حذرت منظمة العفو الدولية من اعتماد قوات الأمن التونسية على الأساليب القمعية التي كانت معهودة في الماضي في اطار مكافحة الإرهاب، وذلك بسبب إجراءات أمنية تتخذها السلطات التونسية لمكافحة الإرهاب وتفكيك خلايا تكفيرية تنشط في البلاد منذ ثورة كانون الثاني (يناير) 2011. وذكرت المنظمة الحقوقية الدولية في تقرير أصدرته أمس، إن «طريق تونس إلى الإصلاح مهدد نتيجة اعتماد قوات الأمن التونسية على أساليب قمعية كانت معهودة في الماضي بما في ذلك التعذيب والاحتجاز التعسفي والقيود على سفر المشتبه بهم فضلاً عن مضايقة أفراد أسرهم». وأشارت منظمة العفو الدولية في تقريرها الأخير الذي حمل عنوان: «نريد نهاية للخوف: انتهاكات حقوق الإنسان في سياق حالة الطوارئ»، إلى ممارسة أشكال من التعذيب والاعتقالات التعسفية وعمليات دهم ليلية من دون إذن قضائي وأوامر تعسفية بالإقامة الجبرية وقيود على تحركات المشتبه بهم ومضايقة أقربائهم، واعتبرت ذلك «مؤشراً إلى ارتفاع مقلق لاستخدام أساليب قمعية ضد المشبوهين في قضايا ارهاب». وتواجه تونس مجموعات مسلحة نفذت هجمات أسفرت عن مقتل عشرات التونسيين والأجانب، واتخذت السلطات مجموعة اجراءات امنية من بينها فرض حال الطوارئ السارية في البلاد منذ التفجير الانتحاري الذي استهدف حافلة للحرس الرئاسي في العاصمة التونسية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 وأدى إلى مقتل 12 عنصراً. ويمنح قانون الطوارئ في تونس السلطات حظر تجول الأفراد والمركبات ومنع الاضرابات والتظاهرات وفرض الإقامة الجبرية وحظر الاجتماعات، وتفتيش المحلات ليلاً ونهاراً ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية من دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء. وشدد تقرير منظمة العفو الدولية على أن «بعض الحقوق على غرار حظر التعذيب لا يمكن تعليقها تحت أي ظرف من الظروف»، مضيفة أن «منح حرية للهيئات المكلفة بالأمن لكي تتصرف كما لو أنها فوق القانون لن يتيح ضمان الأمن» وفق مديرة أبحاث شمال افريقيا في المنظمة هبة مرايف. وفرضت تونس أوامر بحظر السفر على ما لا يقل عن 5 آلاف شخص، اضافة إلى وضع ما لا يقل عن 138 شخصاً رهن الإقامة الجبرية. وتبرر السلطات التونسية هذه الإجراءات بالسعي نحو منع آلاف التونسيين من الانضمام إلى الجماعات المسلحة التي تقاتل ببؤر التوتر في سورية والعراق وليبيا ومالي. يُذكر أن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي صرح سابقاً أن «عدد الإرهابيين التونسيين المنتسبين إلى جماعات إرهابية فى سورية وليبيا والعراق يقدر ب 2926 إرهابياً»، لافتاً إلى أن سلطات بلاده تعرف كل كبيرة وصغيرة عن عدد التونسيين الملتحقين ببؤر التوتر للقتال ضمن مجموعات إرهابية وتوزعهم على البلدان. وقال وزير العدل التونسي غازي الجريبي إن «160 عنصراً من العادئين من ساحات القتال في سورية والعراق وليبيا والمرتبطين بقضايا ارهابية يقبعون حالياً في السجون التونسية وذلك من بين 1647 موقوفاً تتعلق بهم تهم ذات صبغة ارهابية». ودعت هبة مرايف السلطات التونسية إلى «التصدي للتهديدات الأمنية وحماية السكان من الهجمات المميتة مع احترام ضمانات حماية حقوق الإنسان المنصوص عليها في الدستور التونسي وفي القانون الدولي»، مطالبةً السلطات بمحاسبة قوات الأمن التي تنتهك حقوق الإنسان. وأوضحت مديرة أبحاث شمال أفريقيا في المنظمة: «يجب على الحكومة التونسية أن تضمن أن الأساليب المستخدمة في التصدي للتهديدات الأمنية لا تنتهك مبدأ حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، ولا تفرض قيوداً تعسفية أو غير قانونية أو غير متناسبة أو تتسم بالتمييز ضد حق الأفراد في الحرية والتنقل والخصوصية والحياة الأسرية والعمل».