العنوان أعلاه، ليس هزلاً أو مزحاً ثقيلاً، وإنما هو موضوع حقيقي حدث في أروقة إحدى المحاكم السعودية، إذ فسخ عقد نكاح رجل وفصله عن زوجته بسبب تعاطيه الشاي ليلاً ونومه أحياناً عن صلاتي العصر والفجر. سأكون حذراً في إطلاق الأحكام. لكنني سأكون في الوقت نفسه منبهاً مَن يسهرون الليل في نوبات الحراسات والأعمال الليلية من الانجرار وراء ورق الشاي وتعاطيه، فربما يكونون مهددين بفقد زوجاتهم ويتم تطليقهن منهم بأحكام قضائية شرعية بجريرة السهر وشرب الشاي. علمت من صديق «موثوق جداً»، في فترة ماضية، ان حكم قضائي صدر عن محكمة في إحدى المناطق، يقضي بفسخ عقد نكاح شخص عن زوجته بسبب انه ينام عن صلاتي العصر والفجر أحياناً ويشرب الشاي ليلاً. لست في وارد مناقشة الحكم، ويمكن للعارفين بالفتوى والأحكام القضائية مناقشته بالتفصيل، لكنني أتحدى من حكم بهذا الحكم القاسي، مقرراً التفريق بين رجل وزوجته، أن ينكر أن هناك أشخاصاً ابتلوا بثقل النوم، وهو حالة مرضية قد يُعذرون بسببها، لأنه خارج عن إرادتهم، ووسائل التضرع إلى الله كثيرة وممكنة لأن الدين الإسلامي دين يسر وسهولة لا دين مشقة. كما كان يمكن الحكم على المصاب بالنوم بمراجعة الطبيب وعلاج حالته «النومية»، والرفع بتقرير طبي إلى المحكمة عن حالته. لا يمكن لحكم اعتقد انه «مزاجي»، ان يقضي على أحلام شخص في تكوين أسرة، كما إن القضاء في أي دولة في العالم هو حصانة المظلومين ورفع الظلم عن الناس لا نقلهم إلى حالة شقاء، فكيف يكون الحال وهو في دولة تحكم بشرع الله وسنة نبيه المصطفى. يشهد الله أنني أقف إلى جانب القضاء قلباً وقالباً، ودائماً ما أضرب أمثلة بضرورة ان يكون القضاء «نزيهاً». عندما يكون القضاء نزيهاً نقياً وفق ممارسة فقهية وقانونية يبنى أساسات قوية للدول حتى لو صادفتها معضلات واختراقات لكون القضاء يرضي نفوس الناس ولا يجلب شكوى المظلومين والمقهورين. لماذا يفسخ عقد نكاح رجل وامرأة بمجرد تهم لم تثبت، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته؟ وهل نهاية الشرع التفريق أم التوفيق؟! تريثت عن التعليق على هذا الحكم ومبرراته، على رغم معرفتي به منذ فترة ليست بالقصيرة، وعلى رغم ورود شكاوى مواطنين من أحكام قضائية «تعسفية»، لكن إعلان مجلس القضاء الإداري، قبل أسبوع تقريباً، عن تشكيل دائرة جديدة لتأديب القضاة خلال اجتماعه الأخير في مقر الديوان بالرياض برئاسة رئيس ديوان المظالم الشيخ إبراهيم بن شايع الحقيل، بحضور رئيس المحكمة الإدارية العليا الشيخ محمد بن فهد الدوسري ونائب رئيس الديوان الشيخ علي الحماد وأعضاء المجلس، وما دعاني إلى كتابة ذلك. ان وجود إدارة لتأديب القضاة، مطلب وطني ضروري وحضاري، خصوصاً ان هناك أحكاماً لبعض القضاة لا تكون مدروسة، وفيها مغالاة، ووجود مثل هذه الدائرة كان مطلباً وأصبح واقعاً، وهو ما لم يكن واقعاً لولا رغبة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في حماية النزاهة وحفظ حقوق الناس، والاحتكام إلى قضاء الله من دون التفريق بين قاضي وفاضي.