لمّح قيادي في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، إلى إمكان إعلان حال طوارئ في البلاد بعد محاولة الانقلاب الفاشل، فيما باتت حملة «التطهير» التي تشنّها السلطات تطاول حوالى 60 ألف شخص، من عسكريين وشرطيين وقضاة وموظفين حكوميين ومدرّسين، اعتُقلوا أو عُزلوا أو استُجوبوا. وعقد الرئيس رجب طيب أردوغان اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن القومي، تلته جلسة للحكومة ناقشت اتخاذ «قرارات مهمة» بعد إحباط الانقلاب. وكانت وكالة «رويترز» أفادت بأن الوزراء والمسؤولين البارزين لم يُبلّغوا بجدول أعمال اجتماعَي المجلس والحكومة، علماً أن مساعدين شخصيين لأردوغان أوقفوا بعد الانقلاب. ونقلت عن مسؤول بارز قوله: «اجتماع الحكومة على أعلى مستويات السرية، لأسباب تتعلّق بالأمن القومي. وسيعطي قصر الرئاسة ملفاً لكل وزير قبل الاجتماع مباشرة. الوزراء لا يعرفون المسائل التي ستُناقش». واعتبر النائب مصطفى شنتوب، رئيس لجنة الدستور في البرلمان التركي وعضو الحزب الحاكم، أن الدستور التركي يتيح إعلان حال الطوارئ لستة أشهر، مستبعداً تأثُّر المواطنين سلباً بذلك. ودعا إلى إعادة عقوبة الإعدام في جرائم مثل محاولة تغيير النظام الدستوري بالقوة. وكانت السلطات أوقفت موظفين في رئاسة الحكومة اعتبرتهم أعضاء في جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن الذي يتهمه أردوغان بتدبير الانقلاب. واتهمت السلطات هؤلاء الموظفين بفتح حساب على موقع «تويتر» باسم «فؤاد عوني» كان يكشف أسراراً عن أردوغان وسياسات الحكومة. لكن هذا الحساب سخر من توقيف تلك المجموعة التي تضمّ أفراد الحماية الخاصة لأردوغان ورئيس إدارة جمع المعلومات في رئاسة الوزراء، معتبراً في تغريدات أن «ما حدث سيُسرِّع نهاية أردوغان وينهي حكمه». ونشرت وسائل إعلام تركية، بينها «الأناضول» وصحيفة «حرييت»، «مقتطفات» من شهادة أدلى بها إلى المدعين المقدم ليفنت تركان، أبرز مساعدي رئيس أركان الجيش الجنرال خلوصي أكار، مشيرة إلى أنه اعترف بأنه من أنصار غولن، وبمعرفته بالانقلاب. وقال تركان للمحققين إن مدبّري الانقلاب أرادوا اعتقال قادة مدنيين وعسكريين بارزين، بينهم أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدرم ووزراء، ليلة الانقلاب، لكن الخطة فشلت. وبرّر فشل الانقلاب برفض أكار قيادته، وزاد: «عندما لم يقبل العرض، لم يقتنع القادة الآخرون، ما مهّد لفشل» المحاولة. وتابع: «ندِمت بعدما رأيت انفجار قنابل وإصابة مدنيين». الى ذلك، أفادت وكالة «دوغان» الخاصة للأنباء بأن مقاتلات تركية أقلعت أمس لمنع سفينتين لحرس الحدود الأتراك من الوصول إلى المياه الإقليمية اليونانية، علماً أن قطعاً عسكرية تركية استُخدمت في محاولة الانقلاب الفاشلة. وكثفت السلطات حملة «التطهير»، إذ أعلن مسؤول تركي أن حوالى 6500 من موظفي وزارة التعليم أوقفوا عن العمل، وذلك بعد يوم على إعلان الوزارة عزل 15200 موظف للاشتباه بارتباطهم بجماعة غولن، وإلغائها تراخيص 21 ألف مدرّس في المؤسسات الخاصة. وبعدما أمر مجلس التعليم العالي بطرد 1577 رئيساً وعميداً في جامعات حكومية وخاصة، بثّت شبكة «أن. تي. في» الخاصة، أن المجلس أوقف أربعة رؤساء جامعات عن العمل، فيما أشارت شبكة «تي. آر. تي.» الرسمية إلى عزل 95 أكاديمياً في جامعة إسطنبول. يأتي ذلك بعدما منع المجلس جميع الأكاديميين من السفر إلى خارج تركيا، في ما اعتبره مسؤول تركي إجراءً موقتاً لتجنّب فرار مشبوهين بالتورط بالانقلاب. وبثّت شبكة «أن. تي. في.» أن وزارة التعليم أغلقت 626 مدرسة، غالبيتها خاصة، في إطار ملاحقة أنصار غولن. وشملت حملة «التطهير» 300 من موظفي وزارة الطاقة، فيما أوقف 900 شرطي في أنقرة عن العمل. وأفادت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء بأن وزارة الدفاع التركية تحقّق مع جميع القضاة والمدعين العسكريين، مضيفة أنها طردت 262 منهم. وذكرت الوكالة أن بلدية حي أيوب في إسطنبول هدمت فندقاً أفادت تقارير بأن المتآمرين خططوا فيه للانقلاب الفاشل. وكان لافتاً إعلان مسؤول بارز اعتقال حوالى ثلث جنرالات تركيا، من 360 ما زالوا في الخدمة، منذ فشل محاولة الانقلاب ليل الجمعة– السبت. وحجبت السلطات موقع «ويكيليكس»، بعد نشره نحو 300 ألف رسالة إلكترونية لقياديين في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، قبل حدوث الانقلاب. في غضون ذلك، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلتقي أردوغان في روسيا «في الأيام العشرة الأولى من آب (أغسطس)» المقبل.