استعاد «الجيش الوطني» الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر سيطرته على منطقة «الهلال النفطي» بعد أيام من سقوطها في أيدي مسلحين متشددين سلموها إلى حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج بموجب تفاهم توصلت إليه قوى الأمر الواقع في الغرب الليبي. تزامنت استعادة الجيش موانئ تصدير النفط، مع اقتتال داخلي في العاصمة طرابلس، بين قوات تتبع حكومة الوفاق وميليشيات من مصراتة تدعم حكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل التي تبسط سيطرتها على غرب العاصمة بكامله. كما تزامنت مع تجديد القاهرة مناشدتها المجتمع الدولي دعم «الجيش الوطني» في حربه على الإرهاب ورفع حظر السلاح المفروض عليه. وأتى هذا الموقف المصري في إطار نفي تقارير عن انتشار قوات خاصة روسية في منطقة قريبة من الحدود المصرية– الليبية، في إطار دعم حفتر. لكن موسكو سارعت إلى نفي التقرير أيضاً. وتركزت اشتباكات طرابلس في حي الأندلس شمال العاصمة وتمددت إلى منطقتي قرقارش والقرجي المجاورتين وتخللها تراشق بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، ما أسفر عن سقوط إصابات وألحق دماراً في ممتلكات عامة وخاصة، بما في ذلك فرعان محليان لمصرفي «الإجماع العربي» و «التجاري الوطني» في حي الأندلس، كما أبلغ «الحياة» شهود في المنطقة. ترافقت الاشتباكات مع إعلان «مديرية أمن طرابلس» بالتنسيق مع المستشار الأمني في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق هاشم بشر، «تنفيذ خطة أمنية لتأمين مناطق قرجي وحي الأندلس والرياضية»، علماً أن بشر قيادي سابق لميليشيات عرفت باسم «كتيبة ثوار طرابلس». وتحدثت مصادر عن تنسيق أجراه مع قياديين إسلاميين محليين أمثال عبد الرؤوف كاره وعبد الغني الككلي في محاولة لتشكيل تحالف مقاتلين طرابلسيين ضد الميليشيات المحسوبة على مصراتة. وأدت الاشتباكات التي اندلعت منذ ليل الإثنين– الثلثاء، إلى حال شلل في الحركة صباح أمس، إذ أغلقت المدارس وامتنع كثيرون من التوجه إلى أعمالهم، في ظل مناشدات محلية للسكان بالبقاء في منازلهم مع استمرار الاشتباكات متقطعة طيلة النهار وساعات المساء الأولى. وتحدثت تقارير عن مقتل مدنيين اثنين وجرح خمسة على الأقل في الاشتباكات، في حين لم تتوافر حصيلة للخسائر البشرية أو الإصابات في صفوف المقاتلين. وأصدر المبعوث الدولي إلى ليبيا مارتن كوبلر بياناً طالب فيه بوقف القتال في طرابلس. وفي منطقة «الهلال النفطي»، شن «الجيش الوطني» هجوماً مباغتاً أرفقه بإنزال بحري في منطقة رأس لانوف تحت غطاء جوي كثيف. وأجبر الهجوم المسلحين التابعين لحكومة الوفاق الذين تسلموا المنطقة من ميليشيات «سرايا الدفاع عن بنغازي» المتشددة، على الفرار في اتجاه الصحراء، فيما تقدم الجيش وأحكم سيطرته على ميناء السدرة المجاور، فيما بثت وسائل إعلام عدة مشاهد نزول السكان إلى الشوارع للترحيب بقوات الجيش. وأعلن العميد محمد المنفور، آمر غرفة عمليات سلاح الجو في «الجيش الوطني»، أن القوات البرية التابعة له «تقدمت بسرعة أكبر مما كان متوقعاً، وطردت الجماعات الإرهابية من منطقة الهلال النفطي»، مشيراً في بيان تلقته «الحياة»، إلى أن «ضربات جوية وُجّهت إلى تمركزات الجماعات الإرهابية في الهلال النفطي». ولفت المنفور في بيانه إلى «تنسيق ميداني تام» بين الوحدات العسكرية، ما جعل العملية «تؤتي نتائج سريعة بانهيار الإرهابيين». واعترف آمر «سرايا الدفاع عن بنغازي» مصطفى الشركسي، بخسارة المقاتلين الموالين لحكومة طرابلس، موانئ النفط. وتحدث عن خيانة في صفوف القوات التي كانت تحرس المنشآت قبل دخول قوات حفتر.