تهتم دول المنطقة في شكل لافت بمعدلات التضخم، وباتت خططها واستراتيجياتها تتجه نحو الاستحواذ والسيطرة على معدلاته في اقتصاداتها، إذ استطاعت الحفاظ على هذه المعدلات عند نسب معينة ومستقرة، على رغم صعوبة ذلك كنتيجة طبيعية للأداء الاقتصادي لهذه الدول، التي لا تزال تعتمد على عوائد النفط لتمويل الواردات في ظل تطور مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي. وأعلنت شركة «المزايا القابضة» في تقريرها الأسبوعي أن «هناك العديد من العلاقات والشراكات التجارية بين دول المنطقة والعالم تؤثر في مصادر التضخم وعواملها، إذ ترتبط زيادتها بارتفاع عوائد النفط وتعديل الميزان التجاري لمصلحة التصدير، في حين تزداد خطورة الموقف إذا ما تراجع إجمالي العوائد وبقيت أسعار السلع والخدمات ترتفع، كما أن زيادة الأسعار تؤثر سلباً في مؤشرات الطلب المحلي والخارجي، ما سيؤدي إلى انخفاض التنافسية وخسارة الحصص السوقية المحلية والخارجية». وأضاف أن «الكثير من التوقعات والتكهنات التي تحيط بأداء القطاعات الاقتصادية في دول المنطقة وفقاً لمعدلات التضخم السائدة، تشير إلى أن هذه المعدلات قد تصل إلى نحو 3.4 في المئة بسبب ارتفاع أسعار التجزئة ورفع الدعم عن مشتقات الطاقة، وارتفاع فائدة التمويل لدى المصارف المحلية، فضلاً عن توقع بقاء حال التذبذب على أسعار النفط، ما من شأنه رفع قطاعات التشييد والبناء والنقل مؤشرات النمو في الاقتصادات المحلية وتقودها إلى بر الأمان عبر التخفيف من حدة تراجع الأداء الاقتصادي خلال العام الحالي». ولفت التقرير إلى أن «خطط دول المنطقة التنموية المستقبلية تقوم على إعطاء القطاع الخاص أدواراً قيادية، إذ إن أي تراجعات على أدائها سيكلف اقتصادات دول المنطقة الكثير، إضافة إلى أن ارتفاع عجز الموازنة الحكومية وزيادة أسعار التجزئة وارتفاع معدلات النمو لدى الدول المصدرة، ستعمل على رفع معدلات التضخم، ولن تتمكن الدول من السيطرة عليها أو ضبطها في الظروف كافة». وشدد على أن «التوجهات الحكومية نحو ترشيد الإنفاق وخفض أسعار المواد الغذائية على المستوى العالمي، وخفض كلفة الواردات، ستعمل فقط على ضبط معدلات التضخم ووقف ارتفاعها، إذ وصل معدل التضخم في السعودية إلى 3.7 في المئة في المتوسط العام الماضي، مقارنة ب2.2 في المئة عام 2015، ما يعكس تأثير تراجع أسعار النفط ورفع الدعم». وأكد تقرير «المزايا» أن «الاقتصاد القطري سجّل نسب تضخم وصلت إلى 2.65 في المئة في المتوسط العام الماضي، وسجل قطاع النقل الثقل الأكبر على معدل التضخم، بينما احتلت مجموعة السكن مراكز متأخرة لجهة التأثير». وسجل الميزان التجاري السعودي إغلاقاً إيجابياً نهاية أيلول (سبتمبر) 2016، ووصلت قيمة الواردات إلى أكثر من 53 بليون ريال (14.1 بليون دولار)، في مقابل 31 بليوناً للواردات، بفائض وصل إلى 22 بليون ريال. وأظهر الميزان التجاري الإماراتي مؤشرات إيجابية على خطط التنوع الاقتصادي، ووصل إجمالي التجارة غير النفطية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي إلى 1.172 تريليون درهم (299 بليون دولار)، فيما وصلت قيمة الواردات من إجمالي التجارة غير النفطية إلى 721 بليوناً. وسجل الميزان التجاري القطري الاتجاه ذاته خلال كانون الأول (ديسمبر) الماضي، إذ وصل إجمالي الصادرات إلى 19.3 بليون ريال (5.2 بليون دولار)، وبلغت قيمة الواردات 8.5 بليون ريال، ما يشير إلى مؤشرات إيجابية على الحراك التجاري في كل القطاعات، وأن وتيرة النشاط لا تزال جاذبة للاستثمارات، بينما سجل أداء الاقتصاد العماني فائضاً في ميزانه التجاري خلال عام 2016 وصل إلى 2.45 بليون دولار. وأكد التقرير أن «القطاع العقاري ليس بمعزل عن التطورات والضغوط السوقية المحلية والخارجية، إذ أن التداخل بينه وبين القطاعات الاقتصادية الأخرى من شأنه رفع مستوى حساسية مؤشرات العرض والطلب على المنتجات العقارية الجاهزة وقيد التنفيذ». وأضاف: «نسبة كبيرة من ارتفاع الأسعار المتداولة على الأراضي لدى مختلف الأسواق العقارية في المنطقة جاءت نتيجة وجود مضاربات من قبل تجار الأراضي، واستغلال سماسرة العقار للمشترين، إضافة إلى عدم توافر الأراضي في عدد كبير من الأسواق والمواقع، ما أوجد سقوفاً سعريه غير مبررة، أثرت في قيم التداولات ونسب تضخم أسعار السلع والخدمات ذات العلاقة، خصوصاً أسعار الفوائد على المنح والقروض الخاصة بالأفراد، وتمويل المشاريع الإنشائية». وشدد التقرير على «دور الحكومات في السيطرة وضبط معدلات التضخم، والحفاظ على الإنفاق الحكومي عند مستويات إيجابية، إضافة إلى تسهيل إجراءات عمل القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها قطاع الصناعة وقطاع العقار وقطاع المصارف، وتقديم مزيد من الدعم للقطاعات الاقتصادية التي تحقق عوائد متزايدة، فضلاً عن تحديد مستويات الدعم المطلوبة للقطاعات الاقتصادية التي تقع ضمن خطط التنمية متوسطة وطويلة الأجل».