للمرة الثالثة، يجتمع قادة الدول المطلة على بحر قزوين من دون التوصل الى نظام قانوني له، يستطيع تقسيم ثرواته على هذه الدول وهي إيران وتركمانستان وقرغيزستان وأذربيجان وروسيا. وفشلت هذه الدول في صوغ النظام القانوني لبحر قزوين، منذ انعقاد مؤتمر القمة الأول في العاصمة التركمانستانية عشق آباد عام 2001، حتى الآن، إذ ساهمت التطورات السياسية والاقتصادية في تعقيد إقرار نظام مماثل، بعدما أفادت معلومات باكتشاف كميات هائلة من النفط في قعر البحر، ما أسال لعاب الدول المحيطة به، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. ويبدو أن روسيا، وهي اللاعب الأبرز، لم تكترث لصوغ النظام القانوني، بعد الاتفاقات الثنائية التي وقعتها مع قرغيزيستان وأذربيجان في شأن اقتسام السواحل والجرف القاري، ما وضع إيران في موقف حرج، بعدما كانت وقّعت اتفاقات مع الاتحاد السوفياتي عامي 1921 و1940 لتقاسم البحر في شكل متساو بينهما. ولم تستطع إيران الدفاع عن حقها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، في مقابل مطالبة أذربيجان وتركمانستان وقرغيزستان بحقها في تقاسم ثروات البحر، خارج إطار الاتفاقات السابقة. ورفضت إيران تنقيب أو استخراج أي من الدول المتشاطئة، نفطاً في حوض البحر، ما لم تتوصل الدول المعنية الى صوغ النظام القانوني. وخلال 27 اجتماعاً عُقدت على مستوى وزراء خارجية، ومعاوني وزراء الخارجية، وممثلين للدول الخمس منذ عام 1986، فشلت هذه الدول في وضع قانون لتقاسم ثروات البحر الذي يُعتبر من أضخم البحار المغلقة في العالم، ما يستدعي وضع قانون خاص له، يتيح لهذه الدول تقاسم ثرواته النفطية والبيئية والسمكية. ووُضعت نماذج عدة لصوغ النظام القانوني، لكنها لم تستطع تحقيق طموحات الدول الخمس الذي كان كلّ منها يغني على ليلاه... وتخشى إيران عوامل عدة يمكن أن تؤثر على مستقبل الحوض، تتمثل في تدخل قوى خارجية، وانعكاسات العلاقات الروسية - الإيرانية إذا تباعدت، وزيادة الحاجة الى الاستثمار في حوض البحر لاستخراج النفط، سواء من الدول المتشاطئة أو بتحريض من شركات النفط العالمية. ويبدو أن إيران هي الخاسر الأكبر في هذه المعادلة، والتي تؤكد أحقيتها في نسبة 50 في المئة من ثروات البحر، استناداً الى الاتفاقات الموقعة مع الاتحاد السوفياتي عامي 1921 و1940، على أن تتقاسم الدول الأخرى مع روسيا نسبة ال50 في المئة الباقية. وحذرت مصادر في طهران من مغبة التفريط ب «المصالح الإيرانية»، على حساب العلاقات مع الدول المطلة على بحر قزوين، في إشارة الى مساعٍ روسية لربط النظام القانوني للبحر بتداعيات الملف النووي الإيراني.