منيت الجهود الأميركية والعربية لإقناع إسرائيل بتجميد البناء في المستوطنات لأشهر أخرى لإتاحة استئناف المفاوضات بينها وبين السلطة الفلسطينية بانتكاسة جديدة غداة الكشف عن قيام «لجنة التخطيط اللوائية» في القدسالمحتلة بنشر عطاءات جديدة لبناء 930 وحدة سكنية جديدة في الحي الاستيطاني «هار حوماه» (جبل أبو غنيم) المقامة على أراضي القدس العربية (جنوباً). ويأتي النشر لإتاحة تقديم اعتراضات على مخطط البناء وهو إجراء شكلي يمهد للشروع في أعمال البناء بعد أشهر قليلة. وذكرت وسائل الإعلام العبرية أن المخطط الجديد المسمى «هار حاوما ج» تم إقراره قبل عامين ويشمل بناء 930 وحدة سكنية استيطانية. كذلك تضمن النشر عطاء جديداً لتوسيع حي «هار حوما ب» ويشمل 48 وحدة. يشار إلى أن هذه المستوطنة أقيمت خلال الولاية الأولى لرئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي بنيامين نتانياهو، أواخر تسعينات القرن الماضي وأثار بناؤها في حينه أزمة مع الإدارة الأميركية. وفي موازاة ذلك تم نشر عطاء آخر نهاية الأسبوع الماضي لبناء 320 وحدة استيطانية جديدة في منطقة راموت شرق القدسالمحتلة. وجاء الكشف عن العروض الجديدة بعد ساعات من لقاء نتانياهو في الولاياتالمتحدة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن وتذرع نتانياهو بصعوبات داخل ائتلافه الحكومي تحول دون قبول العرض الأميركي بتجميد البناء في المستوطنات، مدعياً أن «إسرائيل قامت بما يكفي من خطوات لتأكيد جديتها في المفاوضات مع الفلسطينيين، فيما الأخيرون لم يقوموا بخطوة واحدة بل أن تصريحاتهم واشتراطاتهم وحججهم تضع جديتهم موضع الشك». وذكرت وسائل الإعلام العبرية أن نتانياهو أبلغ نائب الرئيس الأميركي أن إسرائيل ترفض أن يفرض عليها أي حل «من فوق» للصراع مع الفلسطينيين. وأضافت أن نتانياهو أبلغه أيضاً رفض إسرائيل أي إعلان فلسطيني أحادي الجانب باستقلال فلسطين وأن «أي حل يجب أن يقبل به الطرفان» مضيفاً أن تل أبيب ترغب في رؤية دول عربية أخرى تشارك في عملية السلام «ما من شأنه أن يمنح إسرائيل مزيداً من الثقة ويشكل تعزيزاً للجهود السياسية، ولتشعر إسرائيل بالفائدة الحقيقية لاتفاقات السلام سواء في الاقتصاد أو في فتح المجال الجوي في الشرق الأوسط أمام طائراتها التجارية». ولم يعرف بعد ما إذا كان نتانياهو أطلع بايدن على المشروع الاستيطاني الجديد علماً بأنه في المرة الماضية التي التقيا فيها، في آذار (مارس) الماضي في القدسالمحتلة، حملت معها «مفاجأة» بإعلان إسرائيل نيتها بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة رمات شلومو في القدسالمحتلة ما أثار غضب بايدن وهدد بأزمة مع واشنطن. وعقبت جمعية «نير عميم» الإسرائيلية المناهضة للاستيطان في تعقيب على نشر العطاءات بالقول إن «إسرائيل تواصل على قدم وساق إملاءاتها في القدس لفرض واقع دراماتيكي سيثقل في شكل جدي على أي حل سياسي واقعي في المستقبل». وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات، في حديث إلى الإذاعة العسكرية الإسرائيلية أمس وقبل النشر عن العطاءات، إنه في حال اختارت إسرائيل مواصلة البناء الاستيطاني وفضلته على السلام فإن الفلسطينيين سيطالبون الأميركيين بالاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967 تعيش بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل، «وفي حال لم يستطع الأميركيون فعل ذلك فربما نتوجه إلى مجلس الأمن الدولي». وأضاف مستدركاً: «صحيح أن المجلس لا يستطيع الاعتراف بنا كدولة لكن الدول الأعضاء دائمة العضوية في المجلس ستؤيد الطلب وباستطاعتها أن تدعو دولاً أخرى إلى الاعتراف بدولة فلسطينية» ولفت الى «خيار ثالث هو التوجه إلى الجمعية العمومية التي تملك صلاحية الاعتراف بنا كدولة، وهناك خيارات اخرى». وأضاف أن السلطة الفلسطينية التي أقيمت عام 1993 في أعقاب اتفاقات اوسلو «لم تعد قائمة اليوم بعد ان جردتها إسرائيل من صلاحياتها القانونية والاقتصادية والسياسية والأمنية». زاد: «الإسرائيليون موجودون داخل مدننا لكنهم مخطئون إذا ظنوا أن لهم كل الصلاحيات من دون واجبات ومسؤولية تترتب على أية دولة احتلال». وتابع مستدركاً: «لا أقول إن إسرائيل تعمدت تفكيك السلطة الفلسطينية، لكنها عملياً فككتها». واعتبر عريقات أن الفلسطينيين أخطأوا حين اعترفوا بإسرائيل من دون تحديد حدود هذه الدولة. وقال: «الأمم تبدأ وتنتهي بالحدود. اللغة والشرطة وشركات الطيران، كلها تدار داخل حدود. عندما سألنا عن أي حدود يجب أن نعترف، قالوا لنا فقط اعترفوا بدولة إسرائيل، وهنا المشكلة لأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة من دون حدود معرّفة وتقوم بتوسيعها من خلال الاستيطان، إنهم يعتقدون أنه بمقدورهم صنع السلام من خلال ترسيم الحدود كيفما يشاؤون، وهذه المشكلة الكبرى في عملية السلام».