تناول الدكتور أحمد العيسى، مدير جامعة اليمامة بالرياض سابقاً، التعليم العالي في السعودية بالنقد والتحليل، مركز على مسألة غياب «هوية» الجامعات السعودية واستقلالها، في كتاب جديد له بعنوان «التعليم العالي في السعودية: رحلة البحث عن هوية»( دار الساقي بيروت). وتطرق إلى ما تتمتع به جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية من استقلالية واضحة عندما ولدت خارج رحم نظام التعليم العالي. جاء الكتاب في 180 صفحة من القطع المتوسط وشمل على أربعة فصول، إضافة إلى فصل تمهيدي وخاتمة. تناول الفصل الأول قراءة في الوضع الراهن، ثم ناقش في الفصل الثاني مسألة «هوية» الجامعات الحكومية والأهلية وقضايا أخرى مرتبطة بموضوع الهوية. وفي الفصل الثالث حاول المؤلف الإجابة على سؤال: لماذا غابت هوية الجامعات السعودية، منتقداً بشدة نظام التعليم العالي في المملكة الذي أوجد جامعة واحدة فقط، بينما تأتي بقية الجامعات كنسخ من نموذج واحد. وفي الفصل الرابع استعرض المؤلف بعض من جوانب تطور التعليم العالي خارج الحدود، واختتم المؤلف كتابه باقتراح ملامح نظام جديد للتعليم العالي يمنح الجامعات استقلاليتها المنشودة، ويعتقها من مركزية القرار وآحادية الرؤية والممارسة. يقول المؤلف في مقدمة الكتاب عن واقع التعليم العالي في المملكة: «من غير تقليل من أهمية الإنجازات التي تحققت في خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في مجال التوسع الكمي، وتحسين البيئة التعليمية في المنشآت والمرافق الجديدة، وكذلك الجهد المبذول في دعم تمويل الجامعات من مصادر مختلفة، فإن نظامنا التعليمي للجامعات ومؤسسات التعليم العالي الأخرى لا يزال عاجزاً عن أن يكون منافساً في عالم تهاوت فيه الحدود، وانتشرت فيه المؤسسات الدولية التي تبحث عن الطالب أينما كان، ولا يزال عاجزاً – أيضاً - عن أن يكون مؤثراً في نهضة الوطن، وفي تقدم الاقتصاد، وفي خدمة التنمية؛ فالجهد الذي يبذل – اليوم - لا يزال يدور في مسائل خارجية، ولم ينفذ بعد إلى الأعماق، إلى عمق العمل الأكاديمي، وإلى عمق علاقة الجامعات بالمجتمع الخارجي، وعلاقة الجامعات بالتنمية، وعلاقة الجامعات بمجتمعها الداخلي... وبعبارة بسيطة ومباشرة يمكن القول بأن الإشادات – مهما عظمت - والأصوات مهما تعالت، فإنها لم تلامس القضية الأساسية التي نطرحها في هذا الكتاب، وهي قضية بالغة الأهمية لمن تابع وتأمل في سر نجاح مؤسسات التعليم العالي على المسرح الدولي، والتي كان لها الدور الأكبر في تقدم العلوم، وتطور التكنولوجيا، ونمو الاقتصاد، وتسارع الخطى نحو المجد والنهضة والحضارة؛ إنها قضية استقلالية الجامعات، وتطور هويتها ورسالتها وأهدافها». ويعتبر هذا الكتاب الثالث للمؤلف في مجال التعليم، وقد لاقى كتابه السابق والذي صدر بعنوان «إصلاح التعليم في السعودية بين غياب الرؤية السياسية وتوجس الثقافة الدينية وعجز الإدارة التربوية» أصداء كبيرة في داخل المملكة وخارجها، فقد اعتبره الراحل الدكتور غازي القصيبي، أهم كتاب صدر في الشأن العام خلال العقدين الأخيرين.