يُلاحظ المتابع أعمال المغني والملحن اللبناني الشاب زياد برجي التطور الذي تشهده الأغنية اللبنانية، خصوصاً العاطفية منها مع هذا الفنان المتخرج من استديو الفن بالميدالية الذهبية. فأغنية «حبيبي» (كلماته وألحانه) التي قدّمها برجي في عيد الحب، تعكس فكره في تقديم نهج جديد للأغنية العاطفية، من دون حزن وعذاب وندب وصراخ، بل باعتماد البهجة والفرح والشغف والحب في مخاطبة الحبيب ومحاولة العودة إليه. الأسلوب الذي يعتمده برجي نجح في أغنيات كثيرة قدمها مع جورج وسوف وإليسا ومحمد عساف ونانسي عجرم المستفيدة الكبرى من موهبته، خصوصاً في العملين اللذين قدمهما لها «يا غالي عليّي» و «عم بتعلق فيك» أحدث أغنياتها. ولكن ما سر هذه الخلطة السحرية التي يعتمدها برجي؟ مما لا شك فيه أن صوته الحنون والقوي معاً ميّزه بين مطربي جيله، وكذلك اعتماده أسلوباً سهلاً وبسيطاً في التلحين، مع جمل موسيقية قصيرة، وعدم تكرار نغماته في العمل ذاته. إضافة إلى اختياره كلمات راقية غير معقدة وتُناقش مواضيع تهم الشباب، خصوصاً أنه يتعاون دوماً مع كاتب الأغاني الموهوب أحمد ماضي. يعتبر زياد برجي من جيل ما بعد الحرب الأهلية اللبنانية، ومن الشباب الذين اختبروا ويلات الحرب ومآسيها، ما دفعه وزملاءه من الفنانين من الحقبة ذاتها إلى نبذ الحرب، والغناء للحب والسلام في ما بعد. سلك بُرجي منذ بداياته درب الأغنية العاطفية، إنما ضمن معاييره الخاصة، وقدّم أعمالاً لافتة في هذا المجال منها «يا أنا» و «أنا قلبي عليك» أبرز أعماله. هذه الطريق الرومانسية قرّبت المعجبين منه، لأنهم سمعوا لغة شبابية تشبه ما يقولونه ويعبّرون عنه، وألحاناً سهلة وعصرية في الوقت ذاته، تمزج بين آلات شرقية وغربية أحياناً. كما ساهمت شخصيته المرحة وتواضعه خلال مقابلاته التلفزيونية وأحاديثه الإذاعية، وعدم تعاليه، في حب الجمهور لشخصيته التي بدت طبيعية، خالية من أي تمثيل أو افتعال. لم يتوقف طموح برجي عند الغناء والتلحين، بل امتد إلى السينما والتمثيل فأدى دور البطولة في عدد من الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية، لكن أدواره لم تكن صعبة ولم تُظهر إن كان يملك موهبة حقيقية أم لا. مع الإشارة إلى أن التمثيل بات موضة بالنسبة إلى كثير من المغنين، طمعاً بانتشار أوسع. ويمكن القول إن التمثيل أخذ كثيراً من وقت برجي، ويُفضّل لو أنه يسخّر جهده للتلحين والغناء، خصوصاً أن موهبته في هذين المجالين أوضح وأقوى، علماً أن الانتشار الذي حققه من خلال التمثيل لم يحققه عبر الغناء. وهذنا تبرز مشكلة أخرى، هي غياب شركات الإنتاج عن دعم المواهب الشابة والحقيقية، وتركيزها على دعم فنانات الإغراء والترويج لهن. يُعاني برجي كغيره من فناني جيله، عدم وجود شركات فنية ضخمة لاحتضان مواهبهم، تكون قادرة على توفير الدعم المادي اللازم لتقديم أعمال بأعلى جودة ممكنة، أو حتى دعم الحملات الإعلانية والترويج للأعمال الجديدة. الخلاصة أن ما قدّمه برجي حتى اليوم للأغنية العاطفية الحديثة يعتبر إنجازاً بعد غرقها في بحر الدموع والأحزان والكآبة. فهو حرّر الأغنية العاطفية من الأسى والوجع، وحاول تقديم الحب بلغة عصرية ومفردات تشبه مفردات شباب اليوم بلا تفجّع ومأسوية. ويطلق برجي قريباً مشروع أغنية سيشارك فيها 4 أو 5 أشخاص من مجموعة المعجبين (fans) الخاصّين به ممن يتمتّعون بأصوات جميلة، على أمل أن تشكّل «إنطلاقة لهذه الأصوات الجميلة الشابة وعربون تقدير لفريق المعجبين والمواهب التي يضمّها».