أكدت موسكو تمسكها بالمبادرة الداعية إلى تأسيس فضاء أمني موحد في أوروبا. ودعا الرئيس ديمتري مدفيديف إلى وضع مبادئ لتسوية النزاعات في القارة بمشاركة كل الأطراف، في حين برزت ملفات خلافية خلال قمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي عقدت في أستانا (عاصمة كازاخستان) أمس، وحذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن موسكو «لن توقع على البيان الختامي إذا اشتملت صياغته بنداً حول النزاع مع جورجيا». وكرر مدفيديف الدعوة إلى الشروع بعملية إصلاح واسعة النطاق لهياكل المنظمة وآليات عملها، وقال إن روسيا «تدعو باستمرار الى منح مبادئ هلسنكي حياة جديدة من طريق تجسيدها في الواقع». وأعرب الرئيس الروسي عن ثقته بأن أوروبا «ستحتاج عاجلاً أم آجلاً الى المبادرة الروسية بوضع معاهدة شاملة للأمن في الفضاء الأورو - آسيوي من فانكوفر الى فلاديفوستوك». وزاد: «من الممكن أن التصورات النمطية ما زالت قوية وأن قبول مبادرتنا ما زال سابقاً لأوانه، لكنني لا أشك في أن وقت (التوصل إلى) هذا الاتفاق سيحين عاجلاً أم آجلاً». وأوضح أن القمة تأتي في الذكرى ال35 للتوقيع على معاهدة هلسينكي التي شكلت مرحلة جديدة في تطوير رؤية إنشاء فضاء أمني مشترك ثم فضاء ديموقراطي مشترك من فانكوفر إلى فلاديفوستوك. وقال أن موسكو أكدت مراراً تمسكها بمبادئ هلسينكي، وخطت خطوة جديدة في هذا الاتجاه بتقديمها عام 2008 مبادرة لتوقيع اتفاق ملزم للأمن في أوروبا بهدف ضمان مبدأ عدم تجزئة الأمن». وأشار إلى أن «كل أعضاء منظمة الأمن والتعاون يعترف بأن خطوط التقسيم في أوروبا يجب أن تصبح من الماضي، وعلى أي بلد ينضم الى حلف أن يضمن أن نشاطه لن يلحق ضرراً بأمن البلدان الأخرى». ولفت مدفيديف إلى نقطة ثانية لم يتم الاتفاق في شأنها عندما تحدث عن ضرورة وضع مبادئ موحدة لتسوية النزاعات في فضاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، مشيراً إلى وجوب تطبيق هذه المبادئ في كل الحالات. وأضاف أن من بين هذه المبادئ، الالتزام بعدم استخدام القوة، والتوصل إلى توافق بين الأطراف المعنية، واحترام الأطر المتفق عليها للتفاوض وتنفيذ مهمات حفظ السلام، وضمان حقوق المدنيين المتواجدين في مناطق النزاع. وشدد مدفيديف على أن تسوية النزاعات يجب أن تكون سلمية فعلاً لأن اللجوء إلى القوة العسكرية، كما فعلت القيادة الجورجية بحق أوسيتيا الجنوبية في آب (أغسطس) 2008، يعتبر أمراً غير مقبول على الإطلاق. وتبحث قمة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي التي بدأت أعمالها أمس، مسائل الأمن في القارة الأوروبية، ومشكلات تطبيق بنود معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا. ويشارك في القمة ممثلون عن 56 بلداً عضواً في المنظمة، إضافة إلى رؤساء 12 من البلدان التي تتمتع بصفة «شركاء تعاون مع منظمة الأمن والتعاون الأوروبي» بينهم الرئيس الأفغاني حميد كارزاي وممثلون عن عشرات المنظمات الدولية، كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي والمجلس الأوروبي ورابطة الدول المستقلة، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أشار في بداية أعمال القمة إلى ملف خلافي أساسي بالنسبة إلى موسكو يتعلق بالوضع حول جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية (أعلنتا استقلالاً مدعوماً من جانب موسكو على رغم المعارضة الدولية) عندما أكد أن بلاده لن تؤيد الوثائق الختامية للقمة إذا تضمنت بنوداً تذكر «النزاع في جورجيا». وأوضح لافروف أن روسيا ترفض في شكل حازم وصف هذه المحادثات لأنها مخصصة لبحث موضوع «النزاعات في جورجيا»، بحسب النص الذي يحاول بعض الزملاء الأوروبيين تضمينه في البيان الختامي». وأوضح لافروف أن المشاركة كاملة الحقوق لأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية في العملية التفاوضية تؤكد صفتهما كدولتين مستقلتين، مشدداً على أنه لا يمكن أن يدور الحديث عن وحدة أراضي جورجيا في حدودها ما قبل آب 2008. في غضون ذلك أعلنت مينسك تعهدها بالتخلص من مخزون اليورانيوم العالي التخصيب لديها بحلول عام 2012. وقال وزير خارجية بيلاروسيا سيرغي مارتينوف إن هذا القرار جاء عقب اجتماع مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في العاصمة الكازاخستانية الأستانة، على هامش قمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وكان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاتشينكو أعلن في نيسان (أبريل) الماضي، أن بلاده لن تتخلى عن اليورانيوم المخصب الذي بحوزتها، مبرراً ذلك بأنه متواجد تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولا توجد معطيات محددة حول كمية اليورانيوم في بيلاروسيا، لكن مارتينوف ذكر أن الكمية التي سيجري التخلص منها تصل إلى مئات الكيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بدرجة عالية.