أدى نائب الرئيس السوداني بكري حسن صالح القسم الدستوري أمس، ليصبح أول رئيس للوزراء في السودان منذ 28 سنة، بعدما اعتبره الرئيس عمر البشير الرجل المناسب للمنصب الجديد. واستحدثت توصيات طاولة الحوار الوطني الذي أنهى أعماله في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، منصب رئيس الوزراء، وحكومة انتقالية لفترة ثلاث سنوات تنتهي بانتخابات عامة في 2020. وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، صادق البرلمان على تعديل دستوري استحدث منصب رئيس الوزراء لأول مرة منذ وصول البشير إلى السلطة في 1989. ويحظى صالح بثقة البشير والمؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها. ورأى مراقبون أن تعيينه رئيساً للوزراء بمثابة إشارة إلى انسحاب البشير من السلطة تدريجاً، وتهيئة الرجل ليكون بديلاً، باعتبار أن ثلاث سنوات فترة كافية لصالح للإمساك بمفاصل الدولة، نظراً إلى تجربته وقربه من البشير منذ عملهما معاً في سلاح المظلات قبل 30 سنة. وعرف عن صالح أنه قليل الكلام ولا يحب الأضواء، لذا لقّبه الصحافيون ب «الرجل الصامت». وخلال السنوات الأربع الأولى من عهد البشير الذي تولى السلطة بانقلاب عسكري، لم تظهر لصالح أي صورة في وسائل الإعلام، لكن مقربين من الرجل عزوا ذلك إلى الملفات الأمنية والعسكرية الخاصة التي تولاها في تلك الفترة، والتي كان مسؤولاً فيها عن حماية النظام، وغلب عليها الطابع الأمني. وقال البشير في مؤتمر صحافي أنه اختار صالح رئيساً للوزراء ليظل مسؤولاً عن متابعة الجهاز التنفيذي خلال المرحلة المقبلة، موضحاً أن القوى التي شاركت في طاولة الحوار الوطني وافقت على ترشيح نائبه للمنصب الجديد. وأفاد بأن قادة القوى التي شاركت في طاولة الحوار فوضته تشكيل الحكومة الجديدة، وزاد: «سنبدأ مشاورات مع القوى السياسية وستكون مهمتنا صعبة ولكنها ليست مستحيلة، على رغم أن الكيكة صغيرة والأيدي كثيرة». وأضاف البشير أن كل القوى التي شاركت في الحوار ستجد حظها في الحكومة الاتحادية والبرلمان والمجالس الاشتراعية وحكومات الولايات والمفوضيات الأخرى. وأكد حرصه على تحقيق توافق ورضا بين كل القوى السياسية. ودعا البشير القوى التي رفضت الحوار والحركات المسلحة إلى الانضمام إلى العملية السياسية والتوقيع على وثيقة الحوار الوطني، وقال: «الوثيقة ستكون مفتوحة والقطار مستمر والصعود إليه بلا بطاقات». ورأى أن هناك بيئة إقليمية ودولية مواتية لتحقيق السلام في السودان. وتعهد بصوغ دستور جديد للبلاد خلال المرحلة المقبلة وطرحه في لقاءات مفتوحة مع القوى السياسية والمواطنين قبل عرضه على البرلمان الذي ستأتي به انتخابات مقررة في العام 2020. وأعرب رئيس الوزراء الجديد بكري حسن صالح في تصريحات، عن تقديره للثقة التي أولاها إياه البشير. وقال: «أتمنى أن أكون عند حسن ظنه وأن أحمل الأمانة كتكليف بحق لخدمة البلاد التي تخطو في هذه المرحلة نحو توافق سياسي، على هدى مخرجات الحوار الوطني». وأوضح صالح أن تشكيل حكومة الوفاق الوطني الجديدة، سيأتي متماشياً مع توصيات طاولة الحوار الوطني من كل ألوان الطيف السياسي والقوى السياسية والاجتماعية التي شاركت في الحوار. وشدّد على أن «برنامجها سيجسّد توصيات الحوار في محاوره المختلفة، وعلى رأسها تحقيق السلام والاستقرار وتحسين معاش الناس والرفاهية للشعب السوداني». وشغل صالح عدداً من المناصب المهمة من بينها تعيينه وزيراً للدفاع وللداخلية وشؤون رئاسة الجمهورية، كما تولى منصب مدير جهاز الأمن لفترة ومستشاراً رئاسياً للشؤون الامنية، وعين نائباً للرئيس في كانون الأول (ديسمبر) 2013.