طارت الجلسة التشريعية النيابية للبرلمان اللبناني وعُلّق معها استكمال البحث أمس، في سلسلة الرتب والرواتب للموظفين والمعلمين والأسلاك العسكرية، إلى الاربعاء أو الخميس وفق رغبة رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، بانتظار عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من زيارة يوم واحد الى مصر. بعد تطيير النصاب في الجلسة المسائية التي كانت سبقتها سجالات وصلت إلى حد تبادل الاتهام في إطلاق الحملات الانتخابية واستغلال السلسلة لهذا الغرض، واتهام نواب حزب «الكتائب» بالعرقلة وبمواقف شعبوية انتخابية. وتوجه الرئيس الحريري ونائب رئيس المجلس فريد مكاري الذي ترأس الجلسة إلى غرفة الصحافة وعقدا مؤتمراً صحافياً حمل خلاله الأخير «المزايدين والمعرقلين وفي مقدمهم رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل وحزب «الكتائب» مسؤولية الالتفاف على السلسلة وإلغائها بما يمنع أكثر من 250 ألف عائلة من الوصول إلى بعض حقوقها بحجة تأمين موارد من خارج سياق الإيرادات من دون تقديم طرح بديل وواقعي، ومن دون المشاركة بأي عمل جدي». أما الحريري فاعتبر أن «ما حصل اليوم معيب والرئيس مكاري حاول مراراً إدارة الجلسة، ونحن توافقنا في اللجان وكان هناك بعض الشوائب ولكن كان هناك عمل برلماني»، ولفت إلى أن «البعض يعرف أننا كفريق سياسي كنا متحفظين عن موضوع السلسلة لكن مشينا بها لأن هذه مصلحة الناس، والحكومة ووزير المال عملوا ليلاً ونهاراً لتحقيق المداخيل». وقال: «من المعيب الذي حصل اليوم. عبر مواقع التواصل يتم تسريب الأكاذيب، ونحن سنسمي ونعلن من قام بذلك والقانون يطاول الجميع وإذا كان أحد النواب من قام بذلك فنحن سنرفع عنه الحصانة». وأكد «أننا مصرون على إقرار السلسلة، كحكومة سنقوم بواجبنا وإن شاء الله الرئيس بري سيدعو إلى جلسة قريباً». ورد الجميل بأن «الضرائب ال22 ليست سرّية بل موجودة في كل الإعلام وليست أمراً سريّاً»، لافتاً إلى أن «كل الوسائل الإعلامية أعلنت الضرائب، وأول مرة أسمع أن مجلساً نيابياً أو حكومة ترفع جلسة بسبب إشاعة عن ضرائب إضافية، ونحن لا علاقة لنا بالإشاعات». وكان الاسترسال في النقاش والجدال بين النواب حال في الجولة الثالثة، دون الإسراع في بت السلسلة للموظفين والمعلمين والسلك العسكري، إذ شهدت جلسة التشريع الصباحية تلويحاً من الرئيس مكاري الذي استخدم مطرقة الرئاسة مرات عدة، بعد احتدام السجال حول بند الرسوم على التبغ والتنباك، برفع الجلسة إلى الأربعاء المقبل قائلاً: «انا موجود هنا لظرف خاص، هو غياب رئيس المجلس نبيه بري، ما حدا عم يتجاوب من النواب، بري لساني من الحكي معهم ولا أحد عم يسمع». ولدى مغادرته منصة الرئاسة تدخل المعاون السياسي للرئيس بري وزير المال علي حسن خليل متمنياً عليه استمرار الجلسة، فعاد إلى مقعده. ودعا النواب كسباً للوقت إلى عدم تأخير إقرار السلسلة، وقال: «موقفنا أصبح محرجاً أمام الناس في الخارج. المواد التي أقرت لا يجوز أن نعود إليها مجدداً باستثناء المواد المعلقة، وللنائب الحق في التكلم مرة واحدة في المادة المطروحة لنسرع الأمور، ولن أسمح لأي نائب بالتكلم مرة ثانية فيها». لكن سرعان ما أعاد النائب غسان مخيبر الكرة