مساعد وزير الداخلية لشؤون التقنية يشهد حفل ملتقى "أبشر" العاشر للتحول الرقمي    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    حملة سناب شات "المملكة بالواقع المعزّز" تستقطب 10 ملايين شخص    فشل كل المحاولات لوقف النار في غزة    روسيا وأوكرانيا.. تصعيد حرب البنى التحتية ومحطات النفط    الأحمر أول المتأهلين    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    صدور الموافقة السامية على تشكيل مجلس إدارة الهيئة السعودية للملكية الفكرية    الأخضر السعودي يتغلّب على اليمن بثلاثية في كأس خليجي 26    وزراء خارجية الخليج يناقشون تطورات سورية ولبنان غداً    افتتاح فرع هيئة الصحفيين في جدة والساعد مديرًا له    هيئة المسرح والفنون الأدائية تطرح رخصها على منصة "أبدع"    الاتحاد السعودي للهجن يكشف تفاصيل البرنامج الزمني لمهرجان خادم الخرمين الشريفين 2025    عبر منصّة «أبشر».. «الداخلية» تعلن تجاوز الهويات الرقمية 28 مليوناً    الراجحي يشارك اجتماع وزراء التنمية الاجتماعية العرب    اللهيبي: النظام يوحّد ويجوّد منظومة الدعم الفني    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالدفاع المدني    أمير الشرقية : الدكتور عبداللّه الربيش قدم جهوداً مميزة ومقدره    بالمسيرات والمدفعية.. مواجهات دامية بين قوات الجيش والدعم السريع    تركي آل الشيخ يتصدر أكثر الشخصيات تأثيراً في عالم الملاكمة لعام 2024    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    تنفيذ حكم القتل قصاصاً بإحدى الجانيات في منطقة الرياض    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    "السويلم" يدعم مستشفى البكيرية العام لتأمين عددًا من الأجهزة الطبية    وزير الطاقة يزور عدة مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة في المدينة الصناعة بالرياض    «تقييم الحوادث»: قوات التحالف لم تستهدف «مستشفى باقم» ولا «اليتمة» ولا مدنيين    وزير التعليم يُدشِّن أول مدرسة حكومية متخصصة في التقنية للموهوبين    صحيفة الرأي الالكترونية توقّع شراكة مع جمعية يُسر بمكة لدعم العمل التنموي    بأكثر من 12.6 مليار ريال.. أمير جازان يُدشِّن ويضع حجر الأساس ل 552 مشروعًا    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل في المنطقة    الإسعاف الجوي بنجران ينقل مصابا في حادث انقلاب    السعودية وقطر تعقدان الاجتماع الثاني للجنة التنسيق الأمنية والعسكرية    الأمير عبد العزيز بن سعود يكرم مجموعة stc الممكن الرقمي لمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي ومهرجان الملك عبدالعزيز للصقور    استشهاد فلسطيني متأثراً بإصابته في قصف إسرائيلي شمال الضفة الغربية    وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تواصل رفع الوعي بتعديلات مواد نظام العمل    "التخصصي" يتوج بجائزة التميز العالمي في إدارة المشاريع في مجال التقنية    "سعود الطبية" تعقد ورشة عمل تدريبية عن التدريب الواعي    الإحصاء: ارتفاع مساحة المحميات البرية والبحرية في المملكة لعام 2023    اتركوا النقد وادعموا المنتخب    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    إعلان استضافة السعودية «خليجي 27».. غداً    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    الدوري قاهرهم    «عزوة» الحي !    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في تونس ... أنا أيضاً أحرقت مركز الشرطة!
نشر في الحياة يوم 28 - 04 - 2014

دفع أبناء المناطق الداخلية في تونس خلال ثورة 14 (يناير) 2011 أرواحهم ثمناً للحرية وواجهوا عدواً واحداً وواضحاً، حاولوا بوسائلهم البسيطة كسر جبروته، هو «بوليس الرئيس السابق بن علي». اضطر الشبان الثائرون إلى إحراق مراكز الشرطة (المخافر) آنذاك حتى يرهبوا رجال أمن بن علي الذي كان يطلق الرصاص الحي في صدورهم. وبالفعل أحرقت آنذاك عشرات مراكز الشرطة في غمرة الاحتجاجات الشعبية، وسجن أيضاً عشرات الشبان بتهمة الاعتداء على «مؤسسات عمومية». وعلى رغم أن هذا الاعتداء كان في إطار مجريات أحداث الثورة،إلا أن غالبية المتهمين ما زالوا يقبعون حتى الآن في السجون ويواجهون عقوبات قاسية جداً.
وما اعتبره تونسيون ثورة ضد النظام البوليسي، اعتبره القضاء التونسي «جريمة يعاقب عليها القانون». والإشكال هنا هو أن القضاء يحاكم مواطنين ساهموا في إسقاط نظام دكتاتوري باعتماد القوانين نفسها التي أرساها هذا النظام. وهذه الرغبة في تنفيذ أحكام قوانين بن علي ضد أبناء الثورة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن هناك أيدي خفية تسعى لحماية مخلفات النظام وتنظر لشبان انتفضوا ضده كشذرات حرية وثورة يجب كبتها وإخراسها نهائياً حتى لا تعيد الكرة.
