطاع التنقيب واستكشاف النفط، والتحديات التي تواجهها مصر في إطار الجهود المبذولة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة. ويتوقع أيضاً أن تتجه الأنظار نحو قطاع الطاقة المتجددة في كل من المغرب وتونس والأردن من ضمن المساعي لتلبية الطلب المتزايد على توليد الطاقة الكهربائية. وقدر التقرير قيمة إجمالي الاستثمارات في مشاريع الطاقة قيد التنفيذ حالياً بنحو 337 بليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، تتضمن تخصيص 121 بليون دولار منها للاستثمار في قطاع النفط، و108 بلايين دولار للاستثمار في قطاع الغاز، و91 بليون دولار للاستثمار في مشاريع توليد الطاقة الكهربائية و17 بليون دولار للاستثمار في قطاع الكيماويات. وتمثل دول مجلس التعاون الخليجي ما مجموعه 174 بليون دولار من قيمة الاستثمارات الملتزم بتنفيذها، ما يشكل أكثر من 50 في المئة من إجمالي قيمة مشاريع القطاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وإذ يقدر حجم الاستثمارات المخطط لها في قطاع الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنحو 622 بليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، يحتل قطاع الطاقة الحصة الأكبر من الاستثمارات بقيمة 207 بلايين دولار، ويمثل قطاع الغاز 195 بليون دولار، وقطاع النفط 159 بليون دولار، مع تخصيص باقي قيمة الاستثمارات لقطاع البتروكيماويات. ويُظهر تقرير «ابيكورب» أن المشاريع قيد الدرس حتى الآن تمثل القسم الأكبر من الاستثمارات المخطط لها بقيمة 289 بليون دولار. وتمثل حصة السعودية 19 في المئة من إجمالي الاستثمارات المخطط لها في قطاع الطاقة بالمنطقة. يأتي ذلك في إطار سعي المملكة إلى تعزيز برامجها المتعلقة بقطاعي النفط والغاز. ووضعت السعودية خططاً لعدد كبير من المشاريع المرتقبة لتعزيز قدرات توليد الطاقة الكهربائية. كما تخطط المملكة أيضاً لمواصلة الاستثمار في قطاع البتروكيماويات في إطار سعيها لتنويع موارد الاقتصاد وتحقيق مستويات أعلى من القيمة المضافة. وقال نائب الرئيس التنفيذي والمدير العام لدى «ابيكورب» رائد الريس: «بعدما شهدنا أخيراً واحدة من أكبر الأزمات متمثلة في هبوط تاريخي من حيث الحدة والمدة، لأسعار النفط، لا تزال الاستثمارات في قطاع الغاز والنفط تواجه صعوبات في التعافي على الصعيد العالمي. إلا أن هنالك بعض المؤشرات الإيجابية والواضحة اقليمياً، إذ أفادت الدراسة بأن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعمل حالياً على تعزيز استثماراتها في قطاع الطاقة على مدى خمس سنوات». وأشار التقرير الى أن «دول المنطقة تواجه تحديات عديدة في ظل انخفاض أسعار النفط، ما اضطرها الى اتخاذ إجراءات للحد من العجز في موازناتها. وعلى رغم ذلك، تشير بحوثنا إلى أن الحكومات لا تزال تمنح الأولوية للاستثمارات الحيوية في قطاع الطاقة في ظل مساعي بعض الدول للحفاظ على مكانتها كمورد عالمي للطاقة، ومحاولة الدول الأخرى سد نقص الإمدادات في قطاع الطاقة المحلي». ويعتمد نمو السوق في شكل عام على تحسن الأوضاع السياسية في بعض دول المنطقة في المدى المتوسط، بالإضافة إلى سرعة انتعاش أسعار النفط وقدرة الحكومات على ترشيد الإنفاق وبذل الجهود في سبيل تحقيق إصلاحات اقتصادية هيكلية هي في أمسَ الحاجة إليها.