ثانية ما دفع مكاري إلى منعه أكثر من مرة وبحدة قائلاً: «صار معي قرحة من غسان». حزمة الضرائب وبعد حزمة الضرائب مساء أول من أمس التي شملت رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 11 في المئة وفرض 4 الاف ليرة على الطابع المالي وتعديل التعريفات على الصكوك والكتابات وفرض طابع مالي على البناء بنسبة 5.1 على كل متر مربع من القيمة التخمينية للبناء، ووضع رسم 6000 ليرة على الطن لإنتاج الاسمنت. تابع المجلس قبل ظهر أمس مناقشة السلسلة. وطلب الرئيس فؤاد السنيورة الكلام بالنظام وقال: «أريد التعقيب حول رسم الطابع وهو 2000 ليرة على كل متر وأقترح رفعه إلى 3000. أما في موضوع الاسمنت فلنعط المعامل حق استرداد الرسم للتصدير لئلا تكون الزيادة على المواطن». وأشار ابراهيم كنعان إلى «أننا كنا نسعى إلى تمويل السلسلة فأصبحنا من وراء بعض الشعارات كأننا نرتكب جريمة»، مطالباً من يقول إن «هذه الضرائب مجحفة ليقل لنا كيف يريد أن يمول السلسلة. يجب أن نأخذ قراراً جريئاً للتمويل». وقال علي عمار: «نحن ضد أي ضريبة تطاول المواطن الفقير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهذا لا يتنافى مع رحابة المناقشة التي نقوم بها في ثالوث الإيرادات والإمكانات والإصلاحات»، وتمنى على الرئاسة «ألا تسمح بالعودة للنقاش إلى ما انتهت إليه جلسة الأمس». ولفت نواف الموسوي الرئاسة إلى «أننا اتفقنا على أن نبدأ بالمادة السادسة وأتمنى الانطلاق منها». وسجل أيوب حميد اعتراضه على عودة النقاش وقال: «لم نعد نعرف من مع السلسلة ومن ضدها». وقال بطرس حرب: «علينا أن نطبق النظام وعدم الخروج عنه». ثم تليت المادة السادسة المتعلقة بزيادة الضريبة على المشروبات الروحية المستوردة بنسبة تتراوح بين 25 و35 في المئة، فصدقت. وطرحت المادة السابعة المتعلقة برفع الرسوم على التبغ والتنباك. وقال عاطف مجدلاني: «كلما رفع سعر التبغ والتنباك انخفضت التداعيات الصحية والأمراض السرطانية». واقترح إضافة 250 ليرة على كل علبة سجائر «وبذلك نساهم في خفض الضرر». 50 معبر للتهريب ورد أكرم شهيب على المطالبات بإبقاء الأسعار كما وردت، فشدد على «ضرورة قمع التهريب لأن الشباب اللبناني يموت بسبب الدخان»، وتمنى أن يكون السعر «مرتفعاً ليمنع من يود شراء هذه الآفة». ورأى أن «ما نقوم به سيغرق السوق اللبناني بالتهريب وبالأنواع الفاسدة». وقال: «لدينا 50 معبر تهريب، ويؤجر المعبر الواحد كل ليلة ب25 ألف دولار ويتم عبره تهريب كميات كبيرة من الممنوعات». أما أنور الخليل فأشار إلى «أننا في العام 2000 كنا نبيع ما يقارب 290 مليون علبة سجائر وعندما رفعت الأسعار انخفض البيع وانعكس على مالية الدولة، والحدود الشرقية مفتوحة على غاربها وعمليات التهريب قائمة علماً أن في سورية لا ضريبة على الدخان». وقال الوزير خليل: «هناك قانون صدر ضد التدخين يفترض أن يطبق وهناك مؤسسة تعنى بالتدخين (الريجي) تضخ على الدولة الأرباح». وأعلن الوزير حسين الحاج حسن أنه «ضد رفع الرسوم حتى لا نكون قد استسلمنا لمافيات التهريب». ودعا وائل أبو فاعور إلى «الأخذ في الاعتبار الوضع الصحي لأن معدل السرطان في لبنان يعتبر الثاني في الدول العربية، وهناك إجراءات يمكن أن يقوم بها الجيش