فيما واصلَ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو محاولاته أمس لتخفيف حدة المعارضة داخل حزبه «ليكود» ل «الصفقة» المتبلورة مع الولاياتالمتحدة في شأن تعليق البناء في المستوطنات ل 90 يوماً آخر في مقابل تلقي إسرائيل حوافز استراتيجية، أعلن زعيم حركة «شاس» الدينية الشرقية الوزير ايلي يشاي ان الحركة تعارض «في الوقت الراهن» تجميد البناء «إلى حين تتضح طبيعة الضمانات الأميركية». وصعّد المستوطنون احتجاجاتهم وتظاهر الآلاف منهم قبالة مكتب نتانياهو. وأعرب نتانياهو عن تفاؤله لجهة التوصل إلى اتفاق مع الأميركيين «على رغم العثرات التي تعترض الطريق»، وقال: «أرى كل الصعوبات المتوقعة، ومع ذلك فأنا على يقين بأن اتفاق سلام دائم هو هدف قابل للتحقيق». و قال وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان إن «على إسرائيل أن تضع حداً لكل الأوهام، ما هو ممكن ممكن، وما هو ليس ممكناً غير ممكن، الأمر الممكن الآن هو اتفاق مرحلي طويل الأمد». وأكدت تقارير صحافية أن الاتصالات بين تل أبيب وواشنطن في شأن مسودة الاتفاق لم تسجل تقدماً وأن الأخيرة ترفض الشرط الإسرائيلي (لحركة شاس) بأن تتعهد الولاياتالمتحدة في رسالتها الخطية أن يتواصل البناء في مستوطنات القدسالمحتلة خلال فترة التجميد. وأضافت أن أكثر ما تقبل به الإدارة الأميركية هو القول إن التجميد ل 90 يوماً سيكون على غرار التجميد السابق الذي امتد عشرة اشهر. وأفادت الإذاعة العامة أن الأميركيين لا يرفضون تقديم مثل هذا الالتزام فحسب، إنما ايضاً حذروا نتانياهو من «نشاطات استفزازية» في القدسالشرقية خلال فترة التجميد. وكان متوقعاً وصول الموفد الأميركي جورج ميتشل إلى تل أبيب أمس ليطّلع على الموقف الإسرائيلي من اقتراح التجميد في مقابل الحصول على الرزمة الأميركية. وعقد نتانياهو بعد ظهر أمس اجتماعاً لنواب الوزراء ونواب حزبه «ليكود» في الكنيست الغرض منه إجراء «محادثة طمأنة» حيال اتساع رقعة المعارضة داخل الحزب لنيته الموافقة على تجميد آخر للبناء في المستوطنات. وحاول نتانياهو إقناع النواب بالقول إن الاقتراح الأميركي يصب في مصلحة إسرائيل والمستوطنين أيضاً وأن التجميد المقترح سيكون الأخير. ونقل عن نتانياهو توجيهه في اجتماعات مغلقة انتقادات شديدة اللهجة لأربعة من وزراء «ليكود» على توقيعهم على العريضة التي تطالبه بعدم تعليق البناء. وقال إن الأربعة «لم يتحلوا بالقدر اللازم من القيادة والمسؤولية ولم يصمدوا في وجه الضغوط». والأربعة هم نائباه موشيه يعالون وسيلفان شالوم والوزيران بيني بيغين ويولي ادلشتاين. «شاس» لم تحسم موقفها بعد وقال زعيم حركة «شاس» الوزير ايلي يشاي للإذاعة العسكرية أمس إن الحركة تعتزم «في هذه المرحلة» معارضة استئناف تجميد البناء في المناطق (الفلسطينية المحتلة) لثلاثة أشهر «والحاخام (الزعيم الروحي للحركة) عوفاديا يوسف يعارض تجميد البناء، لكنه أوضح أنه سيتخذ القرار الحاسم فقط بعد الاطلاع على الضمانات الأميركية الخطية». وأضاف: «ممنوع أن يتوقف البناء في القدس حتى لحظة واحدة». اما زميله في الحركة وزير البناء والإسكان أريئل أتياس، فأكد ان حركته ستدعم التجميد في حال أعطيت ضمانات لاستئناف فوري للبناء في