ويفترض أن ينظر القضاء التونسي قريباً في تهم موجهة إلى أبناء مدينة المكناسي من ولاية سيدي بوزيد والمتمثلة في الاحتجاج وتنظيم الاعتصامات إثر استشهاد السياسي محمد البراهمي بطلق ناري نفذه إرهابيون متشددون دينياً سنة 2013. صفوان البوعزيزي وبلال العماري على قائمة المتهمين، وهم من أشعل فتيل ثورة «14 جانفي» (14 يناير) وقادوا التحركات الشعبية في مدينة سيدي بوزيد. مشاركتهم في الثورة لم تشفع لهم، أو ربما هي سبب إضافي لسجنهم، خصوصا بعد تبرئة المحكمة العسكرية وزير داخلية بن علي وأتباعه أخيراً في قضايا «استعمال العنف ضد التونسيين أثناء الثورة».
عفو عام لتجار المخدرات وثوار خلف القضبان!
هل هو الثأر من الثورة؟ ومن وراء هذه الحملة لإطفاء جذوتها؟ ومن المستفيد من سجن خيرة أبنائها؟ أسئلة لا إجابة عليها لمن يسعى لفك رموز ما يحصل في تونس الآن ومعرفة أسباب هذه الرغبة المستميتة في تطبيق قوانين بن علي ضد شبان لم تكن نياتهم إجرامية، بل ثورية بحتة. وفي حين يطلق رئيس الجمهورية الحقوقي المنصف المرزوقي سراح المجرمين وتجار المخدرات تباعاً، في إطار عفو عام، لا يعير مسجوني الثورة أي لفتة أو اهتمام، وهو ما أثار ضده غضباً شعبياً وطرح التساؤلات حول من يحكم تونس حقاً؟ هل هي الحكومات المنتخبة أم هي حكومة «ظل» تسعى لكبت أي نفس ثوري حتى لا تتكرر الاحتجاجات ولا تكون مصالح المتنفذين السابقين تحت التهديد؟
ولأن التساؤلات لم تلق أي إجابات مقنعة، قرر بعض شباب مدن بوزيان والمكناسي وجلمة، وهي مدن تابعة لمحافظة سيدي بوزيد، تنظيم حملة دعم لرفاقهم في السجون قبل أن تبدأ المحاكمات. وقد أطلق بعض الناشطين على المواقع الاجتماعية حملة واسعة تحت اسم «أنا أيضا أحرقت مركز الشرطة». وستلي هذا الحملة التي تستمد قوتها من شرعية الفعل الثوري وبراءة المسجونين من نية «الإجرام»، تظاهرات ومسيرات أمام مقار المحكمة وإضراب عن الطعام، حتى إن بعض المشاركين في هذه الحملة هددوا بإعادة «حرق مراكز الشرطة» في حال صدور أحكام جائرة ضد المتهمين. ووفقاً لهم، فإن الظلم الموجه ضد أبنائهم هو نتيجة حتمية للمصالحة السياسية التي قامت بها الأحزاب السياسية في تونس مع أنصار حزب بن علي المنحل، ما مكّنهم من العودة بسهولة للحياة السياسية وتكوين أحزاب والتشدق بانتمائهم إلى النظام السابق وبراءتهم من الجرائم المرتكبة في عهده. هذا التصالح السياسي نتج منه خلط في الأوراق السياسية، خصوصاً أن فئات شعبية كبيرة تدعم عودة «التجمعيين» وتعلن «علناً» سخطها على الثورة والثوار بسبب ما اعتبروه «عجز حكومات ما بعد الثورة على حفظ الاستقرار الأمني والاقتصادي».
مدينة بوزيان ليست الوحيدة التي تستنكر وترفض ظلماً سُلِّط على أبنائها، ثائرون آخرون خبروا الهجرة واللجوء السياسي هرباً من أحكام جائرة تهددهم. جريح الثورة جهاد مبروك يقيم الآن في المغرب بعد أن حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر لانتقاده رمزا من رموز النظام السابق. محمد سلامة وصابر المرايحي وصلاح الدين الكشك شاركوا في الثورة وينتظرون الحكم في تهم وجهت إليهم بالشغب والمشاركة في احتجاجات والاعتداء على مؤسسات عمومية. وفي مدينة منزل شاكر في محافظة صفاقس يواجه أحد عشر شاباً تهمة التشهير بمسؤول سابق في نظام بن علي... إضافة إلى عدد كبير من الشبان الموقوفين بتهمة الوقوف وراء أعمال شغب إثر اغتيال كل من الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وما يثير الانتباه، إضافة إلى سرعة القضاء في إصدار أقصى العقوبات ضد أبناء الثورة وتجاهل الحكومة ورئيس الجمهورية لعدالة قضايا الثورة ومفجريها، هو إعراض غالبية مستعملي المواقع الاجتماعية عن المشاركة في حملات المساندة. شباب الثورة في تونس يجدون اليوم أنفسهم في عزلة تامة فيما السياسيون منكبون على التحضير للانتخابات القادمة والمواطنون مشغولون بالأزمة الاقتصادية التي تخنق البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.