لمنع التهريب». وقال سامي الجميل: «كلفة التدخين يجب أن تكون مرتفعة ويمكن أن يكون هذا البند الأكثر في إدخال المال إلى الخزينة. نتحدث عن تهريب الدخان ولا نتحدث عن تهريب الكحول». فقال الوزير خليل: «الفرق أنه لا يوجد ريجي للكحول أسوة بالدخان». وكان الجميل يتحدث ويده في جيبه فتوجه أنور الخليل إلى الرئاسة قائلاً: «خليه يشيل ايدو من جيبه». فعلق مخيبر: «مش أحلى ما تكون بجيبة غيرو». وقال الرئيس الحريري: «دعونا نختبر هذا الموضوع وبعد سنة نرى مدى انعكاس هذه الإجراءات على الخزينة العامة». ودعا نديم الجميل إلى التساوي في الضريبة على جميع أنواع وأصناف التبغ والتنباك. فدافع وزير المال عن مؤسسة الريجي وقال: «الإنتاج المحلي رخيص الثمن»، واقترح فرض ضريبة على التبغ المستورد. وطرح اقتراح عاطف مجدلاني رفع السعر 250 ليرة على السجائر و500 ليرة على علبة السيجار فصدق. وطرحت المادة السابعة معدلة برفع الرسوم على التبغ المستورد كما عدلته اللجان فصدق. ثم تليت المادة الثامنة المتعلقة بالرسم على الوصية والوكالة والسندات والتعهدات لدى كتاب العدل، فاعترض عدد من النواب. واقترح وزير العدل سليم جريصاتي زيادة المطابقة على التواقيع من عشرين إلى أربعين ألف ليرة وصدقت معدلة. التملّص من الالتزامات وقال الوزير جمال الجراح: «السلسلة عبارة عن معاشات وواردات ونحن سرنا فيها على هذا الأساس، وكانت القوى السياسية ذاتها حاضرة معنا في اللجان المشتركة واللجنة المصغرة. وسأل: «هل هذه القوى تتملص من التزاماتها؟ لماذا نناقش السلسلة في هذه الذهنية، لن نصل إلى نتيجة علماً أن الجميع كان موافقاً على هذه الإصلاحات». وتليت المادة العاشرة المتعلقة برسم ضريبي قيمته خمسة آلاف ليرة على المسافرين براً عبر سورية. وسأل نديم الجميل لماذا هذه الضريبة لا تشمل الوافدين. واقترح سيرج طورسركيسيان أن يكون الرسم محصوراً بغير اللبنانيين، لافتاً إلى مئة ألف سيارة تحمل لوحات أجنبية تتجول بكل حرية ولا تدفع أي رسم. وتلا اقتراحاً معدلاً سلفاً بفرض رسم مئة ألف ليرة لبنانية على كل سيارة تحمل لوحة أجنبية. ورد الرئيس الحريري: «هذا الاقتراح يفترض أن تدرسه الحكومة لتبيان نتائجه وانعكاساته». وقال الوزير نهاد المشنوق: «إذا فرضنا رسماً على السوريين الذين يدخلون بالآلاف نحقق أرباحاً كثيرة». واقترح سامي الجميل رسماً على دخول السوريين للحد من النزوح. وقال نواف الموسوي إن «اهالينا سواء في الشمال أو في البقاع يترددون يومياً للتبضع من سورية ولا يجوز فرض رسم دخول وخروج على هؤلاء». وسأل أنطوان زهرا: «هل هذا الرسم يفرض على كل الداخلين والخارجين بمن فيهم المسلحون؟ وهل يمكن بوجود الاتفاقات بين لبنان وسورية فرض ضرائب، وهل يمكن تعديلها؟». ولفت الوليد سكرية إلى أن هذه الضريبة ستقابل بضريبة من الجهة السورية على اللبنانيين. وأشار علي عمار إلى أن «الاتفاقات الموقعة بين لبنان وسورية تراعي مبادئ العلاقات الثنائية وأن التعرض لها يدخلنا في إحراج». وهنا لفت مكاري إلى أن عدد النواب بات يقارب النصف وسأل مكاري، وزير العدل: «هل هذا الرسم يتعارض مع الاتفاقات؟» أجاب: «نعم يتعارض مع الاتفاقات». فلم يتم التصويت عليه. ورفع مكاري الجلسة إلى الخامسة مساء.