أشعل المخرج السعودي الشاب بدر الحمود جدلاً في أوساط الشباب الملتحقين بأعمال تطوعية، بفيلم قصير، حمل عنوان «التطوع الأخير»، بثه من طريق «يوتيوب». ويقدم الفيلم على مدى 15 دقيقة، حوارات مع شخصيات يفترض أنها مُنخرطة في أعمال تطوعية، أو انخرطت فيها في وقت سابق. ويقدم المخرج الموضوع بطريقة ساخرة، موحياً للمشاهد أن المتطوعين «لا هدف لهم غير المناصب وملاحقة الفتيات». ويبرر الحمود في مقدمة فيلمه اختيار «يوتيوب» لبث الفيلم، بكلمات بسيطة، توحي بالبعد عن التعقيدات المتبعة في القنوات الرسمية وغيرها. وكانت الكلمات: «حتى نأخذ راحتنا». وأطلق تسميات «هزلية» على الشخصيات التي استضافها من ممثلين، مثل «متطوع فاهم»، و «متطوع سابق» و «متطوع تائب». وأطلق على إحدى الشخصيات «ناشط انطوائي»، ليحلل ظاهرة التطوع، التي انتشرت في العامين الماضيين، وبرزت في شكل واضح بعد «سيول جدة» قبل عام. ودفع فيلم الحمود متطوعين إلى إنتاج فيلم قصير بعنوان «تطوعنا لن يكون الأخير»، بثوه على «يوتيوب» ايضاً، واستعرضوا فيه أعمالهم التي تنفي عنهم التهم، التي ساقها ضدهم فيلم الحمود، ولكن من دون متحدثين، إذ اعتمدوا على الصور الفوتوغرافية، وافتتحوا الفيلم بعبارة «لن نسخر، ولن نجادل، سنختصر كثيراً». واستغرق المقطع ثلاث دقائق فقط. ولم يكن فيلما «التطوع» الأولين اللذين يبثان من طريق «يوتيوب»، وإنما هما جزء من أفلام كثيرة وجد مخرجوها ومنتجوها من الشبان في الموقع «مساحة حرة» لبث إنتاجهم، من دون الحاجة إلى المرور عبر القنوات الرسمية. ولكنهم في الوقت ذاته يطمعون في «التفات» القنوات التجارية إلى أعمالهم. وتختلف الأفلام الشبابية في موضوعاتها وفكرتها، وفي طريقة تصويرها وإخراجها، وهي تنم عن تجارب بعضها يحمل «خبرة»، فيما الأخرى قدمها مبتدئون. ويركز بعض هؤلاء المخرجين على جودة التصوير، وإكساب أعمالهم مهنية أكثر، ويميل آخرون إلى مجرد التصوير من أجل بث فكرة، من دون مراعاة أبسط شروط الإنتاج، مثل الفيلم القصير الذي عملت عليه مجموعة من الشباب، وبث على «يوتيوب» بعنوان «حتى نحن سعوديون». ويحمل الفيلم رسالة خاصة إلى «المقيمين في السعودية»، بهدف تغيير نظرتهم إلى المواطنين إثر «أحداث اليوم الوطني» في مدينة الخبر (شرق السعودية)، في العام 2009، والتي شهدت حوادث اعتداء على محال تجارية، يعمل في معظمها مقيمون. ووجد شبان في الرسوم المتحركة مساحة واسعة لتوجيه رسائل تحمل نقداً لظواهر اجتماعية، أو عادات لم تعد تتناسب مع العصر الحديث. وحقق مخرجو أفلام شهرة عالمية، بعد فوزهم بجوائز، مثل فيلم «راتبي ألف ريال»، للإعلامي طراد الأسمري الذي نشره على مدونته «حلم أخضر». وفاز بجائزة «البوبز العالمية» في فئة «مراسلون بلا حدود». كما فاز الحمود بجائزة «أبيض وأبيض». وحصل على المركز الثالث في مهرجان الخليج السينمائي، في مسابقة «الأفلام القصيرة للطلاب». ومع اتساع الإنتاج الشبابي، التفتت أخيراً القناة الثقافية السعودية إليهم، وخصصت برنامجاً أسبوعياً لعمل تقارير ولقاءات مع المخرجين. ويقدم البرنامج الإعلامي محمد الحمادي. كما أطلقت قناة «MBC» في فترة سابقة، برنامجاً يتيح للشباب عرض إنتاجهم. ويشير المخرج والمنتج السعودي محمد الباشا إلى أن إنتاج الأفلام القصيرة التي تعتمد على جهود فردية أو مجموعات، «لم تعد خافية على أحد، وإنما شارك بعضها في مهرجانات سينمائية»، مبيناً أنها «فرضت وجودها، لذلك نرى قنوات رسمية مثل القناة الثقافية السعودية خصصت برنامجاً أسبوعياً لها، يهتم بسينما الشباب. كما أن وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة، صرح في وقت سابق، بنية الوزارة شراء الأعمال القصيرة، وبثها في التلفزيون». ويوضح الباشا أن الأفلام القصيرة «تحظى بالاهتمام، سواء من قبل منظمي المهرجانات السينمائية، أم المشاهدين». ويرجع لجوء شباب إلى «يوتيوب» لنشر أفلامهم، ل «عدم وجود قناة تقبل عرضها، إضافة إلى أن بعضها لا يتمتع بقيمة فنية أو ثقافية عالية»، مضيفاً: «يفترض بمن سينتج فيلماً أن يعمل على تقوية ثقافته السينمائية البصرية والفكرية، كي يقدم عملاً يستحق المشاهدة».