عينكاوا (العراق) - أ ف ب - وقف صباح نعيم برفقة امراتين في باحة مديرية عينكاوا المسيحية قرب اربيل لتلقي مساعدات طارئة علّها تُخفف قليلاً من معاناتهم نتيجة النزوح، لكنهم يؤكدون ان كردستان تبقى مرحلة موقتة بانتظار محطة نهائية لايوائهم. ووصل نعيم (47 سنة) مع ست عائلات اخرى الى عينكاوا قبل ايام هرباً من الهجمات التي تستهدف المسيحيين في الموصل، الا انه اصطدم بارتفاع اسعار الايجارات وصعوبة نقل الاطفال من مدارسهم الى اقليم كردستان. ويقول لوكالة «فرانس برس»، «لدينا تلامذة نرغب في نقلهم لكن ليس هناك اي حل حتى الآن، فضلاً عن مشاكل السكن لأن كل منزل يطلب ايجاراً قيمته سبعمئة دولار إضافة الى البطالة». ويضيف نعيم، الذي يرفض الحلول الموقتة، ان «الخوف والرعب مسيطران، واذا كانت هناك اي جهة توافق على استقبالنا فمن المؤكد اننا سنغادر البلد». وقتل شقيقان مسيحيان في المدينة الصناعية في غرب الموصل قبل ايام. كما قتل 46 مسيحياً بينهم كاهنان اضافة الى سبعة من عناصر الامن، في هجوم استهدف في 31 تشرين الاول (اكتوبر) كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في وسط بغداد في اعنف اعتداء يطاول مسيحيي العراق. وقد تبناه تنظيم «دولة العراق الاسلامية» الموالي لتنظيم «القاعدة، الذي اكد ان المسيحيين اصبحوا «اهدافاً شرعية». كما لقي ستة من المسيحيين مصرعهم وأصيب 33 آخرون بجروح في سلسلة اعتداءات في العاشر من الشهر الجاري. ومنذ العام 2004، تعرضت نحو 52 كنيسة وديراً لهجمات بالمتفجرات كما لقي نحو 900 مسيحي مصرعهم فضلاً عن اعمال خطف طاولت مئات منهم لطلب فدية. وكان عدد المسيحيين في موئلهم التاريخي يراوح بين 800 الف ومليون ومئتي الف قبل الاجتياح الاميركي للعراق ربيع العام 2003، وفقاً لمصادر كنسية ومراكز ابحاث متعددة. ولم يبق منهم سوى اقل من نصف مليون نسمة اثر مغادرة مئات الآلاف، كما انتقل بضعة آلاف الى مناطق آمنة في شمال البلاد مثل سهل نينوى واقليم كردستان. وتقول امراة كانت تقف قرب نعيم «ساستغل اي فرصة سانحة لمغادرة العراق الى الدول الاوربية». وتجيب رداً على محاولات اقامة منطقة حكم ذاتي، «هذه المعالجات لا تفيد لاننا لا نريد منطقة خاصة بنا انما نريد الأمان والسلام». وكان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني اوعز منتصف الاسبوع الماضي بتشكيل لجنة خاصة لمساعدة النازحين من المسيحيين وتقديم التسهيلات لهم. بدوره، يقول فهمي متى مدير ناحية عينكاوا ل «فرانس برس»، «بعد احداث سيدة النجاة واحداث الموصل الاخيرة وصل حوالى 140 عائلة فتحت ابواب كردستان لها، وقدمنا بعض المساعدات الطارئة». ويضيف: «وصل الى عينكاوا منذ العام 2003 ما لا يقل عن ثلاثة آلاف عائلة مسيحية لكن قسماً كبيراً منها غادر الى دول الجوار او الخارج وبقي اصحاب المصالح» والموظفون والعاملون في القطاع الخاص. على صعيد آخر، عقدت القوى والاحزاب السياسية المسيحية الجمعة اجتماعاً موسعاً لايجاد حل لمشكلة النازحين واقناعهم بعدم المغادرة الى الدول الاوروبية. ويعتبر النائب يونادم كنا الامين العام للحركة الديموقراطية الاشورية ان «الاجتماع خطوة نوعية لانه يمثل اطياف شعبنا الكلدان والسريان والاشوريين للتحدث بخطاب موحد ومناقشة سبل مواجهة التهديدات التي نتعرض لها في العراق». وحول مبادرة الرئيس جلال طالباني لاقامة محافظة للمسيحيين، قال ان «الدستور يكفل حقنا في المادة 125 ربما لا يجوز ان نقول محافظة للمكون الفلاني ولكن لكل مكونات هذه المنطقة لانها فعلاً مظلومة واصابها اجحاف كبير طيلة العقود الماضية». ويندد كنا بخطوة بعض الدول الاوروبية منح اللجوء لمسيحيي العراق قائلاً «نرفض دعوة الخارج لانها تلتقي مع اجندات افراغ البلد (...) وهذه جريمة كبرى». بدوره، يقول روميو هكاري الامين العام لحزب «بيث نهرين» الاشوري ان «الاحداث الاخيرة التي استهدفت المسيحيين تدفعنا للتفكير ملياً وجدياً بترتيب اوضاع شعبنا وتوحيد خطابه ومن الضروري العمل للوصول الى قيادة جماعية مشتركة تضم الداخل والخارج». ويرى ان «الحكم الذاتي في دستور اقليم كردستان هو مخرج وحيد للخلاص وتحقيق الاهداف التي نناضل جميعاً من اجلها». يشار الى ان بطريرك الكلدان في العالم الكاردينال عمانوئيل دلي وسائر احبار الكنائس الاخرى يعارضون اقامة منطقة حكم ذاتي للمسيحيين. يذكر ان غالبية المسيحيين هم من الكنيسة الكلدانية يليهم السريان ثم الاشوريون. ورداً على سؤال عن منطقة الحكم الذاتي، يجيب هكاري «سهل نينوى في اطراف مدينة الموصل حيث حكم اجدادنا قبل آلاف السنين (...) فالقرى والبلدات التابعة للسهل غالبيتها مسيحية إضافة الى وجود الشبك والايزيدية».