اتفق شيخ الأزهر أحمد الطيب وبطريرك الأقباط في مصر تواضروس الثاني على ضرورة «ترسيخ قيم التعايش والمواطنة كعامل أساسي في مواجهة التطرف الذي استشرى في الشرق الأوسط». وانطلق أمس مؤتمر حمل عنوان «الحرية والمواطنة... التنوع والتكامل»، الذي نظمه الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في القاهرة، وجمع كبار قادة الأزهر وقادة من مختلف كنائس الشرق الأوسط والعالم، بمشاركة الأمين العام لجامعة الدولة العربية أحمد أبو الغيط. ومن المقرر أن يخلُص المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام إلى إصدار «إعلان الأزهر للعيش الإسلامي- المسيحي المشترك». ولفت الطيب في كلمته الافتتاحية، إلى أن «تبرئة الأديان من الإرهاب لم تعد تكفي أمام هذه التحديات المتوحشة»، مطالباً ب «النزول بمبادئ الأديان وأخلاقياتها إلى هذا الواقع المضطرب. وتتطلب هذه الخطوة إزالة ما بين رؤساء الأديان وعلمائها من بقايا توترات وتوجسات لم يَعُد لوجودها الآن أي مبرر، فما لم يتحقق السلام بين دعاته أولاً لا يمكن لهؤلاء الدعاة أن يمنحوه للناس». وانتقد الطيب الاتهامات الموجهة للإسلام ب «الإدعاء بأنه بنيان التدمير وأنه وراء أعمال إرهابية»، وقال: «من المحزن والمؤلم تصوير الدين وكأنه أداة سحقت بها أجساد الأبرياء»، مطالباً ب «ضرورة تصدي المؤسسات الدينية في الشرق والغرب إلى ظاهرة الإساءة للإسلام»، لافتاً إلى دور رجال الدين والمفكرين لتعرية ما وصفه ب «وباء الإسلاموفوبيا». وأكد أن المروجين لظاهرة الإساءة للإسلام يتغافلون عن ضحايا الحروب الأبرياء، وذلك لنقص في فهم التعاليم الصحيحة للدين». من جانبه، شدد بابا الأقباط الأرثوذكس في مصر تواضروس الثاني على ضرورة «مواجهة الفكر المتطرف بالفكر المستنير»، ولفت الى أن «مصر والمنطقة العربية عانتا، ولا تزال تعانيان من الفكر المتطرف الناتج من الفهم الخاطئ للدين والذي أدى إلى الإرهاب والتطرف الذي يعد أكبر تحديات العيش المشترك»، وأضاف أن «أسباب هذا التطرف والعنف ترجع إلى التربية الأحادية القائمة على الرأي الواحد فيكون كل رأي مخالف كافراً ومضللاً»، مؤكداً أن «الفكر المتطرف سيواجه بالفكر المستنير، لا يمكن قتل وجهة نظر أو سجنها ومواجهتها إلا بالفكر المستنير... نحتاج أن يكون الحوار مقابل القهر»، وطالب ب «تقديم الدين بصورة عصرية وليس عبر خطاب إنشائي»، وقال: «قد نختلف في الهوية الدينية ولكن لا نختلف أبداً في الهوية الوطنية ونريد التأكيد على قيم احترام الآخرين والتسامح والتعايش المشترك. إننا نحتاج إلى انفتاح العقل والتمسك بالمسؤولية»، وأضاف: «هناك حاجة إلى المشاركة الجماعية في بناء الحضارة الإنسانية عبر وسائل الإعلام كما يجب الاهتمام بالأسرة باعتبارها ركيزة البناء في المجتمع».