تحل اليوم الذكرى السابعة والستين لاستقلال لبنان والبلد يتخبط في أزمة سياسية عاتية تضغط باتجاه انتقاله من شلل نصفي الى شلل تام على المستويين السياسي والإداري ما لم يأته «الغيث» من المشاورات المفتوحة الجارية بين سورية والمملكة العربية السعودية في حال انتهت الى تفاهم يشكل للأطراف اللبنانيين شبكة الأمان التي تتيح لهم التوافق على حلول لمشكلاتهم العالقة وأبرزها استيعاب التداعيات المترتبة على القرار الظني في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري مع ان احداً لا يعرف موعد صدوره. وبطبيعة الحال فإن الجمود السياسي المسيطر على الوضع في لبنان الى حين تظهير التفاهم السوري - السعودي في صيغته النهائية، سينسحب على مجلس الوزراء الذي لن يعقد بعد غد الأربعاء ليس فقط بذريعة حلول رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان ضيفاً على البلاد في زيارة تستمر حتى الخميس، وإنما لغياب الاتفاق على المخرج بخصوص ملف شهود الزور لتأخر الضوء الأخضر السوري - السعودي نظراً لاستمرار التواصل بين دمشق والرياض، فيما يتوجه رئيس الوزراء سعد الحريري الى طهران السبت المقبل في أول زيارة رسمية تنتهي مساء الأحد. وعشية حلول ذكرى الاستقلال، وجه رئيس الجمهورية ميشال سليمان مساء أمس كلمة متلفزة الى اللبنانيين دعا فيها الى الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي كأولوية والتخلي عن الخطاب المتشنج والمثير للأحقاد، وقال ان «الفتنة التي تم الحؤول دون وقوعها بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشخصيات لبنانية أخرى، يجب ألاّ نسمح لها بأن تطل علينا بطرق وأوجه مختلفة وأن تبلي لبنان بشرورها». وشدد سليمان على أهمية العمل «من ضمن النظام وأحكام الدستور والتمسك بنهج الحوار واحترام المؤسسات الشرعية والاحتكام إليها في كل وقت وظرف لحل أي إشكال أو نزاع». ورأى «ضرورة التمسك باتفاق الطائف واستكمال تنفيذه من دون تردد أو خوف والتوافق معاً على توضيح الإشكالات الدستورية التي اعترت تطبيق بعض بنوده بعد أكثر من عقدين على اعتماده». ولفت الى «المشاركة في تحمل المسؤولية بالطرق الأمثل بعيداً من التعطيل أو الاستئثار او الاستقواء، وعدم الاكتفاء بتقاسم الحصص أو التنازع عليها بل الانتقال من منطق السلطة الى منطق الدولة». وأكد التمسك «بصيغتنا الحضارية والعمل على إنجاح التحدي اللبناني القائم على مشاركة جميع الطوائف والفئات في إدارة الشأن العام»، مشيراً الى ان «من المفيد التمسك من ضمن هذا التوجه بقاعدة المناصفة وتمثيل الطوائف من دون تكريس الطائفية وذلك باعتماد معايير الالتزام الوطني وليس الطائفي»، ومشدداً في هذا المجال على «احترام الرأي الآخر في مواجهة سياسة إسرائيل القائمة على يهودية الدولة وسعيها لشرذمة العالم العربي». وشدد سليمان على ضرورة «متابعة الجهد الهادف لإرغام إسرائيل على الالتزام بالقرار 1701 وتنفيذ كامل بنوده مع الاحتفاظ بحقنا في تحرير أو استرجاع ما تبقى من الأرض». وإذ تمسك سليمان باستمرار هيئة الحوار في أعمالها باعتبار ان «الانكفاء عن هذه الهيئة بمثابة انكفاء عن الذات وعن الخصوصية اللبنانية»، أكد ان «لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك لاسيما ان المادة 65 من الدستور تشجع على اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء بالتوافق». وزاد سلميان: «نجحنا في إعادة العلاقات اللبنانية - السورية الى مسارها الصحيح وإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين وتمكّنا من الاستحصال على مواقف دولية داعمة لموقف لبنان الرافض لتوطين الفلسطينيين». ومع ان سليمان تجنب الحديث عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، فإنها حضرت بامتياز في الذكرى الرابعة لاغتيال الوزير والنائب الكتائبي بيار الجميل على لسان رئيس «حزب الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل ومطران جبيل للموارنة بشارة الراعي. وقال الجميل: «لسنا في حاجة إلى ميثاق ثان ولا الى (اتفاق) طائف ثان ولا الى (اتفاق) دوحة ثانٍ نحن في حاجة الى حكم أول في حق الذين قتلوا شهداءنا وبعد ذلك لكل حادث حديث وألف مرحباً بكل مبادرة محلية عربية أو دولية». وأضاف الجميل: «لن يهدأ لنا بال ولن نستكين قبل تحقيق العدالة، نريد العدالة لأننا نرفض الانتقام، نريد الحقيقة لأننا نرفض شهادات الزور، نريد المحكمة لأننا ننشد الاستقرار». وسأل المطران الراعي: «بعد كل هذه الاغتيالات هل من مبرر اعظم من كشف حقيقة اغتيالهم ليقف مسلسل الاغتيالات في لبنان؟»، وقال: «أفلا يغتال السلام والاستقرار في البلاد عندما تغيب العدالة وإذا مورست ينقض ناكروها على السلام والاستقرار وبهذا الانقضاض يهددون؟ فيا أيها القضاة تشجعوا». الى ذلك، انبرى رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون للمرة الأولى للدفاع بوضوح عن القيادي في «التيار الوطني الحر» العميد المتقاعد فايز كرم الموقوف لدى القضاء العسكري بتهمة التعامل مع إسرائيل. وقال في جولة قام بها امس على زغرتا وقراها انتهت بلقاء زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية في بنشعي: «العميد كرم غير مذنب، لم يبع المعلومات ولم يمس بأمن لبنان وليقولوا ما يقولون انه حر في ضميرنا، وقضيته لن تطول». وأكد عون ان توقيف كرم «يأتي في الإطار السياسي الذي نعيشه نحن اليوم وإذا استمرت قضيتنا 15 عاماً لن نترك قضيته تستمر طيلة هذا الوقت، وستنتهي قبل نهاية عهد برسم التصفية ولن تطول، فايز كرم لم يكن شاهد زور ولم يكن سارق أموال الدولة ولا سلفات الخزينة».