ارجأت قمة مجموعة العشرين في سيول، البت بالخلافات المالية والتجارية في ما بين اعضائها، ورحلتها الى القمة السادسة التي ستُعقد في نيس (فرنسا) في الثالث والرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2011. واكتفت، في بيان اصدرته امس، بتحديد «ارشادات» غامضة لقياس الاختلالات بين اقتصاداتها المتفاوتة السرعات واعطت نفسها مهلة لتهدئة التوتر. وكلفت القمة رئيس الدورة المقبلة الفرنسي نيكولا ساركوزي، بترتيب الاولويات وجدول اعمال قمة نيس. ولن يكون ساركوزي مطلق الصلاحية بل حدد له البيان الختامي «خريطة طريق» تضمنت ضرورة النظر باختلالات تدفقات رؤوس الاموال واسعار الصرف المخفضة اصطناعياً وحتى امكانات «تحديث النظام المالي الدولي». ويُعتقد بان الرئيس الفرنسي سيضع في جدول اعماله التعرض لسعر صرف الدولار، خصوصاً بعدما تحدثت باريس مراراً عن الازمات التي تعرضت لها عملات 42 دولة مرتبطة بالدولار منذ 1990، وسيعيد احياء اقتراح اعتماد حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي اساساً لاحتياطات الدول بدلاً من الدولار او سلة عملات، لمنع الازمات المالية الناشئة عن اختلالات اسعار الصرف. وتعهد ساركوزي، بعد تسلمه رئاسة المجموعة، وضع دراسة وتوصيات لتحديث النظام المالي الدولي كما شدد على ضرورة تقويم العملات وفق مقاييس السوق وعدم التدخل في اسعار الصرف. وكان الرئيس الفرنسي اشار في عز الازمة المالية، وخلال قمة المجموعة في واشنطن العام 2008، الى ضرورة تعديل اتفاقات «بريتن وودز» المالية، التي اقرت في تموز (يوليو) 1944 عندما كان الدولار في عزه، وعلى اساس ان اليورو اصبح اليوم عملة قوية كما ان اليوان الصيني اصبح نجم التعاملات في آسيا. وقال ساركوزي في مؤتمر صحافي: «اننا نتولى الرئاسة بطموح وواقعية». وعرض الملفات التي يريد الدفع بها قدما خلال العام. وتشمل ثلاث ورشات كبيرة تعرض الى تفاصيلها مرارا خلال الشهور الاخيرة وهي اصلاح نظام النقد الدولي، الذي يأمل مناقشته بلا قيود، والحد من تقلبات اسعار المواد الاولية، التي ادت الى اضطرابات اجتماعية سنة 2008 لا سيما في هايتي وافريقيا، واصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية (صندوق النقد الدولي وتوسيع عضوية مجلس الامن الدولي ليشمل كبرى الدول الناشئة بما فيها الافريقية). غير ان ساركوزي، الذي اكد انه يدرك الصعوبات، حذر من ان تلك الملفات «ضخمة» وليس لها «حلول مبسطة». واصر على انه «لن يكون بالامكان الانتهاء منها في سنة واحدة». وقال ان فرنسا «ستعمل بحس جماعي». وانه سيتوجه الى واشنطن بين نهاية 2010 ومطلع 2011 ليبحث مع الرئيس باراك اوباما والى جنوب افريقيا مع الرئيس جاكوب زوما والى الهند بعدها للتشاور. كما سيعمل «يداً بيد مع صندوق النقد الدولي ومديره العام دومينيك ستروس كان في مجالات الاصلاحات المالية». ويستهدف الرئيس الفرنسي «اضفاء بُعد اخلاقي على الراسمالية وفرض رقابة صارمة على ما يتقاضاه العاملون في القطاع المالي والبورصات والمراقبة الصارمة للملاذات الضريبية» كما قال. ومن بين ابرز نقاط البيان الختامي الصادر في ختام قمة سيول امس اجراءات لتجنب خطر حصول انكماش عالمي لا سيما ان «نموا غير متساو واختلالات متزايدة، تغذي الميل الى الابتعاد عن الحلول الشاملة والى اشاعة اجراءات غير منسقة. لكن خطوات غير منسقة ستؤدي بالتأكيد الى نتائج اسوأ للجميع». واعتمدت القمة «خطوطاً توجيهية» من «سلسلة مؤشرات» للمساعدة على تحديد الاختلالات التجارية الكبرى التي «تستدعي اعمالا وقائية وتصحيحية». وتعهدت «بالتوجه الى اعتماد انظمة لاسعار الصرف تحددها السوق وعبر الامتناع عن اللجوء الى خفوضات تنافسية لاسعار عملاتها». ووافقت على الضوابط المصرفية الجديدة المسماة «بازل 3» التي من المقرر ان تدخل حيز التنفيذ بالكامل بحلول كانون الثاني (يناير) 2019، واعلنت تصميمها على وضع قواعد جديدة خاصة بالمصارف التي تعتبر اساسية بالنسبة الى النظام المالي العالمي، التي سيتم تحديدها في لائحة يضعها مجلس الاستقرار المالي منتصف 2011.