بدأ مذيع شبكة «النهار» التلفزيونية خالد صلاح حياته المهنية صحافياً في دوريات مصرية، بينها «العربي» و «مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية « و «الأهرام العربي»، ويشغل حالياً منصب رئيس تحرير جريدة «اليوم السابع». التحق بالعمل التلفزيوني عام 2002 عبر قناة «المحور» حين قدم أحد برامجها الإخبارية، ثم انتقل إلى «أو تي في»، وانتهى به المطاف في شبكة تلفزيون «النهار» الذي أطل من خلالها عبر برامج عدة بينها «الأسئلة السبعة» و «آخر النهار» و «على هوى مصر» قبل أن يتوقف تمهيداً لعودته في صيغة جديدة خلال أسابيع. «الحياة» التقت خالد صلاح الذي عبّر عن إيمانه الراسخ بأن الصحافة هي أساس العمل التلفزيوني، موضحاً أن «الفصل بين مفهوم العمل التلفزيوني والصحافي يعد خطأً فادحاً ساد في الإعلام المصري وعززه ما جرى توارثه عن التلفزيون الرسمي للدولة (ماسبيرو) الذي فصل بين الصحافة والتلفزيون، فرسخ لمفهوم يعتبر المذيع وجهاً جميلاً ذا صوت رخيم وهيئة أنيقة، بينما يظل الصحافي وراء الكواليس يتولى مهمات الإعداد وغيرها». وأضاف: «هذا النمط ليس موجوداً، بل إن أشهر مذيعي العالم، مثل كريستيان آمانبور ووولف بلتزر، هم صحافيون بالأساس». وأشار إلى أن «الصحافي المصري مفيد فوزي هو أول من أطل من عالم الصحافة إلى التلفزيون في العالم العربي، وحطم مفهوم المذيع الوسيم عبر طريقته المميزة. وأثبتت التجربة أن الصحافيين قدموا نموذجاً شديد النجاح في تقديم البرامج بينهم محمود سعد وإبراهيم عيسى وخيري رمضان وعمرو أديب ولميس الحديدي، وتظل أنجح البرامج تلك التي يقدمها مذيعون جاؤوا من الصحافة. كما أن التحقيقات الاستقصائية التلفزيونية والبرامج الوثائقية هي صحافة تلفزيونية». ونفى أن تكون الشاشة هي المصدر الوحيد للنجومية قائلاً: «يضاعف التلفزيون النجومية ولا يصنعها، وهناك أسماء صحافية لامعة لم تقدم برامج تلفزيونية، بينهم محمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين وصلاح حافظ وجمال بدوي وعباس الطرابيلي». ووصف خالد صلاح نفسه بالشخص المحافظ حين يطل على الشاشة: «أقدم البرنامج بعقل رئيس التحرير المسؤول عن مؤسسة صحافية، إذ أفرض على نفسي كثيراً من القيود والتوازنات رغبة في الحفاظ على صورتي التي قد تتأثر بما هو مفروض على المذيع. فلا أستطيع تقديم فقرات أو برامج المنوعات والترفيه على رغم أنها نموذج ناجح جداً». وتحدث عن مسيرته المهنية في قناة «النهار» قائلاً: «بدأت عبر تقديم برنامج «آخر النهار» مع الأستاذ محمود سعد الذي يعد قامة كبيرة ذا خط مهني متفرد، لكن البرنامج توقف عقب رحيله عن القناة وحل محله «على هوى مصر»، ثم بدأت شبكة «النهار» عملية هيكلة شاملة، وتقرر عودة «براند» برنامج «آخر النهار» الذي سينطلق في غضون أسابيع وسينضم لمشاركتي في تقديمه خيري رمضان ومحمد الدسوقي رشدي، إذ يتولى كل مذيع تقديم عدد من الأيام. بينما يطل جابر القرموطي عبر فقرة ثابتة في البرنامج لقراءة الصحف». وأعرب صلاح عن تفاؤله بهذه التجربة لاسيما أنها تتسم بالتكامل بين فريق العمل، آملاً بنجاح البرنامج وأن يحظى برضا المشاهد المصري ويلبي طموح شبكة «النهار». انتمائي إلى الصحافة واعترف: «لا أفهم في صناعة العمل التلفزيوني ولم أهتم به يوماً، ولولا مالك شبكة تلفزيون «النهار» علاء الكحكي ما قدمت برنامجاً، فأنا أضع ثقتي به وبرئيس القناة ألبرت شفيق، وأترك لهما قيادتي في الشأن التلفزيوني، بخاصة أنني أنمو أثناء وجودي في الصحف وأتقلص في الأستوديو، فانتمائي إلى الصحافة أكثر منه إلى التلفزيون، وأعتقد أن شرفي ومجدي هي الصحافة، بخلاف زوجتي مذيعة قناة «أون تي في» شريهان أبوالحسن التي تفضل التلفزيون بكل تفاصيله». وبرر عدم انتقالها إلى قناة «النهار» على رغم كونه أحد الشركاء المؤسسين في القناة قائلاً: «لست شريكاً في «النهار» في شكل عملي ولكن بصفة شكلية بوصفي أحد مؤسسيها، وبدأت زوجتي مسيرتها في قناة «أون تي في» وتعتبرها بيتها الأول». وأضاف مازحاً: «يفضل ألا نضع البيض كله في سلة واحدة، ينبغي توزيع أخطار