تجددت الاتهامات بين شريكي الحكم السوداني حزب المؤتمر الوطني و «الحركة الشعبية لتحرير السودان» في شأن تعطيل الاستفتاء على تقرير مصير جنوب البلاد المقرر بداية العام المقبل، وقصف الجيش الشمالي قواعد في الجنوب ما أدى الى مقتل جنديين. وأكّد وزير السلام في حكومة الجنوب الأمين العام ل «الحركة الشعبية» باقان أموم أن دولة الجنوب في حال انفصال الإقليم لن تكون «دولة مشاغبة» بأي حال من الأحوال، وقال انهم لن يتخوفون إذا قرّر شمال السودان أن يتوحد مع مصر ويكون جزءاً منها، مؤكداً أنّ الجنوبيين سيستقبلون الدولة الجديدة بفرح، ويريدون أن يقرروا مصيرهم من دون خوف. وأوضح أموم أنه سيقام سودان جديد مصغر في الجنوب في حال استقلال الإقليم، مشيراً إلى تحديات ربما تواجه المشروع. وأتهم قان أموم حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالتلاعب والزج بأسماء في سجل الاستفتاء، كما جدد اتهامه للخرطوم بإرغام الجنوبيين في شمال السودان على التسجيل. وشدد أموم على ضرورة أن يعكس الاستفتاء التطلعات الحقيقية لشعب جنوب السودان. لكن نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني في ولاية الخرطوم، محمد مندور المهدي، أعلن في مؤتمر صحافي أمس، أن حزبه اتفق مع مفوضية الاستفتاء على معالجة العقبات التي صاحبت عملية التسجيل، موضحاً أن المفوضية أصدرت ضوابط جديدة تتيح للجنوبيين أصحاب الأسماء العربية تسجيل أسمائهم، وتسجيل الناخب من أصول مشتركة، واعتماد الشهادات الصادرة من السلطات المحلية وزعماء قبائل جنوبية. وأضاف إن المفوضية ألغت الضوابط باعتراض من قبل «الحركة الشعبية» وأقر أن غالبية موظفي مفوضية الاستفتاء يتبعون الى «الحركة الشعبية»، واستخبارات الجيش الجنوبي. وكشف مندور أن نسبة التسجيل للاستفتاء في الشمال بلغت 7 في المئة بينما بلغت النسبة في الجنوب 22 في المئة، ولمح إلى أن إصدار الضوابط الجديدة ساهم في ارتفاع نسبة التسجيل من مليون شخص في الجنوب الى مليون ونصف المليون، وفي الشمال من 40 ألفاً الى 47 ألف ناخب، لكنه أعرب عن قلقه من انتكاس التسجيل في الشمال بعد إلغاء الضوابط. وكانت مفوضية التسجيل مددت فترة التسجيل التي تنتهي أول كانون الأول (ديسمبر) الى الثامن منه. الى ذلك، أعلن المتحدث باسم «الجيش الشعبي» لتحرير السودان» الذي يسيطر على الجنوب، اللواء فيليب أقوير مقتل جنديين من الجيش الجنوبي في غارة جوية ثالثة للقوات الشمالية على قاعدة للجيش الجنوبي في منطقة كير اديم شمال بحر الغزال المتاخمة لإقليم دارفور. وذكر أقوير أن طائرتين من طراز «أنتونوف» روسية الصنع ومروحية قصفتا قاعدة للجيش الجنوبي الأمر الذي أسفر عن مقتل جنديين جنوبيين. وأكد عدم وجود أية قوات من متمردي دارفور في تلك المنطقة. وتابع: «تلك المنطقة التي قصفت لا توجد بها قوات عسكرية لأية جهة سوى قاعدة عسكرية تتبع لنا». لكن المتحدث باسم الجيش الشمالي، المقدم الصوارمي خالد سعد، نفى أي هجوم جوي من قواته على أي موقع للجيش الجنوبي. واعتبر هذه التصريحات اتهامات غير مبررة، مؤكداً إن الجيش الجنوبي هيأ للحركات الدارفورية المسلحة أماكن على الخطوط الفاصلة بين الشمال والجنوب لدعمها عسكرياً. من جهة أخرى، قال رئيس لجنة حكماء أفريقيا ثابو مبيكي إنه قدم اقتراحات لم يفصح عنها إلى شريكيْ الحكم في السودان لحل النزاع على منطقة أبيي. وأكد للصحافيين أن الشريكين وافقا على دراسة المقترحات وتقديم كل طرف رؤيته حولها لمناقشتها الأسبوع المقبل. واعتبر مبيكي هذه الخطوة بأنها مهمة تجاه الوصول إلى حل لمشكلة أبيي، معرباً عن سعادته بالاستجابة من قبل الطرفين للوصول إلى حل سريع للمشكلة. وأضاف: «إننا سعداء جداً بالالتزام الذي أبداه الطرفان ببحث تلك الأمور في شكل تفصيلي والرد في شكل مفصل مع الأخذ في الاعتبار إيجاد حل سريع». وأوضح مبيكي عقب لقاء مع الرئيس السوداني عمر البشير ونائبه سلفا كير ميارديت أن «هناك قمة للاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي في ليبيا، إذ سيتوجه الرئيس البشير للمشاركة في هذه القمة التي ستستتبع مباشرة بقمة مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي». إلا ان وزير الخارجية السوداني علي كرتي أعلن الاحد في طرابلس ان بلاده لن تشارك في القمة الاوروبية الافريقية المقررة الاثنين والثلثاء في العاصمة الليبية. وتجتمع أفريقيا والاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين وغداً الثلثاء في العاصمة الليبية لعقد قمتهما الثالثة المخصصة رسمياً للتنمية الاقتصادية، لكن من المتوقع أن تتطرق لمسألة الهجرة غير الشرعية. وكان مبيكي كشف مؤخراً عن قرب توصل حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان إلى وثيقة اتفاق في شأن جميع القضايا الخلافية العالقة بين الطرفين، وفي مقدمها ترسيم الحدود واستفتاء جنوب السودان والأمن وموضوع أبيي، وقضايا ترتيبات ما بعد الاستفتاء. ومن المقرر أن يجري استفتاء في أبيي في شأن تبعية المنطقة الى شمال السودان أو جنوبه في التاسع من كانون الثاني (يناير) بالتزامن مع استفتاء تقرير مصير جنوب السودان.