شهدت العاصمة المصرية نشاطاً مجتمعياً ملحوظاً في مجال تدوير القمامة لتحويلها من أزمة بيئية إلى ثروة إنتاجية، عبر ترسيخ ثقافة الفصل بين المخلفات من المنبع (المستهلكين)، التي اتبعتها أخيراً تحركات رسمية من مسؤولين للدفع في الاتجاه ذاته، وهي تحركات تحقق صدى أوسع وتوفر إمكانات أكبر لتحركات المجتمع المدني. من ضاحية مصر الجديدة في شرق القاهرة انطلق مشروع «أكشاك جمع المخلفات الصلبة من المواطنين» بمقابل مادي بسيط. ويقتصر المشروع راهناً على كشكين فقط كتجريب، تمهيداً لتعميمه على بقية ضواحي المدينة، وفقاً لمحافظ القاهرة عاطف عبدالحميد الذي أشار إلى «تسيير سيارات إلى جانب الأكشاك في الضاحية ذاتها تيسيراً على المواطنين». قبل المشروع الحكومي بنحو أربعة أشهر، كانت مؤسسة «آدم» للتنمية المستدامة تطلق مبادرتها الأولى «زبالة ستور» (متجر قمامة) لدعم قيم بيئية واقتصادية وفنية لدى فئات عدة، بداية من الأطفال الذين عملت معهم في بعض المدارس والأندية الترفيهية خلال ورش لصناعة ألعاب وأشكال فنية من الورق وزجاجات المياه الفارغة وإطارات السيارات، وصولاً إلى العائلات التي دعتهم إلى فصل مخلفاتهم وبيعها في متجر القمامة الذي يعمل فيه ذوو إعاقة كوسيلة لتوفير دخل لهم، في مقابل إعادة تدوير تلك المواد من جانب شركات التدوير لإنتاج مواد خام من «البلاستيك والزجاج والورق» وإدخالها لاحقاً في عمليات صناعية عدة. وانطلقت المرحلة الثانية من «زبالة ستور» هذا الشهر بالتعاون مع جهاز الشؤون البيئية التابع لوزراة البيئة، بهدف «تصميم أكبر وعاء لجمع المخلفات على مستوى العالم من القمامة للترويج للسياحة البيئية، ودعم ثقافة تدوير القمامة عبر وسائل ترفيهية فنية»، كما يقول مدير مؤسسة آدم للتنمية عماد أنور. وإلى الهدف ذاته ترجع مبادرة أخرى لمعهد غوته الألماني بالتعاون مع أحد نشطاء المجتمع المدني نصر أحمد استهدفت المدارس المجتمعية (خصوصاً الأطفال المتسربين من التعليم)، ونظمت ورش عمل على مدار شهرين لتعليم الأطفال سبل إعادة تدوير الورق عبر طرق بسيطة، ومن ثم إعادة صناعته في أشكال مختلفة. يقول نصر أحمد: «استهدفت المبادرة في الأساس تثقيف الأطفال عبر مواد فيديو عن صناعة الورق واستخراجه من الأشجار، وهي المعلومة التي انبهر الأطفال بها، ثم إطلاعهم على إمكانات إنتاجية وبيئية لمخلفات لم يتصوروا قبل الورشة إمكان استغلالها بصورة نافعة». ولجأت ورش مهرجان «زبالة ستور» إلى الأسلوب الترفيهي ذاته لحض الأطفال على المشاركة، وابتدعت وسيلة جديدة للانضمام إلى نشاطاتها، فلن يحتاج الراغب إلى تذكرة أو حجز مسبق بالأسماء، وإنما إحضار 5 عبوات فارغة من علب المياه الغازية أو زجاجات مياه الشرب أو عبوات زيت طعام، بما يتسق مع هدف بث ثقافة مختلفة عن القمامة.