القدس، وأضاف: «سنتأكد هذه المرة من انه باستطاعة وزير الإسكان أن ينشر عطاءات بحجم تلك التي كانت في عهد الحكومات السابقة». وأعرب الوزير العمالي بنيامين بن اليعيزر عن ثقته بأن «رئيس الحكومة استبطن القرار المصيري في مسألة تجميد الاستيطان، وأنه يعتزم فعلاً أن يقود العملية». وأضاف: «في حال قرر أحد الأحزاب الشريكة في الائتلاف الحكومي مغادرته احتجاجاً على تجميد البناء، فإنه سيكون في وسع حزب كديما المعارض الانضمام إليه». وتوقع أن يحظى قرار باستئناف التجميد بغالبية في الحكومة الأمنية – السياسية المصغرة. سوط «كديما» إلى ذلك، التقى نتانياهو مساء أمس زعيمة حزب «كديما» المعارض تسيبي ليفني للتباحث في مسائل تتعلق بعمل الكنيست، لكن مراقبين رأوا في عقد الاجتماع في هذا الوقت إنذاراً من نتانياهو إلى الأحزاب اليمينية الشريكة في الائتلاف، خصوصاً حركة «شاس»، بأنه في حال عرقلت الموافقة على الاقتراح الأميركي، فإنه سيسعى إلى ضم «كديما» لحكومته. و أوضحت أوساط ليفني أنها لن تقبل بأن يستخدمها نتانياهو «سوطاً» يلوّح به لشركائه في اليمين، وكررت أن «كديما» يشترط الانضمام الى الحكومة بتغيير تشكيلتها (استبعاد حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان) وتغيير برنامجها السياسي واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. تظاهرة المستوطنين وتظاهر آلاف المستوطنين أمس قبالة مكتب رئيس الحكومة بقرار من «مجلس مستوطنات بنيامين» الذي أعلن الإضراب في مؤسسات ومدارس عشرات المستوطنات احتجاجاً على نية تجميد البناء في المستوطنات. ودعا رئيس المجلس ايتسيك شدمي المستوطنين إلى رفع صرختهم «ضد منع اليهود الاستيطان في بلاد اليهود ... هذا أمر غير وارد في الحسبان ... نقول لنتانياهو إنها الفرصة الأخيرة لك لتكون زعيم اليمين». وأعلن رئيس «مجلس المستوطنات في يهودا والسامرة» داني ديان تشكيل «غرفة عمليات» للمستوطنات قبالة مكتب رئيس الحكومة حتى تقرر الحكومة عدم تجميد البناء. كيرتسر ينتقد «صفقة الرشوة» وأبرزت الصحف الإسرائيلية الانتقادات التي وجهها السفير الأميركي السابق في تل أبيب، أحد مستشاري الرئيس الأميركي دان كيرتسر، في مقال نشره في صحيفة «واشنطن بوست»، للصفقة المقترحة بين إسرائيل والولاياتالمتحدة، بقوله إن «الولاياتالمتحدة ستندم على الحوافز التي تقترحها على إسرائيل في مقابل تجميد البناء ... هذا قرار أميركي برشوة إسرائيل، لكن ربما تندم إسرائيل أكثر على موافقتها على تلقي الرشوة». وكتب ان «أسس الشراكة الاستراتيجية بين القدسوواشنطن ستتزعزع في حال رأت الصفقة النور ... لأن حاجات إسرائيل الأمنية ستكون في المستقبل خاضعة لمطالب سياسية أميركية». وأضاف انها المرة الأولى التي تبدي الولاياتالمتحدة استعدادها لمكافأة إسرائيل على سلوكها السيء، على نشاطها الاستيطاني الذي تعارضه الولاياتالمتحدة منذ 40 سنة. وأضاف أن «تزويد إسرائيل طائرات أميركية مكافأة على تعليق البناء في المستوطنات هو فكرة سيئة جداً»، متسائلاً عما إذا كانت الإدارة الأميركية «تعتزم مكافأة الفلسطينيين على سلوك سيء ... وهل ستدفع ثمناً آخر لقاء تمديد إضافي للتجميد بعد انتهاء الأيام ال 90». ونصح كيرتسر بالتنازل عن الصفقة.