عاود الفنان السعودي ناصر القصبي إثارة الجدل بين مواطنيه، بإعلانه مسلسله الجديد «العاصوف»، الذي لن يعرض هذه المرة في شهر رمضان المبارك، كما جرت العادة، بل اختير له شهر شعبان المقبل. واستبق سعوديون عرض المسلسل، الذي يتناول انعكاس ما عُرف ب«الصحوة»، لشن هجوم واسع على «العاصوف»، وأثار الإعلان الترويجي للمسلسل جدلاً بين رواد موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بين مشكك يراه «عملاً موجهاً ضد رجال الدين والدعوة»، وبين متشوق لرؤية «عمل فني تاريخي» للمرة الأولى في السعودية. ورأى المغرد أبو مشاري الحربي في المسلسل الذي تقدمه شبكة قنوات «MBC»، «عملاً جاء في هذا الوقت تحديداً لاستمرار الحرب على الدين بغطاء نقد الصحوة». فيما اعتبره سامح المطيري: «عملاً موجهاً ضد قيم وأخلاقيات المجتمع السعودي المحافظ»، بينما رأى آخر أن «المسلسل يتبنى النظرة الليبرالية، التي تميل إلى السخرية من شرائع الدين». إلا أن بطل العمل ناصر القصبي نفى أن يكون المسلسل موجهاً ضد أشخاص أو تيار معين، مشيراً إلى الدور «المهم للخط الصحوي آنذاك في تشكيل المجتمع وآثاره الممتدة حتى الآن». في المقابل، انتقد المغرد فهد العامري رافضي العمل، وكتب: «حكمتم على المسلسل ولم تشاهدوه بعد، لماذا تسبقون الأحداث. لكل حادث حديث». و«العاصوف» من تأليف الكاتب الراحل عبدالرحمن الوابلي، الذي استغرق في كتابته أكثر من خمس سنوات، ويروي سيرة مدينة الرياض منذ نهاية الستينات وحتى الوقت الراهن، مسلطاً الضوء على أهم الأحداث التي أثرت في المجتمع السعودي من خلال خمسة أجزاء، ستعرضها قنوات «MBC». ويستغرق الجزء الأول النصف الأول من فترة السبعينات وينتهي بوفاة الملك فيصل، ويتناول فترة «الصحوة»، وما أعقبها من تحولات فكرية واجتماعية طاولت كثير من فئات المجتمع، وحددها القصبي في حوار تلفزيوني ب«السنوات التي سبقت الطفرة التي هزت المجتمع السعودي بقوة، وكي نقدم التأثير التي حدث كان لا بد من الرجوع إلى الأساس الذي كان عليه المجتمع». و«الصحوة» حركة دينية بدأت في سبعينات القرن الميلادي الماضي، وتبنت خطابا دينياً «متشدداً» ضد ما عرف آنذاك ب«تيار الحداثة»، زادت حدته بعد حادثة جيهمان العتيبي، والغزو السوفياتي لأفغانستان، لكنه بدأ في الانحسار بعد أحداث ال11 من أيلول (سبتمبر). ويناقش المسلسل تحولات مهمة في المجتمع السعودي، بينها حرب أفغانستان التي شهدت تطوع كثير من الشباب السعودي لمقاومة الغزو السوفياتي لأفغانستان في ثمانينات القرن الماضي وآثارها، ويصفها القصبي بقوله: «كان لها ارتداد مرعب على المستوى الاجتماعي». ويشارك في بطولة «العاصوف» ممثلون سعوديون، وهم: ريم عبدالله، وعبدالإله السناني، وريماس منصور، وحبيب الحبيب، وعبدالعزيز السكيرين، وسناء بكر يونس، إضافة إلى وجوه شابة عدة. المسلسل الذي صور الجزء الأول منه في الإمارات، خلال ثلاثة أشهر، اضطرت الشركة المنتجة إلى بناء أستوديو خارجي على مساحة 6 آلاف متر مربع في مدينة أبوظبي الصناعية، ليأخذ نسق أحياء الرياض في فترة السبعينات، واستعانت بأرشيف كبير من الصور الفوتوغرافية التي توثق تاريخ العاصمة وتطورها العمراني، وقامت الشركة المنتجة باستئجار 22 سيارة تعود موديلاتها إلى الفترة من 1950 إلى 1973 لتتماشى مع فترة وقوع الأحداث. وتوقع أحد أبطال العمل الفنان عبدالإله السناني، أن يكتسح المسلسل الدراما الخليجية، وقال في حوار نشره موقع «MBC»، إن «العاصوف علامة فارقة في تاريخ الدراما الخليجية والعربية من ناحية جرأة الطرح، وأداء الممثلين، والإخراج المتقن»، ولم يبد خوفاً من الانتقادات التي ستواجه المسلسل، لافتاً إلى أنها سيمثل «عودة إلى الدراما السعودية الحقيقية». يُذكر أن الفنان ناصر القصبي قدم خلال العقدين الماضيين أعمالاً أثارت جدلاً، منها «طاش» الذي قدم منه 18 جزءاً، وكان آخر أعماله المثيرة مسلسل «سيلفي» في العامين 2015 و2016، وانتقد فيه تنظيم «داعش»، الذي توعده إثرها بقطع رأسه.