رمت له «المحبس» مرفقاً ب «سكربينتها». هكذا فعلت المغنية كارول سماحة في نهاية كليب أغنيتها الجديدة «شلتك من فكري»، وحبيبها الواقف أمامها بعد ضبطه بالجرم المشهود «يعالج» صبية أخرى في مكان عام كانت هي (كارول) وهو فيه، لا يلوي على شيء، ولا يعرف ماذا يقول ولا ماذا يفعل. مشهد جميل، جميل جداً، فيه عنفوان العاشقة، وخيبة الخائن.. من نفسه، في آن معاً، وهو المشهد الأخير في الكليب. من دون أي فلسفة في السيناريو، ولا أي فذلكة في الإخراج، ولا أي تقطيع أعمى أو يصيب المشاهدين بالعمى من سرعته، مرّ كليب كارول سماحة الأخير، وإذا كان لا بد من مقارنته بكليباتها السابقة ، فإنه ربما الأفضل ببساطته ووضوحه وجمالياته الفنية الراقية بدءاً بالكلام مروراً باللحن وصولاً إلى الأداء انتهاءً بالتصوير التلفزيوني البهيّ. وأغلب الظن أن هذه الأغنية ستكون محطة ناجحة جداً في تجربة كارول مع الجمهور، وسيزداد انتشارها (الأغنية) حيناً لأن مناخ الأغنية الشعري واللحنى والأدائي متماسك ومتناغم ومُوحٍ، وحيناً لأن الكليب يروي قصة أو موقفاً عاطفياً بالصوت والصورة، أشبه بفيلم قصير مشغول باحترافٍ قويّ، وتبعاً لنظرية «ما قلّ ودلّ» ولا يُمَلّ!! «شلتك من فكري» هي تعاون جديد بين كارول سماحة والملحن الشاعر المغني مروان خوري. قبل ذلك كانت أغنيات بينهما بعضها نجح بقوة، وبعضها مرّ بسلام، وبعضها لم يجد ما كان يُؤمل منه. هذه الأغنية الجديدة تكمل الطريق الذي بدأته أغنية «تطلّع فيي هيك» ، ولكن بنَفَس إيقاعي أكثر رشاقة على الأُذن، بناء لنوع الكلمات والمعاني والمناخات التي يفتحها النص. وكما كانت «تطلّع فيي هيك» في الكليب لقاءً بين حبيب وحبيبة في منزلٍ من ... عتابٍ وحنين، ولم تسرح الكاميرا وتمرح إلا بينهما داخل الجدران في ما قالاه وانفعلا به، فإنّ «شلتك من فكري»، ككليب كانت لقاءً بين حبيبين في مطعم من ... شعور بالفقدان وخيانة في وقت واحد، وسرحت ومرحت الكاميرا على الوجهين المتوترين بالإضافة الى الوجه الثالث الذي هو وجه... الخائنة. والجميل أن الحبيبة (كارول) لم تتخذ موقفها من الحبيب نتيجة خيانته الفورية في المطعم، بل كان الأمر موقفاً معداً سلفاً عندها بناءً على قناعة سابقة، وجاء الموقف الخياني ليفجر المشكلة ويُنهي العلاقة. وهذا يعطي صدأقية لكلام الأغنية العميق الذي لا يمكن أن يأتي كفَوْرَة عاطفة فقط! لا تزال المغنية كارول سماحة تبني بيتها الفني بقدرٍ كبيرٍ من الذكاء. لا يمكن النظر اليها من خلال العين نفسها التي يُنظر بها الى الآخرين من النجمات والنجوم معاً. نعني ان شخصيتها الغنائية الخاصة تملك عناصر تتعلق بالموهبة وبالثقافة الفنية، لا فقط الموهبة ولا فقط الثقافة الفنية. نراقب كثيراً مواهب تتحرك غنائياً في أساليب خاطئة بسبب نقصٍ في الثقافة، كما نراقب كثيراً مواهب ضَحْلَة أو متواضعة تحركها ثقافة جيدة أو بالتحديد، ذكاء ملحوظ، مع كارول سماحة هناك انسجام بين موهبتها وثقافتها، ويتجلَّى ذلك في نوعية إنتاجها المتميزة باستمرار، ما خلا بعض الأغاني التي تأتي ك «تجارب» سرعان ما تنكشف هشاشتها، فتتحول كارول عنها بالسرعة المناسبة. يبدو أنها لا تصرّ على الخطأ كما يفعل غالبية نجوم اليوم. هذه نعمة.