الاستثمار». وعن اتهامه بتغيير مواقفه باختلاف الأنظمة السياسية، قال: «مواقفي واضحة ومعلنة، ولست سياسياً وإلا لاخترت معسكراً أنضم إليه، ولست مؤمناً بالثورات وأعلنت ذلك خلال كل اللقاءات التلفزيونية منذ قيام «ثورة يناير»، وأعتبر أن الثورات أتت بالاحتلال للبلاد العربية وليس الحرية، فالقرار في غرب ليبيا والعراق وسورية تصنعه أطراف خارجية، ومثلت مواقفي إزعاجاً لبعض التكتلات السياسية، فطاولني هجومهم، إذ أؤمن أن الإصلاح ينبغي أن يكون هادئاً ومتوازناً من داخل الأنظمة وليس خارجها، فالإصلاح الخارجي مصيره الفشل لا محالة». أما مواقفي بعد نجاح نظام «الإخوان»، فتقديري أن الفترة الأولى من حكمهم كانت مبشرة، وتبدل الاعتقاد عقب إصدار الرئيس المعزول محمد مرسي الإعلان الدستوري، وحينها اتخذنا جميعاً موقفاً وطنياً ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين». وتابع: «يتصور بعضهم أنه عندما يكون للصحافي القدرة على التواصل مع جهات ما أنه صار يتبنى أفكارها أو ينتمي إليها وهو زعم خاطئ، فانتمائي لوطني ومهنتي فقط». وقال: «أؤمن بدولة «30 يونيو» و «3 يوليو»، وأثق بشدة في الرئيس عبدالفتاح السيسي واعتبره أكثر الرجال إخلاصاً وشرفاً في مصر، ولا يمكن إذا كنا نبتغي الحق أن أخشى من إعلان وجهة نظري كي لا أتهم بتملق السلطة، ومن ثم فشهادتي ضرورية لأنني لا أبتغي من الرئيس شيئاً ولا هو كذلك». وعن وثائق مسربة اتهمته بالعمل لمصلحة أحد الأجهزة الأمنية المصرية، قال: «كنت أول من خرجت ضده تسريبات ومستندات مزيفة، إذ جعلوني عميلاً لجهات متضاربة بينها المخابرات الليبية والقطرية والتركية، ووثائق أخرى تزعم أنني عميل لجهاز أمن الدولة المصري والمخابرات الأميركية». ودلل على كذب هذه الوثائق قائلاً «هناك وثيقة حول عملي مع جهاز أمن الدولة تم تأريخها بعام 1996 بينما احتوت إحدى صوري الحديثة من برنامجي على شاشة «النهار» عام 2014، كما أنني واجهت تعسفاً أمنياً عند تعييني في «الأهرام العربي» لولا تدخل مدير التحرير نصر القفاص الذي خاض معركة إلى جواري حينذاك». وعلل أسباب استهدافه بالإشاعات: «هناك فئات أخذت على عاتقها تشويه رموز مهنة الصحافة بغية إفقادهم الصدقية لدى الرأي العام». ونفى صلاح اشاعة أن يكون مدير التحرير السابق ل «اليوم السابع» هاني صلاح الدين (ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، وألقي القبض عليه في عام 2013 حيث يحاكم في قضية غرفة عمليات رابعة) شقيقه، مؤكداً: «لم أتأثر يوماً بالأكاذيب التي طاولتني، إذ عززت مكانتي بين زملائي والمحررين الشباب في «اليوم السابع « كونهم الأقرب مني ويعلمون جيداً أن تلك الإشاعات ليست حقيقية». أخلاقيات المهنة وعن مدى أخلاقية عرض تسريبات صوتية لبعض النشطاء والرموز السياسية عبر برنامجه، أجاب: «على رغم إيماني أن المنطق ذاته خاطئ لكن القليل منه يصلح، إذ كانت التسريبات ضرورية كي تكشف أمام الرأي العام أشخاصاً تعاونوا مع أعداء بلادهم بينما ظنناهم رموزاً للوطنية». وحول كون ذلك من اختصاص المؤسسات القضائية التي يحق لها وحدها توجيه الاتهامات، قال: «هذا الأمر لا يخصني، إذ تنظر القضية «250» أمام القضاء، لكنّ تورط مؤسسات دولية بها ربما لا يسمح بتحريكها والبت فيها الآن بفعل الظرف السياسي في البلاد». وبرر انتهاك تلك التسريبات للحياة الشخصية بقوله: «لست مصدراً لها، بل يمتلكها ويعرضها صحافي وعضو مجلس النواب عبدالرحيم علي وهو شخص له حيثياته، لذا فالوضع القانوني يخصه، بخاصة أننا أبدينا في البرنامج أن حق الرد مكفول للجميع». ورأى خالد صلاح أن الإعلام المصري يعيد تصويب ذاته على منطق مهني، متحرراً من الاستقطاب والتحريض الأعمى، فحرية الإعلام لا تعني أن يكون تحريضياً، وأضاف: «لا نريد إعلاماً على الطريقة اللبنانية أو البلقانية خلال فترة الحرب الأهلية، بل اعلاماً يلتزم المعايير المهنية ويستهدف مصلحة الوطن، وقد تراجع إعلام إسقاط مصر، وحل محله إعلام التصويب، ولم تغب أصوات ومناخات عدة تختلف في المنطق وطريقة وآليات الإدارة، لكنها لا تطالب بإسقاط المؤسسات».