كل يوم ومع انطلاق موعد زيارة المرضى في مستشفى الملك فيصل في محافظة الطائف، تتحوّل الغرفة التي ترقد بين جدرانها المريضة أم ماجد إلى بكاء وعويل من أبنائها الستة لا ينقطع صداهما من أروقة المستشفى إلا بعد انقضاء موعد الزيارة. ولم يجد أولئك الأيتام الذين فقدوا والدهم قبل ثلاث سنوات، طريقة لمشاطرة والدتهم الألم والتخفيف من أوجاعها سوى البكاء المتواصل على حالها الصحية، التي تسير يوماً بعد آخر إلى مصير مجهول، لاسيما بعد أن اعتذرت مستشفيات عدة عن عدم استقبالها. وكانت أم ماجد أدخلت المستشفى بسبب نزف داخلي، وعقب إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، أكد الأطباء إصابتها ب«غرغرينا» في الأمعاء الدقيقة، موضحين أنه ليس هناك علاج ناجع سوى الاستئصال. لم تتردد المرأة البائسة لحظة واحدة، فاتخذت قرارها على الفور، ووافقت على إجراء الجراحة، علها تعود إلى سابق عهدها مع الصحة والحيوية، وتستعيد بسمة سرقها الزمن من شفاه أطفالها، الذين ما زالوا يعيشون حياة يغشاها سواد يرقب فجر جديد ليزيحه، ومع ذلك لم تنته فصول الحزن بعد. ويقول أبو محمد وهو أحد أقاربها: «لا تزال أم ماجد في العقد الثالث من العمر، بيد أن المرض عكر صفو شبابها وألزمها السرير الأبيض منذ نحو ثلاثة أسابيع جراء إصابتها بغرغرينا في الأمعاء الدقيقة»، مشيراً إلى أنه تم استئصال الأمعاء المصابة بعد إجراء جراحة. ويضيف: «جراحة استئصال الأمعاء لم تنه معاناة أم ماجد، فمن الضرورة بمكان زراعة أمعاء جديدة حتى تسترد كامل عافيتها»، مؤكداً أنه لا شفاء تام من دون الزراعة، وإلا فإن الوضع الصحي لأم ماجد سيظل سيئاً. وتتطلع المطلقة المريضة إلى بارقة أمل تلوح في الأفق وتضع حداً لمعاناتها. ويتابع أبو محمد: «خاطبنا مستشفيات عدة في الرياضوجدة، وفوجئنا وصدمنا باعتذارها عن عدم إجراء الجراحة، ما دفعنا إلى توجيه أنظارنا إلى المستشفيات خارج البلاد، لعلنا نعثر على خيط النجاة وإنقاذها من الوضع المأسوي الذي تعيشه»، لافتاً إلى أنهم تلقوا موافقة مستشفى في الولاياتالمتحدة الأميركية على إمكان زراعة الأمعاء، إلا أنهم ذكروا أن كلفة الجراحة ستصل إلى نحو نصف مليون ريال. لم تتوقع أم ماجد أن تصل الكلفة لهذا المبلغ الكبير، ما جعلها تدخل في دوامة من الحزن والألم النفسي، ليس بسبب وضعها الصحي فحسب، بل من أجل أطفالها الذين انعكست حالها الصحية على حاضرهم وربما تهديد مستقبلهم أيضاً. وتتمنى أم ماجد من فاعلي الخير والباحثين عن الأجر الوقوف معها في مصابها الجلل ومساعدتها، وذلك بعلاجها والتكفل بكلفة زراعة الأمعاء، خصوصاً أن لا دخل لها سوى مساعدة الضمان الاجتماعي التي لا تكاد تفي بحاجات أطفالها.