تصاعدت الاتهامات بين شريكي الحكم السوداني على رغم استمرار محادثات لتسوية القضايا العالقة المرتبطة بالاستفتاء على تقرير مصير جنوب البلاد المقرر بداية العام المقبل، إذ حمل مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع بشدة على شركائهم في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» ولفت الى أنها خرقت اتفاق السلام بتنكرها للوحدة، متهماً إياها بممارسة التهديد على الجنوبيين لفرض خيار الانفصال. وقال نافع في لقاء جماهيري في الخرطوم أن الحركة الشعبية «قالت إنها ستعطي الناس الحرية في التصويت في الاستفتاء، ولكن الواقع العملي يكذب هذا الادعاء، فهم يرحّلون الناس بالإغراء والترهيب إلى الجنوب لكسب أصواتهم لمصلحة الانفصال». وشدد على أن كل من يضع يده في يد من سماه العدو في قضية الانفصال سيعتبر فعله ذلك «خيانة عظمى». وحدد نافع خيارات أمام «الحركة الشعبية» لحل النزاع بين الشمال والجنوب على منطقة أبيي، وقال إنه ينبغي لها الموافقة على حل عادل ومُرض قبل الاستفتاء وقبل التسجيل، أو أن تتجاوز قضية أبيي إلى ما بعد الاستفتاء، أو أن تقبل بتأخير الاستفتاء كله حتى تحل القضية. لكن الأمين العام ل «الحركة الشعبية» وزير شؤون السلام في حكومة جنوب السودان باقان أموم اتهم حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم في الخرطوم بوضع عراقيل وصعوبات أمام تنفيذ اتفاق السلام وإجراء الاستفتاء الخاص بتقرير مصير جنوب السودان، في موعده المقرر في التاسع من كانون الثاني (يناير) المقبل. وقال أموم إن «الولاياتالمتحدة تتبنى بعض الاقتراحات لتجاوز تلك الصعوبات والعراقيل التي يضعها حزب المؤتمر الحاكم في السودان أمام اتفاق السلام وإجراء الاستفتاء في موعده المحدد». وفي هذا الإطار نقلت «فرانس برس» عن الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي إقرار الولاياتالمتحدة للمرة الأولى احتمال تعذر إجراء استفتاء في منطقة ابيي كما هو مقرر في التاسع من كانون الثاني المقبل، واقترح على الشمال والجنوب إيجاد «بديل». وقال كراولي: «نواصل تحميل الأطراف المسؤولية عن التزاماتهم (تنظيم) استفتاء في ابيي (...) إلا إذا توصلوا الى بديل يناسب الطرفين». وأضاف إن «تنظيم استفتاء في ابيي في الموعد المحدد لا يزال ممكناً نظرياً ولكن نعتبر انه يزداد صعوبة وتعتريه مشاكل». وأوضح: «أننا لا نعفي الأطراف من مسؤولياتهم»، مضيفاً: «يعود إليهم التوصل الى حل من أجل ابيي يناسب الجميع». وفي جنوب السودان انطلقت الحملات الدعائية لحض المواطنين على المشاركة في الاستفتاء، وطالب منبر الشباب من أجل الانفصال مواطني الجنوب المقيمين في الشمال بعدم التسجيل من هناك خشية ما سماه تزوير أصواتهم من قبل حزب «المؤتمر الوطني» لمصلحة الوحدة. وينتظر أن تكون بدأت في العاصمة النمسوية فيينا أمس اجتماعات بين شريكي الحكم «المؤتمر الوطني و «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، في إطار المساعي التي يبذلها المجتمع الدولي لتسوية الخلافات بين الطرفين قبل الاستفتاء. وقال وزير الخارجية السوداني علي كرتي الذي يترأس الوفد الحكومي إن المحادثات ستتناول قضايا ما بعد الاستفتاء. ودعا رئيس لجنة الحكماء رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي -الذي يقود فريق الوساطة- الطرفين إلى الإسراع بالاتفاق على حل الخلافات بينهما خلال خمسة أيام اعتباراً من الأحد الماضي. وأكد للصحافيين أن عقبات منطقة أبيي واستفتاء الجنوب وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، والمشورة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الأزرق، والعلاقة بين الشمال والجنوب عقب الاستفتاء «تمثل هماً لا بد من علاجه بين الطرفين». وسيطرح مبيكي اقتراحات لمعالجة تلك القضايا في حال فشل الطرفان في التوصل الى تفاهمات في شأنها. الى ذلك، حذّر مستشار الرئيس السوداني للشؤون الأمنية الفريق صلاح عبد اللّه من مُحاولات اختراق السودان بداية العام المقبل، وأشار الى أن الفترة المقبلة ستشهد محاولات إيجاد سُبل لاختراق البلاد والنَّيل من أمنها واستقرارها، ولفت إلى خطورة هذا التحدي. وقال في جلسة البرلمان أمس، إن أساليب الاختراق متعددة، بينها طرق ذكية أو المواجهة المباشرة. وقال إن نهاية العامين الحالي والمقبل تشكل مرحلة حرجة للبلاد، إذ ستكون التحديات عظيمة، وأشار الى وجود جهات تحاول منذ زمن طويل اختراق السودان، لافتاً أن الأجواء والافرازات التي ربما تصاحب الاستفتاء ستؤدي الى تفاعلات تحتاج إلى استعدادات بدرجة كبيرة. كما حذرت الحكومة السودانية الجنوبيين الموجودين في الدول الأوروبية من مغبة الوقوع في ما أسمته بالإغراءات التي تقدمها شبكات إسرائيلية متخصصة في تهريب البشر إلى إسرائيل. وقال معتمد اللاجئين محمد الأغبش أمس إن «لإسرائيل مصلحة استراتيجية في تعطيل الاستفتاء، وعلى الجنوبيين التنبه لذلك»، مؤكداً أن الشبكات المشار إليها تديرها منظمات يهودية تهدف إلى عرقلة الاستفتاء لأبناء الجنوب. وطالب الأغبش جميع الجنوبيين الموجودين في دول المهجر أن يمارسوا الحق الذي كفله لهم اتفاق السلام في التسجيل والتصويت لحق تقرير المصير عبر الاستفتاء. وأضاف إن إسرائيل تحاول قدر الإمكان أن تجد لها موطئ قدم في الشأن الجنوبي لبسط أجندتها، وذلك عبر استهدافها للمواطن وتهجيره إليها بدعاوى توفير فرص العمل والإقامة. ويقدر عدد السودانيين الذين تسللوا الى إسرائيل عبر الأراضي المصرية نحو ستة آلاف غالبيتهم من جنوب السودان ودارفور.