خاضت القوات العراقية أمس، معارك ضارية للسيطرة على مطار الموصل جنوبالمدينة، في موازاة حملة قصف غير مسبوقة على أهداف حيوية ل «داعش» الذي واصل هجماته على الأحياء الشرقية والجهة الغربية من قضاء تلعفر. وكانت القوات المشتركة أعلنت تحقيق أهداف المرحلة الأولى من حملتها التي بدأت الأحد الماضي، مؤكدة بسط سيطرتها على نحو 60 في المئة من المناطق المحيطة بالجانب الغربي، من الجهتين الجنوبية والجنوبية الغربية للمدينة. وقال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت في بيان أمس، إن «مدفعيتنا تقصف مقرات الدواعش في مطار الموصل وحي الطيران، بعد وصول قطعاتنا إلى مشارفه، بالتزامن مع قصف طائرات التحالف الدولي تجمعات الإرهابيين، وتم تدمير 9 معسكرات للتنظيم، وقتل نحو 50 داعشياً، فضلاً عن قتل 14 انتحارياً عند مشارف المطار»، لافتاً إلى أن «قواتنا استخدمت تكتيكات عسكرية فاجأت الدواعش وأجبرتهم على الانسحاب من محيطه». وأكدت قوات «الشرطة الاتحادية» في بيان «استكمال تطهير منطقة البوسيف تمهيداً لتحرير المطار، وأفادت مصادر محلية بأن «دوي انفجارات عنيفة سمع صداها داخل معسكر الغزلاني في غرب المطار، ولم يعرف إذا كانت ناجمة عن قصف جوي أو مدفعي». وأفاد الناطق باسم «العمليات المشتركة» العميد يحيى رسول أمس، أن «الجهة الغربية من الموصل مطوقة في شكل كامل من قطعات الجيش»، مضيفاً أن «قوات الشرطة الاتحادية والرد السريع تمكنت من تحرير هضبة البوسيف والسيطرة عليها في شكل كامل، وهي الآن على مشارف مطار الموصل العسكري ومعسكر الغزلاني». وأضاف أن «ذلك يعني تحقيق أهداف الصفحة الأولى من المرحلة الثالثة لتحرير الموصل»، واستدرك «لكن المعركة عند مشارف الأحياء ستكون أشد وأصعب بسبب الكثافة السكانية والأزقة الضيقة والمناطق الشعبية، ولدينا خطة إستراتيجية ومعلومات استخباراتية للتعامل وفق طبيعة الأرض، ومسألة النصر قاب قوسين أو أدنى، لأن معارك اليومين الماضيين تبين أن داعش يعاني من انكسارات، وقد بدأ عناصره بالفرار من أرض المعركة». وفي تطور لافت، تناقلت وسائل إعلام محلية أنباء عن أن «داعش فتح الطوق الأمني المشدد حول أحياء الموصل القديمة التي تمثل الثقل القوي لتمركزه مع وجود أغلب المقرات الرئيسية، وأرسل كتائب النخبة ومنها المرابطون التي أغلب عناصرها من العرب والأجانب إلى خطوطه الدفاعية التي انهارت في اليومين الماضيين»، وأشارت إلى أن «التنظيم أغلق أزقة الموصل القديمة في شكل محكم ومنع أي دخول إليها وسط انتشار مفارز قتالية بسيارات تحمل أسلحة ثقيلة». في الأثناء، قال مصدر عسكري إن «الفرقة التاسعة حررت جبل عطشانة لتقترب من الطريق الرابط بين شمال الساحل الأيمن مع شرق قضاء تلعفر»، في وقت ذكر فريق إعلام «الحشد الشعبي» أن «اللواء 45 تمكن من صد هجوم شنته عصابات داعش على قاطع عين الحصان غرب تلعفر، وتم قتل 9 إرهابيين، وتفجير عجلتين مفخختين». وفي محاولة لتخفيف الضغط عن جبهته الغربية، واصل التنظيم هجماته بالطائرات المسيرة وقنابل الهاون على الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الجيش، و «استهدفت طلاب مدرسة قرب منطقة كاراج الشمال أودت بحياة اثنين وإصابة ثلاثة، فيما قتل ثلاثة مدنيين في منطقة البيع المباشر، وأصيب آخرون في هجوم مماثل على مركز صحي في حي السكر». «وجبة طعام بسيطة» في اليوم للأهالي أربيل - أ ف ب - تزداد الأوضاع الصحية في غرب الموصل تدهوراً، وتتزايد وفيات الاطفال، ويعاني الأهالي من سوء التغذية ونقص الأدوية، لا سيما بعد إغلاق «داعش» المستشفيات في هذا الجانب من المدينة الذي أطلقت القوات العراقية الأحد عملية لاستعادته. ويقول أبو أحمد، في اتصال هاتفي، متحدثاً من داخل الموصل: «توفي ابن جارنا منذ أربعة أيام. منذ أسابيع لا تتناول العائلات سوى وجبة بسيطة واحدة فقط في اليوم، وغالباً ما تكون من اللبن والبطاطا المسلوقة». ويضيف بحسرة: «قضى طفل عمره ست سنوات لنقص الغذاء الذي أضعف صحته». وأكد مصدر طبي في مستشفى الجمهورية وفاة ثلاثة أطفال تراوح أعمارهم بين ثلاث إلى ست سنوات «لسوء التغذية ونقص الأدوية في المراكز الصحية والصيدليات». وأشار الى احتمال حدوث وفيات أخرى خلال الأيام المقبلة. وأضاف المصدر رافضاً كشف اسمه ان «عناصر داعش سيطروا على كل المستشفيات ولا يحق لغيرهم تلقي العلاج فيها». وتابع: «حتى قبل غلق المستشفيات، كان على الناس دفع مبالغ لداعش (مقابل العلاج)، وهم لا يملكون أي مال». وأشار إلى أن «العلاج كان مجانياً في المستشفيات قبل أن يسيطر التنظيم» على ثاني أكبر مدن العراق في حزيران (يونيو) 2014. وبعد أن استعادت القوات العراقية السيطرة على شرق الموصل، أطلقت الأحد عملية لاستعادة الجانب الغربي من المدينة وحققت تقدماً من المحور الجنوبي. وبات نحو 350 الف طفل دون ال 18 «محاصرين داخل الجانب الغربي، يعيشون في شوارع ضيقة مكتظة تحت قصف قد يكون الأكثر فتكاً (من المعارك) التي عرفت قبل ذلك في هذا الصراع»، وفقاً لتحذير أطلقته منظمة «انقذوا الأطفال». وطالب مدير المنظمة في العراق ماوريتسيو كريفاليرو ب «إعداد ممرات آمنة لإخلاء المدنيين بأسرع وقت». ولجأ الطبيب ياسر فوزي الذي كان يعمل في مستشفى الجمهورية الى الجانب الشرقي من المدينة، وكان شاهداً على الأوضاع القاسية التي يعيشها السكان. وأكد أن «الأمراض ناجمة عن سوء التغذية التي تؤثر في كل الأعمار، والأطفال يتأثرون في شكل خاص (لأنهم) يفتقرون الى الغذاء والحليب». وأشار الى استخدام الناس الأعشاب لمعالجة الحالات المرضية. وقال أبو محمد الذي يسكن في حي الزنجيلي غرب الموصل، أن «العائلات تحضر وتخلط الأعشاب لمعالجة الحالات الطارئة كالجروح والحروق». ووجد أبو سالم الذي يسكن في رأس الجادة نفسه حائراً لا يعرف ماذا يفعل لمساعدة زوجته التي أنجبت طفلاً للتو. وقال الرجل العاجز عن تأمين حاجات زوجته وطفله: «اضطرت زوجتي إلى إجراء عملية قيصرية في شهرها الثامن في البيت لأن المستشفيات مغلقة». وقالت أم علي التي تسكن في حي النجار إن «بعض النساء الحوامل يستعجلن الإنجاب قبل أن تصبح الأوضاع أكثر تعقيداً عندما تصل المعارك الى داخل المدينة».