أبدى الفلسطينيون تحفظاً وفتوراً إزاء الصفقة الأميركية - الإسرائيلية في شأن ضمانات أمنية وسياسية أميركية لإسرائيل في مقابل تجميد جزئي للاستيطان في الضفة الغربية لمدة ثلاثة أشهر ولا يشمل القدس. وقال الناطق الرئاسي الفلسطيني نبيل أبو ردينه: «ما زلنا بانتظار الرد الأميركي الرسمي للرئيس (محمود) عباس حتى يتم عرضه على القيادات الفلسطينية والعربية». وأضاف: «الجانبان الفلسطيني والعربي ملتزمان ما تم الاتفاق عليه في لجنة المتابعة العربية والقمة العربية في ليبيا في شأن الموقف الرسمي من أجل العودة للمفاوضات». من جانبه، أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه أن القيادة الفلسطينية ستدرس الاقتراح الأميركي بناء على الموقف الفلسطيني الأصلي الذي يرفض أي بناء في المستوطنات. وقال إن الاتفاق الأميركي - الإسرائيلي الجديد لن يكون مرجعاً للمفاوضات، وأن مرجعية المفاوضات هي القرارات الدولية ذات الشأن وخطة «خريطة الطريق». وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في اتصال من باريس مع وكالة «فرانس برس»: «في حال تسلمنا رسمياً تفاصيل الصفقة الأميركية مع الحكومة الإسرائيلية ... سيعقد اجتماع للقيادة الفلسطينية يضم اللجنة المركزية لحركة فتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لدرس هذا المقترح». وأضاف: «كذلك ستتم الدعوة لعقد اجتماع عاجل للجنة المتابعة العربية لاتخاذ القرار المناسب». وأكد مسؤول فلسطيني لوكالة «فرانس برس» ان «مساعد المبعوث الأميركي السفير ديفيد هيل سيصل اليوم الى رام الله للقاء الرئيس محمود عباس». وأضاف ان هيل «ربما يحمل تفاصيل المقترح الأميركي، وبالتالي يسلمه للقيادة الفلسطينية رسمياً». وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية نشرت أمس نبأ عن اتفاق إسرائيلي – أميركي ينص على تجميد للاستيطان لمدة ثلاثة أشهر في مستوطنات الضفة الغربية باستثناء القدس، في مقابل منح إسرائيل 20 طائرة من طراز «أف - 35» وتعهد استخدام حق النقض (الفيتو) لإحباط أي مشروع قرار ضد إسرائيل في الأممالمتحدة. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، عضو الوفد الفلسطيني المفاوض الدكتور نبيل شعث ل «الحياة» إن «سياسية الإغراءات التي تقدمها الولاياتالمتحدة لإسرائيل لن تؤدي إلا الى مزيد من التصلب الإسرائيلي بهدف الحصول على المزيد من الامتيازات». وأضاف: «عندما تقدم الإدارة الأميركية لإسرائيل هذه الضمانات والإغراءات العسكرية والسياسية، بعض منها من الجيب الأميركي والبعض الآخر من الجيب الفلسطيني، كي تطبق ما كان عليها تطبيقه بموجب خطة خريطة الطريق وهو تجميد الاستيطان، فإنها لا تفعل سوى تشجيع إسرائيل على مزيد من الابتزاز». وتابع: «هذا الأمر لن يؤدي إلا الى تشجيع إسرائيل على اتخاذ مواقف أكثر تشدداً». واستبعد شعث أن تنجح إدارة الرئيس باراك أوباما في التوصل الى اتفاق على الحدود مع نتانياهو خلال الأشهر الثلاثة من تجميد الاستيطان، وقال: «فرصة التوصل الى اتفاق على الحدود خلال ثلاثة أشهر أمر غير ممكن، فنحن عقدنا سلسلة لقاءات مع نتانياهو في نيويورك وشرم الشيخ وفي القدس ولم يظهر أي إشارة الى نيته التوصل الى اتفاق». غير أن مراقبين توقعوا أن يوافق الجانب الفلسطيني في النهاية على العرض الأميركي لعدم وجود خيار آخر، فيما يرى بعض المراقبين جوانب إيجابية للفلسطينيين في العرض الأميركي. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيزيت الدكتور سميح شبيب ل «الحياة» إن «ادخال نتانياهو في مفاوضات على الحدود لمدة ثلاثة أشهر سيؤدي الى إزالة قدرته على المراوغة ووضعه أمام الحقيقة ... فهو إما أن يتقدم بعرض للاتفاق على الحدود، وإما أن يقبل العرض الأميركي، وفي الحالتين فإن نتانياهو سيغدو مكشوفاً أمام الأميركيين في فترة قصيرة، فهو إما أن يقبل الموقف الأميركي بإيجاد حل على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967، أو يتحمل مسؤولية فشل المفاوضات، وحينها سيتعرض الى ضغوط أميركية». ويرى شبيب أن موافقة نتانياهو على تجميد الاستيطان سيؤدي الى خروج عناصر متشددة من حكومته لتحل محلها عناصر أكثر اعتدالاً مثل حزب «كاديما». لكن مراقبين آخرين لا يخفون خشيتهم من تعرض الجانب الفلسطيني الى ضغوط أميركية لقبول اقتراح إسرائيلي بالانسحاب الى حدود موقتة لا تشمل القدس.