لا يحتاج خالد الكبش، سوى لدقائق لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ليرسم «بورتريه» للشخص الواقف أمامه، يحكي فيه كل تفاصيل وجهه بقلمه الرصاص. وعلى رغم هذه القدرة التي أذهلت من حوله، لكن خالد بالكاد يستطيع ان ينطق بجملة واحدة مترابطة، بسبب إصابته ب«التوحد». بيد أنه أكد ان الإعاقة «ليست عائقاً أمام ذوي الاحتياجات الخاصة، بل باب مفتوح أمامهم، لإبراز طاقاتهم، متى وجدوا الدعم والتشجيع». وإلى جانب الرسم، يتقن خالد اللغة الإنكليزية، التي تعلمها تلقائياً، ومن دون مساعدة من أحد. ويتميز الكبش، المتخرج أخيراً، من الثانوية العامة، بقوة حفظ، وهي أهم مقومات رسم الوجوه. وأطلق عدداً من اللوحات الفنية «فائقة الجمال والدقة». وحاز خالد أخيراً، جائزة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان، في دورتها الثانية، في المجال الفني، ما يعد دليلاً على وجود «طاقات كامنة» لدى ذوي الاحتياجات الخاصة، سواءً الصم أو التوحديين، أو متعددي العوق. ودشنت جمعية المعوقين في الأحساء، أخيراً، مرسماً خاصاً بالكبش، بدعم مالي من أمانة جائزة محمد بن سلطان. كما وقعت مذكرة تفاهم مع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، للإشراف على تدريب الكبش. واعتبر المدير العام لجمعية المعاقين عبد اللطيف الجعفري، خالد «إحدى الطاقات الموهوبة، التي تسعى الجمعية إلى إبرازها في المجتمع، كأحد العناصر التي استطاعت أن تقهر إعاقتها، بل تتفوق على أقرانها من العاديين»، متقدماً بالشكر لأمانة الجائزة على «دعمها الكبير لذوي الإعاقة، وتبنيها إبداعهم، وتطوير مهاراتهم الدفينة»، معتبراً إياها «لفتة كريمة لرعايتهم وإتاحة الفرصة لهم، من خلال تعرف الجمهور على النواحي الإيجابية التي بإمكانهم مشاركة المجتمع فيها». وأوضح الجعفري، أن الكبش «يلقى عناية جيدة، من خلال التعاون بين إدارة الجمعية وأمانة الجائزة، بعد أن أوعزت الأخيرة بإقامة مرسم خاص للكبش، الذي يلقى اهتماما بالغاً من جمعية الثقافة والفنون، من خلال تبنيه وتدريبه للارتقاء في موهبته، إذ أوكلت جمعية المعاقين مدرباً ومرافقاً متخصصاً». ونوه بهذا التعاون مع الجمعية الذي اعتبره «أنموذجا يُحتذى في الشراكة المجتمعية، التي تنعكس إيجاباً على رعاية المواهب للأشخاص ذوي الإعاقة». بدوره، ذكر المدرب الخاص للكبش، الدكتور عمر الجعلوني، أنه «يتمتع بطاقة فنية هائلة، يستطيع من خلالها استلهام الأشكال الموجودة أمامه بحس فني كبير وإحساس باللون، ينم عن خبرة كبيرة». وأشاد ب«أريحيته وابتسامته التي لا تكاد تفارق وجهه أثناء ممارسة عمله. كما تنتابه انفعالات مختلفة أثناء توجيه ضرباته اللونية، ما يدل على أن الفن عند خالد يُعبر عن أفكاره وعن نفسه في شكل كبير، إضافة إلى التركيز العالي أثناء الرسم، بخلاف كلامه غير المرتبط في معظم الأحيان». وأشار فوزي الجمعان، الذي عينته الجمعية كمرافق للكبش، كونه أحد المتخصصين في مجال التوحد، وأحد من عايشوا خالد منذ طفولته، إلى ان موهبته «ظهرت وعمره أربع سنوات، من خلال الرسم والحديث باللغة الإنكليزية من دون سابق تعليم، إذ يمتاز بالذاكرة القوية للأشياء المرئية والأسماء. وشاركت أسرته في صقل موهبته، بإدخاله بوابة التعليم الخاص في ذوي القدرات الخاصة، الذين استثمروا هذه الموهبة، وأبرزوها، من خلال المشاركات الداخلية والخارجية، والآن هاهي تستثمر من جديد، من خلال دعم جمعية المعاقين له، والمتمثل في الفوز بجائزة الشيخ محمد بن سلطان». وأشاد المحاضر في قسم التربية الفنية في جامعة الملك فيصل المشرف على المعرض الفني في جمعية الثقافة والفنون، راضي الطويل، بالكبش وبموهبته وقال: «منذ أول لقاء مع خالد، اكتشفت قدرات فنية جيدة، مع ميل شديد للتعبير من طريق الرسم، فلم يكن يهاب الفن، ولا يبدي أدنى تردد في رسم المواضيع التي تطرح عليه، وبخاصة البورتريه باستخدام القلم الرصاص».