أعاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس، تكليف فرنسوا فيون (56 سنة) رئاسة الحكومة التي اعلنت بعد ذلك بساعات قليلة، وكان التطور الأبرز فيها خروج وزير الخارجية برنار كوشنير وتولي الوزيرة ميشال آليو ماري حقيبته، اضافة الى تسلم رئيس الحكومة السابق آلان جوبيه حقيبة الدفاع واعتباره «الرجل الثاني» في الحكومة، واحتفاظ وزيرة المالية كريستين لاغارد ووزير الداخلية بريس اورتوفو بحقيبتيهما. وبدا أن ساركوزي استنتج أن سياسته في الانفتاح على اليسار فشلت، ما أدى الى خروج كوشنير الذي كان الحزب الاشتراكي طرده من عضويته لدخوله حكومة يمينية. وتراعي التشكيلة الجديدة مشاركة تيارات عدة عن اليمين والحزب الحاكم. وفي وقت تولى جان فرنسوا كوبيه الأمانة العامة لحزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» الحاكم، تعزيزاً لمهماته في إدارة الحزب الذي كان يرأسه، استمر كلود غيان في منصبه أميناً عاماً ل»الاليزيه» (القصر الرئاسي). وكان ساركوزي تردد في إعادة تكليف فيون قبل أكثر من شهر، ملمحاً الى رغبته في تغيير جذري للانفتاح على فريق الوسط في الغالبية المتمثل بوزير البيئة جان لوي بورلو، في محاولة لاستعادة شعبية فقدها في شكل كبير. وروجت مصادر بورلو إشاعات عن وعد من الرئيس بتكليفه تشكيل الحكومة، الأمر الذي ادى الى إستبعاده. وبعد نجاح حكومة فيون في تمرير قانون إصلاح التقاعد وتجاوزها مرحلة التظاهرات والإضرابات، رغب ساركوزي في إرضاء غالبية النواب في حزبه والإبقاء على فيون، علماً انه لم يكن مرتاحاً لتنامي شعبية الأخير في أوساط الحزب الحاكم. وأراد ساركوزي التعديل الوزاري لاستكمال الإصلاحات التي يطمح في إجرائها قبل نهاية ولايته الرئاسية في 2012، كونه يعد بحسب مصادر عدة في الغالبية الحاكمة، لترشيح نفسه لولاية ثانية ولو أنه لم يكشف عن ذلك بعد. وشغل فيون النائب من حزب الغالبية (الاتحاد من أجل حركة شعبية) منذ 1981، مناصب وزارية عدة في حكومات مختلفة في عهد الرئيس السابق جاك شيراك، كما يحظى بشعبية كبرى في أوساط اليمين الفرنسي، وتشير استطلاعات الرأي الى انه المرشح الأفضل للرئاسة في مواجهة مارتين أوبري التي تتولى منصب الأمين العام للحزب الاشتراكي، في حين ان الاستطلاعات ذاتها تشير الى احتمال خسارة ساركوزي أمام أوبري. وفور إعادة تكليفه، أصدر قصر رئاسة الحكومة (ماتينيون) بياناً أعرب فيه فيون عن تقديره للشرف الذي منحه اياه الرئيس ب «الاستمرار» في خدمة فرنسا، وأشار الى انه «على رغم التحديات والتجارب الصعبة والهجمات منذ 2007، حافظ الرئيس على مسيرته الإصلاحية بدعم من غالبيته البرلمانية». وشدد البيان على التزام فيون العمل تحت سلطة الرئيس لمباشرة «مرحلة جديدة من تعزيز النمو الاقتصادي ودفع العمل والتضامن وضمان أمن الفرنسيين»، في تحديد للعناوين الرئيسية للحكومة الجديدة. وشنت المعارضة حملة على ساركوزي وقراره إعادة تكليف فيون. وقالت مارتين ابنة جان ماري لوبن زعيم «الجبهة الوطنية» (اليمين المتطرف) إن ساركوزي «مجرد حاكم لمقاطعة فرنسا يطيع حكومة العالم التي تتمثل في مجموعة ال20 ويخضع لمشروع بالغ الليبيرالية». أما الوزير الاشتراكي السابق بول كيليس فاعتبر ان «التعديل الحكومي للاشيء». وقال: «ستكون حكومة مثل السابقة موكلة بتنفيذ ما يريده ساركوزي».